جورج علم
تستعد شرم الشيخ لاستقبال قمة مشوشة الأهداف في النصف الثاني من مايو أيار المقبل، تضم الي جانب الرئيس الأمريكي جورج بوش الرئيس المصري حسني مبارك، والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس لبحث عملية السلام في الشرق الأوسط.
لم يتلق لبنان دعوة للمشاركة وهو من دول الطوق المجاورة لاسرائيل ويحمل وزرا كبيرا من أعداد اللاجئين الفلسطينيين وله حسابات جارية معها من خلال المقاومة، وحزب الله، وقوات اليونيفيل والقرار 1701، والخط الازرق، ووجود لاجئين لبنانيين في سجونها مقابل وجود جنود اسرائيليين اسري لدي حزب الله.. كما ان سوريا وهي أيضا من دول الطوق، لم تتلق دعوة للمشاركة وهي صاحبة الجولان المحتل ولها تأثير واضح علي الفصائل الفلسطينية الراديكالية من حماس، الي الجهاد الإسلامي ، الي فتح الانتفاضة، الي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الي ... سائر المواقف والاتجاهات والتوجهات والتحالفات التي من شأنها ان تقوض جهود السلام في الشرق الأوسط.
الاصح ان النهج المتبع إنما هو نهج خاطيء، منحاز، يري الحقيقة من عين واحدة سواء عقد هذا المؤتمر أم لم يعقد وبالتالي فإن خطورة هذه السياسة المتبعة وفق أجندة أمريكية محددة لن تقود الي أي مكان سوي الي الخراب والدمار وتغييب المصالح والخصوصيات العربية ليصبح الاستسلام ثقافة عامة رائجة بإمتياز ولتصبح المنطقة بدولها وانظمتها وشعوبها مجرد قرية امريكية تحدها من جهة مصالحها الامنية - الاستئثارية، ومن جهة أخري مصالح الدولة اليهودية في اسرائيل والهادفة الي تفتيت كيانات المنطقة الي دويلات طائفية - مذهبية ضعيفة متناحرة؟!..
ويبقي العراق المثل والمثال وقد احتفلنا كعرب، وعبر فضائياتنا الناشطة، بالذكري الخامسة لاجتياحه من قبل الأمريكي ونحن نتنافس علي عرض الانجازات القومية التي تحققت من وراء سحب النار والدخان وأشلاء الجثث، والمقابر الجماعية، والسواد الفاحم الذي يلف اركان هذا البلد العربي الذي كان.. إننا نتحدث هنا عن هولاكو العصر الذي اجتاح بغداد، وشتت معالمها الحضارية سبايا.
وفي الذكري الخامسة علي سقوط بغداد تتحفنا الإدارة الامريكية بالاصرار والتأكيد علي تنفيذ خطة تشمل العراق، إيران، سوريا، لبنان، وفلسطين.
في العراق: إصرار من الرئيس بوش علي احكام قبضة الاحتلال وتجميد قرار سحب القوات الامريكية بعد يوليو تموز المقبل نزولا عند توصية قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ديفيد بتراوس خلال الشهادة التي قدمها مع السفير ريان كروكر امام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب الامريكي وأكدت التوصية علي إمكانية زيادة عديد القوات مرة أخري، وإعادة انتشار وتموضع القوات الموجودة علي الارض بعدما تحول العراق الي دولة هشة ؟!.
أما إيران فهي مرمي سياسة العصا والجزرة وان الخطة لتنفيذ ضربة صاعقة قاصمة لمنشآتها النووية قد أصبحت جاهزة برأي العديد من الباحثين الاستراتيجيين كما ان المساعي السياسية والدبلوماسية ناشطة في أكثر من مكان وحول أكثر من ملف للوصول الي تسوية تاريخية بين الولايات المتحدة وايران تأخذ هواجس اسرائيل الامنية والنووية بعين الاعتبار؟!.
أما في سوريا فالوضع مختلف، انها تحاول بشتي الطرق والوسائل الوصول الي تسوية مع الإدارة الامريكية فترد الأخيرة بنعم، ولكن!.. عبر اسرائيل فيما الأخيرة ليست بعجلة من أمرها، وتريد التسوية مع سوريا ففي الوقت الذي تختاره هي وبالشروط التي تريدها.. وإلا لم العجلة؟!.
وفي لبنان يختلف الوضع لقد اجتهدت الإدارة الامريكية مع بعض حلفائها الاوروبيين وفي طليعتهم فرنسا، الي الامساك جيدا بزمام أمور هذا البلد ووضع حد للتكليف السوري بإدارة شؤونه، وحمل القوات السورية علي الانسحاب منه وتحويله الي ساحة مباحة لتصفية حساباتها مع دول عربية واقليمية او مجرد خط تماس ما بين مصالحها من جهة والمصالح السورية - الايرانية - و قوي الممانعة من جهة أخري.
لقد بدأ هذا التوجه جديا بعد الانتصار الذي حققه حزب الله في 25 مايو ايار العام 2000 عندما احتفل بهزيمته علي اسرائيل وحملها علي الانسحاب مرغمة من الجنوب بفضل مقاومته الشرسة يومها بدأت واشنطن بالتنسيق والتفاهم مع تل ابيب العمل علي تغيير قواعد اللعبة في لبنان وكانت البداية في الأول من سبتمبر 2004 عندما صدر القرار 1559 عن مجلس الأمن بالتحالف والتضامن ما بين الرئيسين بوش والفرنسي جاك شيراك وقد أنهي هذا القرار فعلا الوجود العسكري السوري في لبنان ومعه النفوذ الي حد ما؟!.
والآن، وبعد مرور نيف وثلاث سنوات علي صدور هذا القرار اصبح لبنان في ظل الرعاية الامريكية - الدولية الأمم المتحدة ومجلس الأمن جمهورية بدون رئيس وحكومة نصف الشعب اللبناني لا يعترف بميثاقيتها وشرعيتها، ومجلس نواب مقفل وشعب ينزح ويهاجر، وبلد يذوب ويضمحل؟!..
اما في فلسطين، فحدث ولاحرج،نظرا لتعدد الجبهات ،جبهة ما بين الفصائل داخل قطاع غزة حول النفوذ والأمرة والخيارات وجبهة ما بين غزة والسلطة الفلسطينية وجبهة ما بين القطاع وإسرائيل وجبهة سياسية - دبلوماسية - أمنية ما بين السلطة وإسرائيل حول أي فلسطين؟، وأي دولة فلسطينية؟، وما هي حدودها المعنوية والسياسية والاقتصادية والمالية والامنية..
قبل البحث بحدودها الجغرافية؟، وكيف سيكتب لها النجاح والاستمرار والحياة هل برعاية اسرائيل؟، أم الامم المتحدة؟، ام الرباعية الدولية؟، ام بإحتضان مباشر من الولايات المتحدة الامريكية؟!.. ثم ماذا عن مفاضاوت الوضع النهائي ومصير القدس، واللاجئين الفلسطينيين وحدود ال 67؟..
إن الخلاصة لمؤلمة فعلا، وبعد مرور خمس سنوات علي اجتياح العراق، تبدو المنطقة بأسرها دولا وأنظمة وكيانات، مجرد جبهات أمريكية مفتوحة علي المجهول؟!.
التعليقات