محمد السحيمي
تتنوع الدراما،بتنوع الوسائل التي تعتمدها،في توصيل رسالتها: فهناك الدراما الإذاعية المعتمدة على الحوار الكلامي،بشكل أساسي؛لأنها تخاطب نافذةً عقليةً واحدة في المتلقي،هي:حاسَّة السمع!وهناك الدراما المرئية(السينمائية/التلفزيونية) التي تعتمد أساساً على الصورة،وتخاطب المتلقي من عدة نوافذ،أكبرها البصر!وهنا تحضرquot;ثقافة الصورةquot;،حيث يتخلص الحوار من كمية كبيرة من الكلام،فالصورة أبلغ من أية ثرثرة!
مقدمة لاداعي لها، لو كنت تخاطبquot;الخواجاتquot;،الذين تحركهم ثقافة الدراماquot;الهوليوديةquot; باحترافية، لن نبلغها في عالمنا العربي،مادامت ثقافة الكلام،هي السائدة،والمتحكمة في إعداد السيناريو، لأي فيلمٍ أو مسلسل، أو حتى برنامجٍ وثائقي!
وللمقارنة، نعرض مشهداً يتكرركثيراً، هو:quot;امرأة تفاجأ بسقوط زوجها أمام عينيها، جراء سكتةٍ قلبيةquot;!يتم تنفيذ هذا المشهد عندهم،في أقل من دقيقة:تركز الكاميرا على وجه المرأة وهي تقول: oh,my god!، ثم لقطة لزوجها في العناية المركزة، ولقطة أخرى لهاـ دون كلام ـ وهي تترقب في غرفة الانتظار!
أما عندنا: فستصرخ المرأة بأعلى صوتها: يالهوتييييي! وتظل تهز زوجها: إيه مالك ياسبعي؟ رُدَّ عليَّه ياخويه! ثم تنتقل إلى سلم العمارة، بقميص النوم؛ ويتجمهر الجيران، وهيquot;تصوَّتquot;: الحقوني ياناس، جوزي حيموت بين إيدية! وتسرد قصة حياتها، بينمايصعد الجيران كل درجات السلم، ثم يقتحمون الشقة، والنسوان تصوَّت، والرجال: بالراحة يااسطى عربي!هات بصلة ولا كلونيا بسرعة يالااااه! وحين لاتجدي إسعافاتهم الأولية،يصوَّت أحدهم:حد يطلب الإسعاف ياخوانَّا!ويأتي الإسعاف ـ بعد عدة مكالمات من تلفون البقالة ـ عابراً كل زحام البلد،وquot;الوِلِيَّةquot; مازالت تصوَّت، ثم يصعد المسعفون كل سلالم العمارة، ويقتحمون الشقة، ثم ينزلون، وتصاحبهم الولية، التي مازالت تصوَّت: ياسبعي ياجملي، ماكنش يومك ياخوية، ثم في المستشفى....من يكمل منكم، فلديه مناعةٌ قوية ضد الضوضاء والقرف!
التعليقات