نبيل عبدالفتاح
غالبا ما تأخذنا اللحظة والعفوية واللغة الصاخبة والانفعالية الي منابع الحزن الدفين علي دراما الأوضاع العربية الكارثيةrlm;,rlm; ولا يجد البعض منا سوي تاريخ من لغة الحماسة العفية التي تأخذ بوجداننا الجمعيrlm;,rlm; وعقولنا للإشباع النفسيrlm;,rlm; وتخفيف التوترات وتخفيض الأحزانrlm;,rlm; وتتحول الي عادة من عادات مواريث طقوس الحزن والاستعراض والموتrlm;!rlm;
إزاء شلال النار والدماء قمنا بإطلاق طوفان من المفردات النارية المستعادة من لحظات الأسيrlm;,rlm; نصف بها العدوان الوحشي الإسرائيلي علي غزةrlm;,rlm; وكأن الجميع يتبرأون من المسئولية السياسية والأخلاقية إزاء الكارثةrlm;.rlm; أوصاف عديدة نطلقها علي عملية الرصاص المتدفق والأحري الدم المتدفق من قبيلrlm;:rlm; المجزرةrlm;,rlm; والمحرقةrlm;,rlm; والمذبحةrlm;,rlm; والتدميرrlm;,rlm; والأشلاءrlm;,rlm; والمفاجأة والغدرrlm;,rlm; وتتداعي معهما الأوصاف والمفرداتrlm;,rlm; وكلمات الحماسة والشجبrlm;,rlm; والإدانةrlm;!rlm; ولا أحد يتوقف في كل كارثة تحل بالشعب الفلسطيني المنقسمrlm;,rlm; أو بالشعوب والدول العربية الواهنةrlm;,rlm; ويتساءل ما هي العوامل التي أدت تاريخيا الي هذا الضعفrlm;,rlm; والهوانrlm;,rlm; والمذلة؟ بعض الفضائيات تبث الصور وتعيد تكرارها للتأكيد علي معاني الوحشيةrlm;,rlm; والآلام والموت والحصار والجوع والمرض والمباني المدمرةrlm;,rlm; وحول الصور يأتي معها الخطاب الجاهز والصاخب المدوي الذي يحاول استدعاء العصبية الدينية ورجالهاrlm;,rlm; ووشائج القربي والدماء لدي الشعوب العربيةrlm;!rlm; نبدو أمام مشاهد وتظاهرات وخطابات حماسية صاخبةrlm;,rlm; ولكنها ويا للأسي والآسف معاrlm;!rlm; معادة ومكررةrlm;,rlm; والأخطر أن الصور المتدفقة بالدماء والأشلاء والدمار لأبناء غزةrlm;
,rlm; والخطابات الذاعقةrlm;,rlm; تتحول بمرور الساعاتrlm;,rlm; وتكرار ذات المفردات الي جزء من مألوف العادات العربية إزاء الكوارث الكبريrlm;,rlm; بحيث يغدو ما هو استثنائي ومؤلمrlm;,rlm; أمرا عاديا يستهلكه غالب الجمهور في حياته اليومية المأزومةrlm;,rlm; ويوما بعد الآخر يتراجع الاهتمام بالكارثة الكبري ودلالاتهاrlm;,rlm; لأننا استبدلنا لغة الحماسة والعنف بديلا عن العقلانية والتخطيط والفعل السياسيrlm;!rlm; ونقاتل العدوان بأسلحة الحرب اللفظية المضادة في مواجهة العنف الإسرائيلي الوحشي ضد الأبرياءrlm;.rlm; الدول العربية وصفواتها الحاكمة بدت أكثر هوانا وضعفا إزاء إسرائيل ودول الجوار الجغرافي العربي إيران وتركياrlm;.rlm;
وجد بعضهم الأزمة الدامية فرصة للمزايدات اللفظية وأرسلوا بعض طائرات الإغاثة الإنسانية ـ الدوائية والغذائية ـ أن الدعوي السريعة لقمة عربية طارئة لن تؤثر كنظيراتها السابقات في مسار الأزمةrlm;,rlm; ولا علي أطرافها بمن فيهم الفصائل الفلسطينية المتصارعة علي جثث الشعب البسيطrlm;,rlm; وصولا الي سلطة وهمية تحت الاحتلال الإسرائيليrlm;!rlm;
