شاكر نوري

فيما كانت رحى المعركة بين إسرائيل وحماس تدور على أرض الواقع وتحصد مئات الفلسطينيين يتابعها الملايين عبر شاشات التلفزة، فقد شهد الفضاء المعلوماتي حربا من نوع آخر.

ففي 29 يونيو من عام 2007 بث تلفزيون الأقصى التابع لحركة حماس الحلقة الأخيرة من برنامج رواد الغد الذي يتضمن شخصية فرفور وهي تشبه ميكي ماوس لكنها ليست مطاردة بين توم وجيري بل حوار بين فرفور الطفل الفلسطيني وضابط إسرائيلي حيث يقوم الأخير بضربه حتى الموت بعد أن رفض الأول بيع أرضه للضابط،.

وقبل أن يلفظ فرفور أنفاسه الأخيرة يصف الضابط بـ الإرهابي وتتدخل مقدمة البرنامج الطفلة سارة ذات العشرة أعوام لتقول ان فرفور استشهد وهو يدافع عن أرضه، وتضيف لقد قتله قاتلو الأطفال. في وقتها اعتبرت إسرائيل أن حماس تقو بغسل أدمغة الأطفال وان هذا الفيلم يشجع على نشر ثقافة الإرهاب والكراهية والقتل بين الأطفال الفلسطينيين!

لم تكتف إسرائيل برمي منشوراتها الورقية من سماء غزة تحث فيها الفلسطينيين في الكشف عن أماكن إطلاق الصواريخ بعد أن عجزت كل أجهزتها الاستخباراتية من كشف أماكنها بل وأكثر من ذلك، فقد توجهت إلى إرسال الرسائل النصية القصيرة أس. أم . أس إلى الفلسطينيين بضرورة إخلاء منازلهم قبل قصفها لكي تثير الفزع والهلع في نفوسهم في حرب نفسية لا حدود لها.

هكذا، انتقلت الحرب الإسرائيلية الحالية من شخصية فرفور التلفزيونية إلى الحرب الافتراضية، فالانترنت تحوّل إلى جبهة أخرى لحرب إسرائيل في غزة على حد تعبير دافيد سارانغو 43 عاماً، الدبلوماسي في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك والمتخصص في الإعلاميات والماركتنغ، وهو الذي اخترع الـ ويب بروباغندا و بروباغاندا النت وهو فخور بذلك. ومن مهامه الأولى عدم استخدام القنوات الإعلامية العادية فحسب بل استخدام القنوات الإعلامية الجديدة الآخذة في الأهمية. ويذهب موقع القنصلية الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك من خلال تثبيت نظريته إننا نطور ماركة خاصة بنا وهي إسرائيل أون لاين.

حرب دعائية

فقد اختزلت إسرائيل عملياتها العسكرية في 140 إشارة تبثها على تويتير ـ وهي خدمة جديدة من خدمات الشبكة: للتراسل وبرامج الشات أو كل مستخدم للبريد الالكتروني بل وحتى لرسائل الجوال يمكن إرسال مجموعة روابط برابط واحد صغيرـ وتقوم ببثها على فيديو اليوتيوب. والهدف من كل ذلك هو : السيطرة على صورتها في الحرب الدعائية البروباغاندا على الشبكة العنكبوتية.

دافيد سارانغو، دبلوماسي في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك أجاب على سلسلة من أسئلة مستخدمي الانترنت على موقع البلوغ المصغر. نماذج من الإجابات على الموقع تذهب إلى أن: حماس أعلنت الجهاد على إسرائيل و استلم انتحاريوهم الأوامر بتنفيذ هجماتهم ونحن نتفاوض السلطة الفلسطينية حول حلّ الدولتين لأننا نتكلم فقط مع الناس الذين يوافقون على حقنا في الوجود.

