عبدالعظيم حماد

اذا كنا متفقين علي أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضيةrlm;,rlm; فيجب أن نتفق علي أن الاختلاف مع حركة حماس في اختياراتها السياسية لا يفسد للالتزام بالحق العادل للشعب الفلسطيني في تحرير أرضه واقامة دولته المستقلة قضيةrlm;,rlm; بل لا يفسد الاختلاف مع حماس المعاداة الصهيونية التوسعية العنصريةrlm;,rlm; ووجوب مقاومتها قضيةrlm;.rlm;

إن هذا هو المعني الشامل لرسالة الرئيس حسني مبارك في بيانه الي الأمة حول العدوان الإجرامي المستمر من جانب إسرائيل علي غزة يوم الاثنين الماضيrlm;,rlm; فقد أبرز هذا البيان بجلاء لا لبس فيهrlm;,rlm; ولا التواءrlm;,rlm; اختلاف مصر مع حركة حماس حول الآثار بعيدة المدي لفتح معبر رفح بصورة دائمة ونهائية علي وحدة الأراضي الفلسطينيةrlm;,rlm; ومن ثم وحدة الدولة الفلسطينية التي ستقوم لا محالة وان طال الزمانrlm;,rlm; ولكن البيان لم يؤسس علي هذا الاختلاف مع حماس أي انتقاص في الالتزام المصري بحقوق الشعب الفلسطينيrlm;,rlm; بل علي العكس من ذلك أبدي الرئيس مبارك بوضوح استمرار التأييد المطلق لحق الشعب في مقاومة الاحتلالrlm;,rlm; شرط أن تكون المقاومة مسئولة أمام شعبهاrlm;.rlm;

ربما يكون مفهوما أن الرأي العام العربي صدم من اتخاذ وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني القاهرة مكانا لإطلاق الإنذار بتغيير الوضع في غزة بالعمل العسكريrlm;,rlm; وربما كان الأنسب ألا يظهر معها وزير الخارجية المصرية في المؤتمر الصحفي الذي وجهت فيه هذا الانذارrlm;,rlm; مع أنه رفضهrlm;,rlm; واعترض علي نية العدوان الإسرائيليةrlm;,rlm; ولكن هذا كله لا يبرر هذا التركيز المفرط من جانب كثيرين من المعلقين والكتاب والسياسيين في الدول العربية علي ما يرونه خطأ في الموقف المصريrlm;,rlm; ولا يبالون مطلقا بأخطاء حركة حماس منذ البدايةrlm;,rlm; وحتي يومنا هذاrlm;,rlm; ومرة أخري نعيد تأكيد أن الاختلاف مع سياسات حماس لا يفسد للالتزام بالحق الفلسطينيrlm;,rlm; ولا للاقرار بشرعية مقاومة الاحتلال قضيةrlm;,rlm; ولا صلة لهذا الاختلاف بتاتا بالتوجه الايديولوجي للحركة في التحليل الذي يتبناه كاتب هذه السطورrlm;,rlm; فيما سيلي منهاrlm;.rlm;

واذا كنا في مناسبات سابقة قد اعتبرنا دخول حماس الانتخابات من الأصل خطأrlm;,rlm; وأن دخولها الانتخابات علي الأساس القانوني الذي أوجدته عملية أوسلو مع رفض هذه العملية أيضاrlm;,rlm; واذا كنا أيضا في الماضي اعتبرنا رفض حماس لوثيقة الأسري خطأrlm;,rlm; فإننا اليوم نركز علي خطأ يقترب من الخطيئة في تكتيك إدارة أزمة الحصار الإسرائيلي لقطاع غزةrlm;,rlm; هذا الحصار الذي يعد جريمة كبري ضد الإنسانية ترتكب في حماية شرعية دولية زائفة أقل ما توصف به أنها شرعية الاكراه المحصن بالفيتو الأمريكيrlm;.rlm;

الخطأ الذي ارتكبه زعماء حماس هنا هو الإصرار علي رفض تمديد الهدنة مع الجانب الإسرائيليrlm;,rlm; إلا اذا التزمت برفع الحصارrlm;,rlm; قبل أقل من شهرين من موعد الانتخابات العامة المقبلة في إسرائيلrlm;,rlm; وقبل أقل قليلا من شهرين من تولي الإدارة الجديدة مسئولية الحكم في الولايات المتحدةrlm;.rlm;