الدعوة الي القمة الاستثنائيةrlm;,rlm; محاولة من دولة قطر بناء مكانة إقليمية ودولية تتجاوز إمكاناتها علي اختلافها كما حاولت من قبل لعب دور الوسيط والمفاوض بين بعض الأطراف الإقليمية ـ السودانrlm;,rlm; والصومالrlm;,rlm; ولبنانrlm;,rlm; وتنشيط علاقاتها بدول عربية صغيرةrlm;!rlm; وفي ذات الوقت لديها علاقة مميزة بإسرائيلrlm;!rlm; من ثم تشكل سياسة بعض الدول الصغري تطبيقا للتصور الأمريكيrlm;,rlm; عن تنشيط الدور الإقليمي لبعض الدول الصغريrlm;,rlm; بهدف بث التناقضات والمنافسات بين دول المنطقةrlm;.rlm;
من هنا يمكن وضع هذا النمط من المعالجات الإعلامية الصاخبةrlm;,rlm; أو سرعة الدعوة لقمم عربية لا تؤدي الي نتائج حقيقيةrlm;,rlm; أو قرارات فاعلةrlm;!!rlm; في إطار بعض الأهداف الصغيرةrlm;!rlm; لا الشعارات اليسارية والقومية والإسلامية التي ترفعها الفصائل المتصارعة علي الشعب والسلطة الفلسطينيةrlm;,rlm; يمكنها إغفال أن عملية الرصاصrlm;/rlm; الدمrlm;/rlm; المتدفقrlm;,rlm; هي في أحد أبعادها نتاج للصراع بين حماس وفتحrlm;,rlm; علي السلطةrlm;,rlm; وأن كليهما وآخرين هم محض مزايدة وتعبير عن علاقاتهم وتحالفاتهم الإقليمية مع محوري الممانعة والاعتدالrlm;,rlm; وما وراءهما من خارج الإقليمrlm;.rlm;
إن المزايدات السياسية واللغة العنترية الصاخبة لا تجدي في أوقات الأزماتrlm;,rlm; ولا يمكنها أن تصلح بديلا عن الحسابات الدقيقةrlm;,rlm; والتخطيط الذكيrlm;,rlm; والقدرة علي إدارة العلاقات العقلانية مع الأطراف الإقليمية والدوليةrlm;.rlm;
إن الخطاب الشائع حول المفاجأة هو ذاته خطاب اعتذاريrlm;,rlm; لأن الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية كانت تشير وبوضوح الي ضربة متوقعة لحماسrlm;,rlm; ومع ذلك لا إعداد ولا تخطيط لمواجهة العدوان الإسرائيليrlm;,rlm; ومن ثم سقط ضحايا من الشرطة الحمساويةrlm;,rlm; ونشطاء من كوادرهم القتاليةrlm;,rlm; وأبرياء من المدنيينrlm;!rlm; وبالطبع لا يجد بعض قادة حماس تبريرا عن تقاعسهم وغياب التقديرات السياسية والعسكرية الدقيقة والجادةrlm;,rlm; سوي إلقاء الاتهامات بالتواطؤ علي عاتق مصرrlm;!rlm; قد يجدي أحيانا إطلاق بعض الاتهامات منrlm;.rlm; سلطة حماس في إطار لحظات الألم وتدفق المشاعر الحادبة علي الغزاويين وحماس وآخرينrlm;,rlm; قد يستمر ذلك حيناrlm;,rlm; لكن السؤال سيظل حاضرا ماذا أعددتم عند وقفكم للهدنة؟ ما تخطيطكم للعودة إلي إطلاق الصواريخ والعمليات الفدائية؟rlm;!rlm; بافتراض جدلي حدث تواطؤ ماrlm;!rlm; ماهي حساباتكم؟ هل كانت وقتية أم قائمة علي حسابات وتقديرات خاطئة للمواقفrlm;,rlm; ركزت قرارات حماس الخاطئة للأسف علي الهروب الي الأمام وإلقاء الأزمة ومسئولية إدارتها علي عاتق مصر والدول العربيةrlm;!rlm; إن هذا النمط من القرارات يتسم بالخفة وعدم المسئولية السياسية إزاء أبناء غزة الذين عانوا من فساد فتح والسلطة الفلسطينيةrlm;rlm; وتسلط حماس والجهاد الإسلاميrlm;!rlm;
