تركي بن عبدالله السديري

لا أخاطب السياسي ولا زعماء الأحزاب أو الطوائف، لكنني أخاطب المثقف وكاتب الإعلام.. المسؤول.. الصحفي.. المحاور.. الذي لم يتلوث بعد بالانتماء لمواقف تعمل على توفير تفجير أكثر وأكثر في أوضاع المجتمع العربي ولم يتعود أن يذهب إلى سفارات معينة نهاية كل شهر ليحصل على استحقاقه..
المثقف والإعلامي المستقل مدعوان لأن يكشفا للمجتمع العربي حقائق الوضع القائم.. الوضع المخزي في حالات الهبوط الراهنة بالانقياد إلى توجهات قوى أجنبية أو انعزالية طائفية.. لإيضاح حقائق رهيبة ومخيفة تكشف أن مرحلة التغييرات الثورية السابقة على كل قسوة ممارساتها وقصر نظر استراتيجياتها فإنها على أي حال لم تكن تنتمي إلى قوى أجنبية فتنقاد مكلَّفة بتوفير مناخات اجتماعية خائفة وقلقة ومضطربة المفاهيم والمشاعر حتى يستوطن فيها داء التدخل الأجنبي أو داء الانعزال المحلي والخروج منه فقط لتحريك تلك الأدوات حسب مصالحها المستجدة.. مثلما يحدث الآن..

نحن الآن في مرحلة أبشع، وعلى المثقف والإعلامي المستقل أن يشرح للمواطن العادي حقائق عن أكثر من مصيدة براقة المظهر، توضع في طريقه.. تلوِّث مفاهيمه.. تحوله إلى جزئيات.. لأن من يتصرف الآن ويهدد وحدة المجتمع العربي ويكاد يلغي فاعلية تلاقي وجهات نظر قياداته ومعها استثمار متانة علاقاتها الدولية لصالح الوضع الفلسطيني.. من يتصرف داخل لبنان أو غزة ليس رئيس دولة، لكنه حالة انقلاب حزبية على الدولة، ولكي يأخذ هذا الانقلاب مشروعية وهمية اعتباطية يسندها العنف تم افتعال مظاهر عمل وطنية كاذبة.. لا بأس أن يوجد من يريد أن يحرر فلسطين بكاملها وإذا أراد أن يقذف بإسرائيل في البحر فإنه متى كان قادراً على ذلك فليفعل.. لكن من هو ذلك..؟

ستتلاقى أعلام التأييد الشعبية من كل الشعوب العربية في وسط بيروت لو أن حزب الله اللبناني باشر حرباً إنقاذية ومساندة لوضع الفلسطيني المقتول، أو عضو حماس المهزوم بتفاوت القدرات، فدخل مزارع شبعا وجذب الإسرائيليين من غزة إلى هناك لتتوفر ساحتا قتال.. هل يفعل حزب الله ذلك..؟ بالطبع لا..

أين المثقف العربي والإعلامي المستقل عن شرح حقائق رهيبة تقول إن اختطاف شاليط قد كلف حماس أكثر من ألف ومائتي قتيل تماماً بينما لم يقتل صاروخ quot;غرادquot; أي إسرائيلي عدا سيدة واحدة كانت في مزرعة.. وفي لبنان عندما تم تجاوز حزب الله فاصل الحدود الدولي مع إسرائيل وتم اختطاف جنديين إسرائيليين أقدمت إسرائيل على قتل أكثر من ألف لبناني، وحاصرت لبنان جوياً وبحرياً لأكثر من ستة أشهر، مع تدمير منشآت تتجاوز قيمتها المائة مليون دولار.. حدث ذلك في صيف عام .2006.وعندما قالت المملكة في بداية تلك الأحداث إنها مغامرة غير محسوبة، قامت قيامة حزب الله ومعه إعلامه الخاص.. فما الذي نراه الآن..؟ ألم يثبت أن حرب الصيف اللبناني عام 2006لم تكن مغامرة غير محسوبة فقط ولكنها مباشرة إعلان عن الذات بخسائر فادحة، ولو كان هناك دافع وطني لأثبت الظرف الراهن مصداقية تلك المغامرة، لو تقدم حزب الله إلى الحدود الإسرائيلية..

أي مواطن عربي في أي مكان كان يجب أن تكشف له الثقافة والإعلام المستقل حقائق واقعه المخيف.