حسن أبوطالب
بعد عودة عمرو موسي خالي الوفاض من رحلته الأخيرة إلي بيروت وتأجيل جلسة انتخاب رئيس لبناني جديد إلي الحادي عشر من مارس المقبلrlm;,rlm; واستمرار الخلافات اللبنانية حول تشكيل الحكومة ونصيب كل طرف فيهاrlm;,rlm; يطرح السؤال نفسهrlm;,rlm; ماذا عن مصير قمة دمشق الذي أصبح وثيق الصلة بما يجري في لبنان؟rlm;.rlm; وهو سؤال بات من الصعب تجاهلهrlm;,rlm; أو اعتباره أمرا افتراضياrlm;,rlm; لاسيما في ضوء تبلور مواقف عربية محددة وذات ثقل تربط بين ما يجري في لبنان وما قد يحدث لقمة دمشق سواء ما يتعلق بمستوي أو حجم الحضور أو طبيعة القرارات الممكن توقعهاrlm;,rlm; فضلا عن قيمتها السياسية والمعنويةrlm;,rlm; وعلاقتها الفعلية بتعزيز العمل العربي المشترك وبناء حالة تضامن وتنسيق إزاء العديد من الملفات الساخنة بالفعل أو القابلة لمزيد من السخونة في القريب العاجلrlm;.rlm;
هذا الجدل حول قيمة القمة العربية قبل ان تعقد معروف وسبق حدوثه في حالات كثيرة سابقةrlm;,rlm; وهو الأمر الذي كان وراء فكرة تنظيم عقد القمم العربية بصورة دورية محددة سلفا في المكان والزمانrlm;,rlm; وبما يتيح للقادة العرب مساحة للفعل المبرمج والمخطط من اجل دفع التعاون العربي في المجالات المختلفةrlm;.rlm; غير أن حالة الجدل حول قمة دمشق المقبلة يعني أن المسألة ليست في وجود جدول محدد لعقد القمم الدوريةrlm;,rlm; وإنما في الطريقة التي تعد بها وتدار مثل هذه القممrlm;,rlm; وفي حجم الشعور بالمسئولية الذي ينتاب الدولة المضيفة إزاء حدث مهم وكبير يتمثل في استضافةrlm;22rlm; قائدا عربياrlm;,rlm; وتوفير فرصة حقيقية لهم من أجل التشاور البناء والتفاعل الخلاق فيما بينهم من اجل شعوبهم وأمتهمrlm;,rlm; ومن أجل حسم القضايا العربية الجماعية أو الثنائيةrlm;.rlm;
والواضح من حالات القمم الدورية السابقة أن وضع الدولة المضيفة يمثل عنصرا مهما في استقطاب أكبر عدد ممكن من القادة العرب من اجل المشاركة في القمةrlm;,rlm; أو في تنفيرهم وإغرائهم بعدم الحضور والمشاركةrlm;.rlm; وهو ما يترتب عليه حتما مدي قوة وفعالية القمة ونتائجهاrlm;.rlm; والفارق الأساسي هنا هو ان تعتبر الدولة المضيفة نفسها قائدا لجناح في مواجهة آخرrlm;,rlm; وان هدفها الأساسي هو تسجيل النقاط في مواجهة الخصوم او المنافسين او المختلفين معها في الرؤيةrlm;.rlm; ففي هذه الحالة تتحول القمة إلي ساحة صراع ومجابهةrlm;,rlm; وليس ميدانا لتعزيز التعاون والتنسيق المشتركrlm;.rlm;
إذا عدنا للسؤال المطروح بقوة الآن فسنجد هناك إجابتينrlm;,rlm; كل منهما تعكس طريقة في معالجة القمة المرتقبةrlm;,rlm; الأولي منها تطرحها دمشق وقوامها أن لا ارتباط بين ما يجري في لبنان ولاسيما انتخاب رئيسه الجديد وبين عقد القمة ذاتها في مكانها وزمانها المعروفين مسبقاrlm;,rlm; وأن القمة نفسها يمكن أن تكون مناسبة لبناء التضامن العربي المفقود ولحل الخلافات العربيةrlm;,rlm; ومن بينها أزمة لبنانrlm;.rlm; أو بعبارة أخري أن انتخاب رئيس لبناني أو عدم انتخابه لا يعد من بين العوامل المؤثرة علي عقد القمة أو درجة نجاحها المرتقبrlm;.rlm; فالمهم هو الالتزام بدورية القمة وليس في البيئة التي ستعقد في ظلها القمةrlm;.rlm; وفي السياق ذاته تبدو دمشق غير عابئة بمستوي الحضورrlm;,rlm; وفي ظنها إن تعذر شئ فتعقد القمة بمن حضر وفقا لما قيل في صحف سورية عديدةrlm;.rlm;
