قاموا بتمثيل أدوارهم الواقعية في حياتهم اليومية
القاهرة - منى مدكور
قدم فيلم سينمائي مصري لأول مرة مشاهد واقعية لأطفال شوارع حقيقيين يمارسون زنا المحارم وحفلات الجنس الجماعي، مما أثار انتقادات شديدة وصفته بأنه يسيء لسمعة مصر.
احتوى فيلم quot;الغابةquot; لمخرجه ومؤلفه ومنتجه الشاب أحمد عاطف على مشاهد وصفها النقاد بالصادمة للمشاهدين، لكن مخرجه برر ذلك لـquot;العربية.نتquot; بأن واقع ومصائب أطفال الشوارع في مصر أشد إيلاما من مشاهد الفيلم.
وفيما استعان الفيلم بأطفال شوارع حقيقيين، فإنهم قاموا بتمثيل أدوارهم الواقعية في الحياة اليومية التي يعيشونها، ما بين بيع دمائهم ليقتاتوا من عائدها، وشم quot;الكلةquot; -نوع من الغراء بعد تعريضه للنار- وزنا المحارم والاغتصاب والشذوذ، وحفلات الجنس الجماعي والقتل والتشويه، والبحث في صناديق القمامة بحثا عن الطعام، والحمل السفاح، وإقامة علاقات غير شرعية مع البائعات الصينيات الجائلات، بالإضافة إلى مافيا سرقة الأعضاء التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال.
وقال الناقد الفني نادر عدلي لـquot;العربية.نتquot;: إن المخرج تعمد الاستفزاز إلى درجة الفجاجة في التقديم، والمشاهد المبالغ فيها بدون أي حس أو بعد فني يوظف مآسي هؤلاء الأطفال.
وانتقد quot;مشاهد الدم الكثيرة، والعنف المبالغ فيه، والذي جعل المشاهد لا يتعاطف مع هؤلاء الأطفال، على الرغم من قضيتهم الشائكة ومآسيهم التي بلا حدودquot;.
وتابع نادر عدلي بأنه quot;من المهم أن نقول هنا: إن هذه القضايا ليست مرفوضة دراميا، خاصة وأن قضية زنا المحارم قدمها يوسف إدريس منذ ما يزيد عن 30 سنة، بينما جاء هذا الفيلم أقرب إلى الفيلم التسجيلي شديد الفجاجةquot;.
الناقد نادر عدلي: المخرج تعمد الاستفزاز لدرجة الفجاجة
واعتبر نادر عدلي أن عبارة quot;للكبار فقطquot; التي وضعت على الفيلم في صالات العرض أنقذت الرقابة وليس الجمهور، حيث برأت الرقابة ذمتها من الفيلم، وأنقذت نفسها من اللغط المثار حول الفيلم، معطية إيحاء بضرورة عدم مشاهدة الأطفال لهذه النوعية من الأفلام.
إلا أن المخرج أحمد عاطف قال لـquot;العربية.نتquot;: إنه لا يعنيه كثيرا أن يحب الناس الفيلم أو يكرهونه، quot;لأن الواقع الذي عايشته خلال التصوير بأطفاله الحقيقيين أشد إيلاما من حالة الجدل والمحاسبة التي يتبعها الناس اليوم مع الفيلم وتقييمهم له، فضمائرنا تحتاج فعلا للإيقاظquot;.
وأضاف عاطف: quot;أبطال quot;أطفال شوارعquot; حقيقيون، تم إيداعهم إحدى دور الرعاية والتأهيل، وهي جمعية النور والأمل، وقد أخذت دورات تدريبية في علم النفس والتربية قبيل تعاملي معهم لأنهم يحتاجون إلى معاملة معينة، وخاصة في مرحلة تدريبهم على التمثيل في الفيلم، ولقد كانت كل تفاصيل الفيلم من واقع حكايات حقيقية عايشوها بأنفسهم منذ أن ألقي بهم في الشارع لأسباب لا ذنب لهم بهاquot;.
وتابع في حديثه لـquot;العربية.نتquot; بأن quot;اختيار هؤلاء الأطفال لم يكن سهلا، ففي البداية اخترت أطفالا من أسر مصرية عادية لهم قدرة على التمثيل، ولكني وجدت أداءهم مصطنعا، ثم قررت الاستعانة بأطفال شوارع من الشارع نفسه، ولكنهم لم يكونوا ملتزمين بالمرة، وكانوا يهربون إلى حياتهم التي اعتادوها، وفي النهاية قررت الاستعانة بأطفال شوارع ولكن يمكثون في دار رعايةquot;.
ويشير إلى أن الأطفال لم يحصلوا على عائد مادي مقابل الفيلم، ولكننا تحملنا تكاليف إقامتهم وطعامهم وملابسهم طوال فترة التصوير، والتي كان يرافقهم فيها مشرف من الجمعية، فضلا عن تقديم تبرع مالي لدار الرعاية التي يعيشون بهاquot;.
