ما وراء أكمة ldquo;النصائحrdquo;

سعد محيو

ldquo;النصائحrdquo; التي وجهتها واشنطن مؤخراً، عبر الأستاذ الجامعي الأمريكي مارك لينش، إلى المرشد العام لrdquo;الإخوان المسلمينrdquo;، لا تزال تثير الكثير من الأسئلة والقليل من الإجابات:

لماذا اختارت الإدارة الأمريكية هذه الطريقة العلنية لدعوة هذه الجماعة الإسلامية، التي تعتبر الأكبر في المنطقة والشرق الأوسط، إلى الحوار؟ ولماذا يلتزم ldquo;الإخوانrdquo; الصمت إزاءها؟ ثم: إلام يمكن أن تؤدي هذه المبادرة في إطار العلاقات (المتأزمة أصلاً) بين النظام المصري وبين الإخوان؟

سنأتي إلى هذه الأسئلة بعد قليل. قبل ذلك، تذكير بأهم ما قاله لينش في مقالته في ldquo;فورين بوليسيrdquo; ثم بعد ذلك في المقابلة الخاصة التي أجراها معه موقع ldquo;تقرير واشنطنrdquo; الرسمي الأمريكي:

1- نصح الكاتب المرشد بالوضوح وضرورة الابتعاد عن الغموض في ما يتعلق بمعالم السياسة الخارجية للإخوان المسلمين وموقفهم من هجمات ldquo;حماسrdquo; على ldquo;إسرائيلrdquo;. كما لفت انتباهه إلى ما يجمع بين جماعته والولايات المتحدة من أهداف تتمحور حول نشر الديمقراطية ومكافحة الحركات المتطرفة الإسلامية.

2- دعاه إلى التحدث عن/ومع الولايات المتحدة باللغة العربية، حيث يركز الأمريكيون أكثر على ما تقوله باللغة العربية. وأكد الكاتب ضرورة عدم وقوع الإخوان في فخ يظهرها كمن يدير ظهره للعملية الديمقراطية ldquo;كما يريد البعض في الولايات المتحدةrdquo;. وتجربة نجاح حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية وعدم اعتراف الغرب بها، لا يجب أن تكون ذريعة لرفض العملية الديمقراطية السلمية.

3- تطبيق الديمقراطية داخل جماعة الإخوان المسلمين، والسماح بهامش أكبر من الحريات، وتشجيع جيل الشباب داخل الجماعة على التعبير الحر عن آرائهم.

هذا كان في المقال. أما في المقابلة فقد شدد الأستاذ الجامعي على أن ldquo;الكثيرين في واشنطن مهتمون بقدرة الإخوان المسلمين على أن تصبح قوة إسلامية معتدلة لسببين، أولهما محاربة الحركات الراديكالية المتطرفة، ثانيهما أنها تمثل أكبر حزب معارض لا يمكن تجاهله في وجود ديمقراطية حقيقية. وذلك على الرغم من أن الكثير من الخبراء في واشنطن مستمرون في رؤية جماعة الإخوان المسلمين كجماعة تساند الإرهاب أو تتعاطف معه. لذلك ستلقى هذه النظرية كثيرا من المقاومةrdquo;.

نعود الآن إلى أسئلتنا الأولى لنقول سريعاً إن هذه ldquo;النصائحrdquo; ليست كذلك. إنها في الواقع شروط، وشروط قاسية أيضاً. فهي تطالب ldquo;الإخوانrdquo; بموقف واضح ضد فرعهم في فلسطين ldquo;حماسrdquo;، إضافة إلى موقف أكثر وضوحاً إلى جانب واشنطن في مجال سياساتهم الخارجية تحت شعار ldquo;التنسيق المشترك ضد التطرفrdquo;. كما هي تدعو إلى تغييرات في بنية وتركيبة التنظيم الداخليةrdquo;، ldquo;عبر تشجيع الشباب داخل الجماعة على التعبير الحر عن آرائهمrdquo;.

هل ldquo;الإخوانrdquo; قادرون على تحقيق هذه الشروط؟

فلننتظر. لنرى لكن الطرف الآخر المعني في مصر (السلطة) قد لا ينتظر. إذ إنه سيعتبر الحوار المحتمل خطراً، وقد يقوم بردود فعل قوية. وإذا ما حدث ذلك، ستكون الأجواء مهيأة لصدام كبير في أرض الكنانة، خاصة إذا ما شعر ldquo;الإخوانrdquo; بأن الوعود المعطاة لهم من واشنطن جديّة.

هل ثمة ضرورة للتساؤل عن المستفيد الأول من صدام كهذا؟

لن نجيب نحن. سندع مارك لينش نفسه يجيب.

حين قيل له إن نسبة العداء للولايات المتحدة مرتفعة للغاية في مصر، فلماذا تطلبون من مرشد جماعة الإخوان المسلمين أن يخاطر بأنصاره في مصر وخارجها إذا ما تحاور مع الإدارة الأمريكية، لم يرد لينش بوضوح (برغم اعتباره السؤال جيداً) بل اكتفى بالقول: ldquo;إذا ما كان الإخوان المسلمون يستطيعون إقناع الولايات المتحدة بالالتزام بالعملية الديمقراطية ومحاربة التطرف، يمكن لها أن تمنع التعرض لهمrdquo;.

الجواب واضح جداً.