أما الطريقة الثانية فتري أن الأمر ليس بهذه البساطةrlm;,rlm; فأي قمة تسعي إلي إنجاح ذاتها بحاجة إلي تحضير أجواء مناسبة تعقد فيهاrlm;,rlm; عبر المشاورات مع الأطراف العربية المختلفة والتوصل إلي حلول وفاقية ووسطية لمجمل القضايا الحالة علي ان تسجل في وثائق تعكس روحا جماعية ومصالح مشتركةrlm;.rlm; وهنا تبرز مسئولية خاصة للدولة المضيفةrlm;,rlm; خاصة وإذا كانت علي علاقة مباشرة بملف شائك كالملف اللبنانيrlm;.rlm; وانه نظرا لوضع لبنان الخاص وكونه إلي حد ما مؤشرا علي حالة الاستقرار الإقليمي الراهن والمستقبلي معاrlm;,rlm; فإن قبول الفراغ الرئاسي لفترة أطول تمتد إلي ما بعد القمة سيعد مؤشرا خطيرا ربما اكتوت بناره دول عربية أخريrlm;.rlm; وبالتالي فإن تجهيز قمة دمشق لكي تكون ناجحة ومثمرة علي صعيد تعزيز التعاون العربي المشترك يتطلب إنهاء الملف الرئاسي اللبنانيrlm;,rlm; علي الأقل لضرورة أن يشارك لبنان في القمة ممثلا برئيس شرعي محل توافق داخليrlm;.rlm; وفي حالة استمرار الوضع اللبناني علي ما هو عليهrlm;,rlm; سيتعذر أن تكون القمة نفسها مجالا مناسبا لإخراج لبنان من أزمتهrlm;,rlm; بل ربما يتأثر وضع القمة ذاتها حتي قبل أن تعقدrlm;.rlm;
ووفقا لهذه الرؤية فإن عقد القمة ليس هدفا في حد ذاتهrlm;,rlm; بل هو وسيلة من اجل بلورة مواقف مشتركة ومصالح تعتمد علي بعضها البعضrlm;,rlm; وأنه من غير الجائز أن يصر طرف علي موقفه وان يطلب من أكثرية أن تؤيدهrlm;,rlm; رغم علمه بأن لديها وجهة نظر أخريrlm;.rlm;
وفيما بين هاتين الرؤيتين سوف يتحدد مصير قمة دمشق التي تبدو حتي اللحظة كسفينة تقاوم ريحا عاتية في وقت لا يقوم ربانها بالجهد المناسب لإنقاذ سفينتهrlm;.rlm; ووفقا لسوابق العمل العربي المشتركrlm;,rlm; ولاسيما في مناسبة القمم العربيةrlm;,rlm; فإن الدولة المضيفة تعد مسئولة بالدرجة الأكبر علي عقد القمة وتوفير الظروف الملائمة لإنجاحها علي الصعيدين السياسي والأمنيrlm;.rlm; والظروف المعنية ليست مجرد حسن الاستضافة للوفودrlm;,rlm; بل في القيام بالتواصل الفعال قبل القمة وأثنائها مع كل الأطراف العربية لتأكيد الروح الوفاقية وتأكيد قيمة العمل المشترك ودفعه إلي الأمامrlm;.rlm; وهو الأمر الذي كان سببا رئيسيا وراء العمل بصيغة القمم الدورية محددة المكان والزمان قبل عام كاملrlm;,rlm; وبما يتيح للدولة التي سيأتي عليها الدور ان تندمج اكثر واكثر في بناء صيغ التعاون العربي الجماعيrlm;,rlm; وان تكون عنصرا وفاقياrlm;,rlm; وليس مجرد طرف يسعي إلي استقطاب أطراف في مواجهة أخريrlm;.rlm;
ولاشك أن هناك العديد من القضايا العربية بحاجة إلي نوع من التوافق العربي علي كيفية معالجتهاrlm;,rlm; وهو ما لم يحدث حتي اللحظة التي تقل عن شهر واحد يسبقنا علي انعقاد القمةrlm;,rlm; وهي فترة زمنية محدودة مقارنة بحجم الجهد المطلوب للتوصل إلي صيغ عملية مناسبة تطرح علي القمة لنيل الموافقة عليهاrlm;.rlm; ولا شك أيضا أن أزمة لبنان وإن بدت معقدة ومتشابكة مع أزمات أخريrlm;,rlm; فإن التوصل فيها إلي حل وفاقي لا يبدو أمرا مستحيلا إن اجتمعت إرادة القادة اللبنانيين علي ذلكrlm;.rlm; فوفقا لمهمة عمرو موسي الأخيرة فإن ما يجري بحثه يتعلق بتشكيل الحكومة بعد أن اصبح انتخاب العماد ميشال سليمان موضع اتفاقrlm;.rlm; ولذلك فالخلاف القائم يدور حول نصيب كل طرف من الحقائب الوزارية والمبادئ التي ستحكم عمل هذه الحكومة بعد تشكيلهاrlm;.rlm;
وهنا يلاحظ المرء أن ما يجري الآن هو البحث في صيغة متكاملة تتجاوز مجرد انتخاب رئيسrlm;,rlm; وذلك تحت رعاية عربية مباشرةrlm;,rlm; وبما يجعل الجامعة العربية بمثابة ضامن لإنجاح وتفعيل هذه الصيغة حال التوصل إليها قبل القمة المقبلة التي سيكون عليها مباركتها وتأييدهاrlm;.rlm; ولكن يظل هناك مسئولية اكبر علي القادة اللبنانيين أنفسهم سواء في التوصل إلي هذه الصيغة أو في حسن تطبيقهاrlm;,rlm; وكلا الأمرين يتطلبان قدرا من الثقة المتبادلةrlm;,rlm; والتي تبدو غائبة وصعبة المنال حتي اللحظةrlm;.rlm; ولست من الذين يظنون أن انعقاد قمة دمشق أمر يمكن حدوثه وهناك أزمة في بلد جار مستمرة في غليانها وبلا أفق واضحrlm;.rlm; وبالقطع فإن الحديث عن نجاح مثل هذه القمة قبل وضوح الرؤية في لبنان بدءا من الرئيس ورئيس وزراء مكلف وخطوط عريضة لبرنامج حكومي تجاه عدد من القضايا المصيريةrlm;,rlm; سيعد ضربا من المستحيلrlm;,rlm; لاسيما إن قرر بعض القادة العرب الكبار عدم الذهاب إلي العاصمة السوريةrlm;.rlm;
التعليقات