إن البربرية والوحشية الإسرائيلية هي نتاج للدعم الأمريكي المستمر لهاrlm;,rlm; وللانتهاكات المستمرة للشرعية الدولية الغائبةrlm;,rlm;واتفاقيات جنيفrlm;,rlm; ولاسيما الرابعة والبروتوكولات المكملةrlm;.rlm; لايدافع عن السياسات والمصالح الإسرائيلية والأمريكية في تصوراتهما لشكل الإقليم وتوازناته ومشاكله وأزماته سوي ذوي الأهواء والأغراضrlm;,rlm; لا يساند صفوات العجز والهوان والمزايدات اللفظية العربيةrlm;,rlm; سوي من في قلبه مرض وعقله خللrlm;!rlm; إلا أن المسألة العربية ـ كتعبير عن إقليم العالم المريض ـ أكبر وأكثر تعقيدا وتركيبا تاريخيا وثقافيا وسياسيا من كونها أزمة صفوات سياسية حاكمةrlm;,rlm; وأنظمة رسميةrlm;!rlm; إنها انعكاس لأزمة مجتمعات متخلفة في أنظمة الثقافة والقيم والتعليم وأساليب الحياة وتصوراتها وأساطيرها الوضعية حول ذاتها وتاريخهاrlm;,rlm; علاقة الفرد بالآخرينrlm;,rlm; وعلاقة الحكام بالمحكومينrlm;,rlm; وعلاقتهم باللغة والتكنولوجيا والعلمrlm;,rlm; وتصوراتهم الوضعية عن مقدساتهمrlm;,rlm; بل وعلاقتهم بمواطنيهم من المسيحيين وغيرهمrlm;!rlm; خذ الشعارات الدينية التعبوية للقادة والحركيين والمتظاهرينrlm;,rlm; وحاول تحليلهاrlm;,rlm; أين يجد المسيحيون العرب أنفسهم داخلهاrlm;,rlm; وهم جزء من أوطانناrlm;!rlm; ومن حركاتنا الوطنية
وكافحوا الاستعمار الغربي معنا يدا بيد؟rlm;!rlm;
إن النزعة العدوانية والبربرية الإسرائيلية لاتحتاج قط إلي استنتاجrlm;,rlm; أو تبرير سياسي أو أخلاقي آثمrlm;,rlm; كما ذهب إلي ذلك اعضاء ترويكا الحرب ـ أولمرتrlm;,rlm; وباراكrlm;,rlm; وليفني ـ أو آخرونrlm;,rlm; أو بعض التبريرات الضمنية في كتابات بعض الكتابات والخطابات العربية والغربية المغرضةrlm;.rlm; الإدانات والشجب الرسمي العربي لاقيمة لهاrlm;,rlm; وكذلك لاتأثير بعيدا أو متوسط المدي لبعض المزايدات التي تبث عبر بعض الفضائيات ذات الأداء التعبوي وغير المهنيrlm;,rlm; ولاقيمة لمحاولة بعض الدول النفطية الصغيرة أن تستثمر الأزمة الكارثية والدماء الفلسطينية من خلال اللغة الحماسيةrlm;,rlm; وبعض المؤن والأدوية والمعونات الماليةrlm;!rlm;
إنها أزمة كاشفة عن اختلالات بنائية عميقة وعالم عربي ـ صفوات وأنظمة وشعوب وأنظمة حياة وتعليم ـ خارج التاريخrlm;!rlm; في فضاء الجحيم الإسرائيلي الداميrlm;,rlm; وبين شلالات النيران والدم والأشلاءrlm;,rlm; علي مصر الدولة ذات التاريخ والتقاليد دعم الشعب الفلسطينيrlm;,rlm; ولا تلقي بالا للمزايدات أيا كانتrlm;,rlm; وعلي الصفوة المفكرة المصرية الموهوبة والكفء ـ علي قلة عناصرها ـ أن تطرح أسئلة الانهيار بحثا عن اجابات لمستقبل الأمة والدولة المصرية الأعرق حضارة ومعرفة ـ في تاريخ المنطقة والعالم ـ والأكثر قدرة علي الخروج من أزماتهاrlm;,rlm; ومواصلة طريق الأمة المصرية الواحدة الموحدة والدولة الديمقراطية الحديثة وما بعدهاrlm;,rlm; وسط عالم متخلف يرتدي أقنعة الحداثة ونمط استهلاكها الوحشيrlm;!rlm; ويتحدث لغة العالم القديمrlm;!rlm;
- آخر تحديث :
التعليقات