إن حماس برغم الانتهاكات المستمرة من الجانبينrlm;,rlm; كانت ملتزمة بصفة عامة أو رسمية بالهدنة حتي مع وجود الحصار حتي موعد انتهاء هذه الهدنة منذ أيامrlm;,rlm; فماذا كان سيضيرها لو أنها جددتها ستة أشهر أخريrlm;,rlm; قد تتغير فيها كثير من المعطيات السياسيةrlm;,rlm; إما سلبا بمجئ الليكود بزعامة بنيامين نيتانياهو الي السلطة في إسرائيلrlm;,rlm; وإما ايجابا بدور أمريكي أكثر انفتاحا وديناميكية تحت قيادة الرئيس الجديد باراك أوباما؟ وبفرض أنه ليس من المؤكد أن معطيات جديدة سوف تظهرrlm;,rlm; فإن المسئولية أمام الشعبrlm;(rlm; تلك التي تحدث عنها الرئيس مبارك بوصفها شرطا لتأييد مقاومة الاحتلالrlm;),rlm; هذه المسئولية كانت تقضي بتفويت موسم الحملة الانتخابية الإسرائيلية دون اعطاء ذريعة للحكومة القائمةrlm;,rlm; وزعمائها الذين يخوضون معركة حياة أو موت سياسيينrlm;,rlm; لاستخدام الدم الفلسطيني قربانا لناخبين هم بالطبيعة يفضلون اختيار الزعيم الأقدر علي سفك أكبر كمية من دماء الفلسطينيينrlm;,rlm; والعرب عموماrlm;,rlm; فلماذا لم يتذكر زعماء حماس أن ضرب المفاعل النووي العراقي كان جسر مناحيم بيجين لإعادة انتخابه سنةrlm;1980,rlm; ولماذا لم يتذكر المكتب السياسي للحركة مذبحة قانا؟

فهذه المذبحة ارتكبها شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل بالنيابة آنذاك لتعزيز فرصه أمام المنافسة الشرسةrlm;,rlm; من بنيامين نيتانياهوrlm;,rlm; كذلك لماذا غاب عن حسابات المكتب السياسي لحماس أن أهم أسباب انتخاب ارييل شارون رئيسا للوزراء كان إيمان الاسرائيليين الجازم بأنه الأقدر علي إخماد انتفاضة الأقصيrlm;.rlm;

إن أخذ مثل هذا العنصر في المقام الأول من الاعتبار ليس انتهازيةrlm;,rlm; وليس رضوخا لإرادة العدو أو ربطا للقرار الفلسطيني بالسياسة الإسرائيليةrlm;,rlm; ولكنه من أوليات فن الحساب أو التكتيك السياسيrlm;,rlm; أو لنقل إنه من صميم مسئولية القيادة عن شعبها وأمامهrlm;,rlm; أما تجاهله فهو محض سذاجة سياسيةrlm;,rlm; وإن أحسنا الظن فإنه يكون التزاما أعمي بالشعارات علي حساب التخطيط الواعيrlm;.rlm;

لا خلاف إذن مع حماس علي الحق في المقاومةrlm;,rlm; ولا خلاف معها إذن حول شرعية مطلبها رفع الحصار عن غزةrlm;,rlm; ولا خلاف كذلك حول الطبيعة الإجرامية لسياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية للشعب الفلسطينيrlm;,rlm; والأكثر من ذلك أنه لا خلاف مع الحركة علي أن هناك تواطؤا دوليا محزنا ضدهاrlm;,rlm; وضد الشعب الفلسطيني في غزةrlm;,rlm; ولكن هذا كله لا يعطيها الحق في أن تخطئ في الحساب كقيادة سياسية مسئولةrlm;,rlm; وأن تتوقع من الآخرين أن يلتزموا بقرارات تتخذها هيrlm;,rlm; ولا يوافق هؤلاء الآخرون عليهاrlm;,rlm; كما في حالتها مع مصرrlm;,rlm; التي لم تخف في أي مناسبة عدم موافقتها علي إنهاء التهدئة مع إسرائيلrlm;,rlm; ففي نهاية المطاف ينبغي أن نتفق علي أنه ليس مطلوبا ولا متوقعا أن يشارك طرف في تنفيذ قرار لم يشارك في صنعهrlm;,rlm; بل ولم يوافق عليه من الأصلrlm;.rlm;

لا يصح أن نختتم هذه السطور دون توجيه تحية واجبة لأهلنا في غزة علي صمودهم وشجاعتهم في مواجهة أبشع ما يتعرض له شعب في هذه الحقبة من التاريخ من عدوان وجبروت وتواطؤrlm;,rlm; وعجزrlm;,rlm; مع الاقرار بأن لومنا قيادات حماس يجئ من منطلق الأخوة العربية والإسلامية والإنسانيةrlm;,rlm; وليس من منطلق العداء والكراهيةrlm;.rlm;

لولا أن ظروف العدوان علي غزة حتمت الكتابة عنهrlm;,rlm; لكنت قد خصصت كامل المساحة اليوم لتحية وزير الداخلية علي إحالته هذا العدد الكبير من الضباط للاحتياط بسبب اساءتهم معاملة المواطنينrlm;,rlm; سيما أنني كتبت هنا قبل أسابيع أطالب بألا تكتفي وزارة الداخلية بعدم التستر علي مخطئrlm;,rlm; أو حمايتهrlm;,rlm; واذا كنا نتمني علي اخوتنا المواطنين من ضباط الشرطة ذوي الرتب الصغيرة بالذات أن يستخلصوا الدرس من قرارات الوزيرrlm;,rlm; فإننا أيضا نحيي أخوتنا المواطنين الضباط الكبار والصغار الذين يؤدون واجبهم في حماية أمنناrlm;,rlm; وتنظيم حياتنا بمحبة وتفان واحترام لحقوق المواطنةrlm;..rlm; وهم الأكثرية علي كل حالrlm;.rlm;