تشويه سمعة مصر
المخرج: الواقع أشد ايلاما من مشاهد الفيلم
وانتقد المخرج أحمد عاطف بشدة كل من يدعي أن مصر ليس بها مثل هذه المشاهد، quot;من يريد أن يرى أكثر مما قدمته في الفيلم فليذهب إلى مناطق العشوائيات في البساتين، أو بير أم سلطان، أو امبابة، وأرض يعقوب في السيدة زينب، وغيرها، وعليه أيضا أن يقدم لي بحث اجتماعيا أو أرقاما تثبت أن مصر ليس بها عشوائيات أو أطفال شوارعquot;.
وتساءل: ألم يتابع الرأي العام قصة القبض على quot;التوربينيquot; الحقيقي الذي كشفته الشرطة في قضية هزت المجتمع المصري، وكان يأخذ الأطفال القُصّر إلى أسطح القطارات، ويغتصبهم عليها، وكذلك زميله الذي كان يأخذ الأطفال إلى داخل مواسير المجاري ويقوم بنفس فعلته ثم يسكب عليهم البنزين، ويشعل فيهم النار وهم أحياء؟.
ويرى عاطف أن القول بـquot;تشويه سمعة مصرquot; يعكس قلة الوعي لدى الناس، فالسينما المصرية طوال تاريخها الذي يمتد إلى 110 سنوات ظلت في مواجهة مباشرة مع الكشف الاجتماعي وقضايا البلد ومواجهة القهر والظلم، ولا يجب أن نتوقف كثيرا عند هذا المصطلح لأن الكاميرا ترصد ولا تدعي، وإذا لم نواجه أنفسنا بالحقائق المؤلمة فلن يواجهنا بها أحد، طالما فقدنا ضمائرنا الحيةquot;.
وأكد عاطف أن الفيلم نجح رغم كل الهجوم عليه، وتقزز الناس منه في كثير من الأحيان quot;بلغة الشباك الفيلم حقق 2 مليون جنية مع أنه نزل في بداية موسم الصيف وأيام الامتحانات، وأنا لا أحب هذه اللغة، ولكن الحقيقة أن الفيلم كتبت عنه الصحافة العالمية، وطلب للتوزيع في كندا وأمريكا وفرنسا، وتلقاه النقاد بحالة من الجدل، بمعنى أنه أحدث حراكاquot;.
وقال: إن quot;الفيلم عندما يوصف بالصدمة، فهذا هو النجاح بعينه لأني أريد أن يعيش المشاهد في كابوس الحياة المؤلمة التي يعيشها هؤلاء الأطفال ووقتها أمامه أمر من اثنين، أن تتحول هذه الكوابيس إلى طاقة إيجابية لتغيير واقعهم، أو إلى طاقة سلبية وهي الهروب، وأنا لست مسؤولا عنه بقدر مسؤوليتي عن إيصال الرسالةquot;.
حفلة جنس جماعي
أكثر المشاهد إيلاما وقسوة في الفيلم، كانت تلك التي تروي تفاصيل حياة أب منزوع الضمير والأخلاق قام بهتك عرض ابنته الكبرى المراهقة، وبعدها أخذ يتقرب للصغيرة ذات الثماني سنوات، بينما تقوم ابنته الكبرى بالذهاب إلى quot;الخرابةquot; -مكان مهجور- ودعوة كل أطفال الشوارع إلى حفلة جنس جماعي على شرفها الذي هتكه والدها كانتقام لها منه.
وعلق المخرج أحمد عاطف: نعم قد تكون هذه المشاهد -وخاصة زنا المحارم- تقدم لأول مرة في السينما المصرية، لكنها قائمة في الحقيقة، ويعيشها أطفال الشوارع بطرق مختلفة، فهم لهم عالمهم وحياتهم الصعبة التي تخرج عن نطاق أي منطق أو دين أو أخلاق اجتماعيةquot;. وأكد أن هذه القصة حقيقية، ورواها له أحد أبطال الفيلم الحقيقيين.
واعترف الفنان أحمد عزمي الذي قام بدور رئيس عصابة من الأطفال، ويشرف على توزيع المخدرات بأن quot;الفيلم كان قاتما، ومشاهد الدم مبالغ فيها، مما جعل الكثير من الناس تنتقد الفيلم، وتصاب بحالة من الغثيان الأقرب للقرف، ولكن في النهاية هذه رؤية مخرج، وعلينا احترامهاquot;.
وقال أحمد عزمي: إن التصوير في الخرابات كان أصعب ما في الفيلم، quot;لقد تعرضنا للخطر أكثر من مرة، ففي إحدى المرات وأثناء التصوير ظهرت لنا مجموعة حقيقية من المشردين وأطفال الشوارع وطلبوا منا (الشاي) وهي تعني بلغتهم النقود، وكانوا في حالة مزاجية غير طبيعية نتيجة تعاطي بعض المواد المخدرة، وهددونا بالتعرض للأذى إذا لم نستجب لمطلبهم، وبالفعل أعطيناهم 500 جنيه، وفررنا هاربين من المكان، ولم نعد له مرة أخرىquot;.
- آخر تحديث :












التعليقات