هذا الكلام هو نوع من الـ بي آر. العلاقات العامة في الحرب كما ترى إسرائيل. الميجور أفيتال ليبوفيتش، المسؤولة عن الصحافة الأجنبية في الجيش الإسرائيلي، اعترفت لالواشنطن بوست بأن هذه المصطلحات في مجال البلوغ والوسائل الإعلانية الأخرى عبارة عن جبهة أخرى للحرب. وقد فتح الجيش الإسرائيلي حساباً على اليوتوب، يعرض فيه أفلام الفيديو التي تصور ضرباته على غزة وحماس. والنتيجة: 162015 مشاهدا مع تعليقاتهم أثناء أيام القصف. وتعمل إسرائيل على إعادة صياغة ريميك لما سميّ بالصواريخ الخضراء في حرب الخليج من أجل إظهار الحرب على أنها نظيفة وجراحية ولا تقتل المدنيين!

حضور فضائي مواز

إن إستراتيجية حضور إسرائيل على أون لاين يعادل تواجدها على الأرض في الحرب وتبرّر كل استخداماتها التكنولوجية بحجة أن حركة حماس تستخدم أفلام الفيديو والمنتديات أيضاً. في أكتوبر من عام 2008 اتهمت إسرائيل أنصار حماس بأنها وضعت موقع الأقصى تيوب. دوت كوم في خدمة أغراضها، وهو نسخة من الأفلام الدعائية التي بثتها حركة حماس في أغسطس. لكن حماس أنكرت أصل هذا الموقع، والذي اختفى من الشبكة العنكبوتية منذ ذلك الوقت.

ليس استخدام الانترنت جديداً على إسرائيل، فقد سبق أن قامت الدولة العبرية بإطلاق دعايتها لجيشها على مواقع هامة وهي:فيس باك وماي سبيس وشن بيت وفتحت بلوغات لأربعة من جواسيسها، وتدور عليها معركة بين ممثلي إسرائيل والمدافعين عنها، اشترك فيه حتى الآن 964 22 فيما بدأت حماس بنشر الصور الرهيبة للشهداء الأطفال.

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه مستعد قريبا لفتح فلوغ أي بلوغ فيديو حيث يعبّر العسكريون أمام الكاميرا عن آرائهم حول الأحداث الساخنة. وتعمل قناة آي دي أف، أي قناة الجيش الإسرائيلي التي أطلقتها إسرائيل في الـ 29 من ديسمبر على عرض أفلام فيديو تصور تفجير البنية التحتية لحركة حماس.

وهناك مبادرة أخرى، مرة أخرى حسب واشنطن بوست، تفيد أن الناطق العسكري باسم الجيش الإسرائيلي يقوم بمراقبة آلاف من مستخدمي البلوغات الذين يستحضرون المواجهات، ولا يترددون في إعطاء الإحداثيات الموجزة للعمليات العسكرية.

وفي هذه الحرب الافتراضية، تعتزم القنصلية الإسرائيلية إطلاق 4200 بالونة حمراء في سماء نيويورك، في إشارة إلى عدد صواريخ القسام التي أطلقتها حركة حماس على مستعمرة سيدروت. ولم يتردد مؤسس البروباغاندا الإسرائيلية دافيد سرانغو أن يطلق أكليشيهات للجنود الإسرائيليين العراة في المجلات الرجالية في يوليو من عام 2007 .

معركة افتراضية

المعركة إذاً مستمرة افتراضياً، فالهاكرز المؤيدون لحماس قاموا بإغلاق مئات المواقع الإسرائيلية وحسب صحيفة تايم اون لاين فإنهم أطاحوا بـ 300 موقع إسرائيلي من الشبكة الإلكترونية إلا أن الجيش الإسرائيلي يواصل بث مشاهد من الغارات الجوية والغزو البري، على موقع يوتيوب الالكتروني، الهدف منها المساهمة في نقل رسالتنا إلى العالم على حد كلامهم.

إنها رسالة رمي أطنان الصواريخ والقنابل على رؤوس أهالي غزة المحاصرين والجائعين والمرتجفين من البرد! ولو نهض الأطفال الشهداء في حرب غزة لأعادوا ترديد كلام الطفل فرفور دون الحاجة لغسل أدمغتهم من أحد. حرب تضليل إعلامي وحرب نفسية وبث الأكاذيب في معركة تدور رحاها على الانترنت أيضاً.

المعركة إذاً مستمرة افتراضياً، فالهاكرز المؤيدون لحماس قاموا بإغلاق مئات المواقع الإسرائيلية وحسب صحيفة تايم اون لاين فإنهم أطاحوا بـ 300 موقع إسرائيلي من الشبكة الإلكترونية.