جيمس زغبي

خلال الأيام القليلة الماضية بقيت أسأل نفسي بشكل متكرر: كيف سيعالج باراك أوباما أزمة غزة؟ وهل ستختلف طريقته في ذلك عن جورج بوش؟

لقد كان بوش غير فعال بالطبع في الحيلولة دون اندلاع خمس حالات للعنف الإسرائيلي وقعت خلال ولايته، حيث تبنى مواقف تراوحت بين القبول الضمني وبين التأييد العلني للإجراءات الإسرائيلية. ففي الحالات الأربع الأولى وهي :الانتفاضة الثانية، وإعادة غزو الضفة الغربية، وحربا غزة ولبنان عام 2006، ترك بوش إسرائيل تتصرف حسبما تريد، مشاركاً إدارته في اعتقادها الخاطئ بأن العنف المفرط هو وحده الكفيل بتمكين إسرائيل من هزيمة quot;حماسquot; وquot;حزب اللهquot;. أما في المرة الخامسة وهي هذه التي تحدث في غزة الآن، فإن بوش دعم المطلب الخاص بإيقاف إطلاق النار، لكنه لم يفعل ذلك سوى بعد مرور أربعة أيام على انطلاق العملية الإسرائيلية. ونظراً لعدم قبول إسرائيل بطلبه، واستمرار quot;حماسquot; في تحديها، فإن نداءات وقف العملية العسكرية جرى تجاهلها إلى حد كبير.

أما الرئيس المنتخب باراك أوباما، والذي يتعرض لضغوط لاتخاذ رد فعل، فقد آثر الاحتفاظ بصمته بحجة أنه يجب أن يكون هناك quot;رئيس واحد للولايات المتحدة quot;، مؤكداً أنه من غير المناسب، أن يرسل رسائل إلى المجتمع الدولي قبل أن يستلم منصبه بصفة رسمية، سواء أكانت بالمساندة أو بالمخالفة. قد يكون ما يقوله أوباما الآن صحيحاً، لكن عليه أن يتذكر أن تلك المشكلة ستكون مشكلته عندما يتولى الحكم في العشرين من يناير الحالي.

وإذا ما كان هو ومستشاروه مشغولين بإعداد أجندة سياسته الخارجية، فإن هذه الأزمة ستفرض عليه بالتأكيد إعادة حساباته. وكما أشرت من قبل فإن براعة أي رئيس تتجلى ليس في الكيفية التي يتصرف فيها بشأن بنود أجندته المعدة سلفاً، لكن في الكيفية التي يتصرف بها في الأزمات الطارئة وغير المتوقعة.

هل هناك أي علامات أو مفاتيح يمكن أن يستدل بها على الموقف الذي سيتخذه أوباما؟ قبل أن أجيب على هذا السؤال، قد يكون من المهم هنا أن أبين أن السفارة الإسرائيلية في واشنطن تقوم منذ فترة بتوزيع نسخة من تصريحات أوباما التضامنية والتي أدلى بها في مدينة سيديروت الإسرائيلية وقال فيها: quot;إن المهمة الأولى لأي دولة هي حماية مواطنيها، وإذا ما كان أحد يطلق صواريخ على منزلي الذي تنام فيه ابنتاي ليلا، فإني سأبذل كل ما أستطيع فعله من أجل إيقافه عن ذلك... وأتوقع أن الإسرائيليين سوف يفعلون نفس الشيءquot;.

وهدف إسرائيل من توزيع نص تلك التصريحات هو الإيحاء مسبقاً بأن أوباما سيحذو حذو بوش، لكن يجب علينا هنا أن نتذكر أن ثمة جانبا آخر يتعلق بتفكير أوباما، وهو ذلك الذي تجلي بوضوح في الرد الحاد والمتبصر الذي رد به على مجموعة من زعماء اليهود فيquot; كليفلاندquot; في شهر فبراير من العام المنصرم، عندما قال: quot;هناك رأي سائد في أوساط الجماعات المؤيدة لإسرائيل، وهو أنك إذا لم تكن مؤيداً تأييداً لا يتزعزع لمقاربة حزب الليكود للصراع العربي الإسرائيلي فمعنى ذلك أنك تتبنى خطاً مضاداً لإسرائيل... وليست هذه في نظري هي الطريقة التي يمكن بها قياس مدى متانة صداقتنا لإسرائيل. وإذا لم تكن هناك إمكانية لوجود حوار أمين وجاد بيننا حول الطريقة المثلى لتحقيق أهدافنا المتوخاة، فلن نحقق أي نوع من التقدمquot;. هذا الرد يبين بجلاء أن أوباما يدرك أن هناك تنوعاً في الآراء بشأن المقاربة مع الفلسطينيين، سواء في إسرائيل أو في أوساط اليهود الأميركيين.

لكن نظراً لإيثاره الاحتفاظ بالصمت (هل يدل ذلك في حد ذاته على وجود اختلاف بينه وبين بوش بشأن مقاربة موضوع الصراع العربي الإسرائيلي؟) فإنه ليس أمامنا سوى الانتظار حتى تاريخ العشرين من الشهر الحالي لمعرفة كيف سيتصرف أوباما، سواء في هذه الأزمة أم في غيرها من الأزمات التي قد يواجهها مستقبلا.