فارس خشّان

يظن quot;حزب اللهquot; أنه في موقع القوة الشاملة في لبنان. يوحي بأنه ينتظر ساعة الصفر للتحرك الحاسم.
التدقيق بسلوكياته لا تسمح باستنتاجات أخرى، حتى بات جليا أنه تحوّل بإستراتيجيته، فما تدرّب عليه في مواجهة الصهاينة يستخدمه حاليا ضد اللبنانيين، بعدما حمى نفسه بنظرية quot;صهاينة الداخلquot;.
وعلى هذا الأساس أصبح quot;حزب اللهquot;، بلا منازع، حزب الشتيمة والتزوير، بعدما ثبت من أسرار الدولة أنه حزب سرقة إختصاصات الدولة ووظائفها وقطاعاتها الإنتاجية.
ما قام به هذا الحزب، منذ ضرب الجنون المخابرات السورية بفعل إقدام زهير محمد الصديق، بعيدا من ناظريها، على تغيير مكان إقامته، تخطى حدود الممكن. نوابه تحوّلوا الى مكبرات أصوات للشائعات التي تتفبرك في غرف الباسداران السرية أو في مخيّلات بعض المرضى النفسيين. وسائل إعلامه أصبحت منابر لفحيح الأفاعي.
المتابعون لهذه الوقائع، يجزمون بأن ما يقوم به quot;حزب اللهquot; خطر للغاية. الخطورة لا تتصل بمضمون ما يتم النطق به، إنما باعتبار هذه السلوكية الناطقة بمثابة أحد المحلقات التي تُترجم خطة كاملة تمّ وضعها. وثمة من يؤكد أن الملحق الإعلامي ـ الدعائي له أشقاء كثر كملحق شبكة الإتصالات وشبكة العقارات المبنية وغير المبنية وشبكة الميليشيات الصغيرة الموزعة في كل أرجاء لبنان خارقة كل الطوائف.
ماذا يمكن الاستشراف من سلوكية quot;حزب اللهquot; الدعائية؟
للإجابة عن هذا السؤال، لا بد من تفريعه الى أسئلة كثيرة وطرحها للنقاش، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا، لماذا يتبنّى الحزب ـ على الرغم من تحييده ـ جرائم الاغتيالات التي عرفها لبنان، منذ الاول من تشرين اول 2004 (محاولة اغتيال الوزير مروان حماده)؟ التبني لا يكون جنائيا دائما، إنما هو في الحالة الراهنة بمثابة إعلان التضرر من الوصول الى الحقيقة وبالتالي إظهار الحاجة الى الدفاع، بكل الطاقات المتوافرة، عن مجموعة لا تزال خاضعة للتحقيق.
ثانيا، لماذا يحوّل quot;حزب اللهquot; نفسه ومنابره الى مساحة هجوم على أهالي الضحايا والشهداء بالاستماتة في الدفاع عن فريق المشتبه بهم؟
ثالثا، لماذا يقبل quot;حزب اللهquot; ان يكون غطاء شاملا لشهود الزور على اختلاف انتماءاتهم ووظائفهم؟ أشقاء زهير محمد الصديق ليسوا في بلد حر، حتى يتم تقديس ما ينطقون به. هذا يعرفه quot;حزب اللهquot; قبل غيره. هسام طاهر هسام مطلوب للعدالة اللبنانية في حين أنّ التحقيق الدولي لم يقل فيه كلمته النهائية وتاليا كيف يصبح الضيف المقدس للحزب الإلهي؟ فريق الدفاع عن المشتبه بهم هو في النتيجة فريق من ضمن الأفرقاء، فكيف يتحوّل وحده الى صاحب الكلمة الفصل لدى quot;حزب اللهquot;؟ تخيلات بعض رجال المخابرات ممن يتسترون بهم صحافيين، كيف يمكن أن تصبح في أداء quot;حزب اللهquot; حقائق مجردة عن الهوى والانتقام وجلب المصلحة المقطوعة؟
رابعا، لماذا هذا الاندفاع الإعلامي في الهجوم على التحقيق طالما أن أهالي الضحايا يُبعدونه عن إعلام متوافر؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة تسهّل التوصل الى تصور دقيق عن مخطط quot;حزب اللهquot;. ولا تبدو الإجابة متعثرة، ففي الرجوع الى مجموعة من السياسيين والمتخصصين في الدعاية السياسية وفي الأحزاب الشمولية كما في معرفة الأهداف السورية والإيرانية يمكن التوقف عند الآتي:
أولاً، إن quot;حزب اللهquot; صاحب مشروع شامل في لبنان، فهو يريد السيطرة على السلطة بكل الوسائل المتاحة، سواء كانت مشروعة أم غير مشروعة، ولذلك تراه يمدد نفوذه بالمال والسلاح والتدريب الى كل الطوائف اللبنانية.
ثانياً، إن quot;حزب اللهquot; في الأصل ضد التحقيق الدولي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لأنه متأكد من أن الأدلة تتكدس على الحقيقة التي يعرفها جيدا، وهي ان حلفاء له في لبنان تحت إمرة النظام السوري متورطون في الجريمة.
ثالثاً، إن quot;حزب اللهquot; تحوّل رويدا رويدا من دائرة quot;مراعاة الخواطرquot; لدى الفئات الشعبية المتأثرة بجريمة الاغتيال الى وضعية quot;غير المعنيquot; بها، لأنه بات واثقا من أن هذه الفئات الشعبية متمترسة في الضفة المناوئة لسيطرته على البلاد.
رابعاً، إن quot;حزب اللهquot; يهيئ الأرضية للإفراج عن الجنرالات الأربعة وسائر الموقوفين في جريمة اغتيال الحريري ـ بالقانون أو بالقوة ـ إنفاذا لقرار كبير متخذ منذ تمّ رفع صور هؤلاء في التظاهرات التي نظّمها، بعيد استقالة وزراء الثنائي الشيعي من الحكومة الحالية.
خامساً، إن quot;حزب اللهquot; بالإنقلاب التام على كل المسار الذي شهده لبنان منذ الرابع عشر من آذار 2005 ـ يتقدمه مسار التحقيق في قضية الحريري ـ يكون في وضعية من يدرس الوقائع تمهيدا لإحكام سيطرته على كل مفاصل البلاد.
إذا، باختصار لكل الصورة والمعطيات، فإن quot;حزب اللهquot; يتجه عمليا الى تعميم نظريته ـ بسلوكية معيبة ـ من أجل فتح الطريق أمام سيطرته على كل مفاصل الوطن اللبناني.
هل هذا ممكن؟
تركيبة السؤال خاطئة، لأن السؤال الدقيق مكوّن بطريقة أخرى: هل سيتم السماح له بذلك؟
نظرياً quot;حزب اللهquot; لا يستطيع أن يحسم شيئا في لبنان. نقطة تمايزه الوحيدة تكمن في أنه يستفيد من حرية حركة استثنائية في مقابل تقييد الحركة لدى الآخرين بفعل وجوب أخذ الحيطة والحذر من سلوكيات الاغتيال. أما عمليا، ففشل quot;حزب اللهquot; في مسعاه فممكن بقوة، ولكن شرط ذلك كلمات سحرية قليلة: الجهد والتواضع وإعادة الاعتبار الى الشجاعة في الدفاع عن الحق.