علي راشد النعيمي
لويس أوكامبو رجل العدالة الذي لا ينازع وذلك لأنه المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية الذي ملأ العالم ضجيجاً في السنتين الماضيتين مبشراً بالعدالة التي ستعم العالم بسبب الأعمال التي سيقوم بها، والتي من أبرزها حماية حقوق الإنسان ومحاكمة المجرمين الذين يرتكبون جرائم حرب ضد الإنسانية وفق النظام الأساسي للمحكمة. لقد وضع أوكامبو نفسه رمزاً للعدالة الإنسانية واقض مضاجع مجرمي الحروب ومنتهكي حقوق الإنسان في كل مكان، بل وصل الأمر أن يرفع دعاوى على رؤساء الدول حتى أصبح شبحاً يطاردهم في يقظتهم وكابوساً مزعجاً في منامهم. ولا يكاد يمر أسبوع إلا وتجد له تصريحاً أو مقابلة صحفية أو لقاء مع إحدى الفضائيات وهو يهدد ويتوعد المعتدين على حقوق الإنسان.
لقد كان إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ثمرة لجهود كبيرة قام بها المدافعون عن حقوق الإنسان من مختلف دول العالم، وقد استبشر الكثير من ضحايا الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية بإقرارها خيراً، ولكن تخوف البعض من ازدواجية المعايير عند تطبيقها وتساءلوا إن كان أحد يجرؤ على محاكمة إسرائيل على جرائمها المتكررة ضد الشعب الفلسطيني والتي تقع بلاشك ضمن نطاق عمل المحكمة كما بين النظام الأساسي اختصاصاتها التي تتمثل في الموضوعي والشخصي، فالموضوعي يقتصر على أربع جرائم هي:

1- جريمة إبادة الجنس البشري.

2- الجرائم ضد الإنسانية.

3- جرائم الحرب.

4- جريمة العدوان.

وأما المتعلق بالجانب الشخصي فالمحكمة تمارس اختصاصاتها إزاء الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون الجرائم المدرجة ضمن اختصاصاتها وذلك بصفتهم الشخصية سواء ارتكب الشخص تلك الجريمة بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين أو أمر بها أو حث على ارتكابها أو ساعد وساهم في ارتكابها مهما كانت الصفة الرسمية للشخص المعني، والتي تنطبق على القيادات السياسية والعسكرية المسؤولة عن محرقة غزة. وعلى رغم أن المدعي العام للمحكمة لويس أوكامبو قد أكد مراراً على حياديته ومهنيته عندما تحدث عن قضية المحكمة مع الحكومة السودانية وأكد على حقه هو كمدعٍ عام في رفع الدعوى وإن كانت الدولة المعنية غير موقعة على اتفاقية إنشاء المحكمة، إلا أننا وللأسف الشديد لم نسمع منه شيئاً الآن. لقد قامت إسرائيل خلال عدوانها الغاشم على غزة بمخالفة جميع المواد في النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية والأدلة على ذلك كثيرة ومتعددة، والشهود عليه بالملايين، بل إن العدو الإسرائيلي لا ينكر هذه الجرائم ولكنه يدافع عن ذلك بأن قتله لمئات النساء والأطفال إنما تم بطريق الخطأ، وأن المئات وربما الألوف سيقتلون منهم أيضاً بطريق الخطأ، وأن تدميره للمدارس وسيارات الإسعاف وعمال الإغاثة والمساجد خطأ غير مقصود وإن تكرر مستقبلاً فسيكون أيضاً بالخطأ. وهو يعتذر بهذا السبب لأن العالم أجمع رأى هذه الجرائم بأم عينه ولا يمكن لأحد نكران وقوعها، ولكن للأسف الشديد فإن أوكامبو لم يجد فيها إلى الآن ما هو مخالف لنظام المحكمة الجنائية الدولية، ولذلك نقول له: أين مهنيتك التي تشدقت بها؟ أين ضميرك الإنساني؟ أين الوعود التي قطعتها على نفسك؟ بل أين اليمين التي أقسمتها لتحقيق العدالة الإنسانية؟ لقد بلغت جرائم إسرائيل مبلغاً جعل بعض المسؤولين الإسرائيليين السابقين ينددون بها ويعتبرونها جرائم ضد الإنسانية وأنت ساكت لا تحرك ساكناً. لقد أصدرت العديد من منظمات حقوق الإنسان من مختلف دول العالم بيانات تشجب حرب الإبادة ضد أهالي غزة وتطالب بمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين أمام محكمة مجرمي الحرب وأنت صامت. لقد أصبحت وصمة عار في جبين هذه المحكمة، فخير لك أن ترحل غير مأسوف عليك، بل أدعو قضاة المحكمة إلى أن يسمو بهذه المحكمة، أن يترافع بين يديها مسؤول مثلك فأنت بسكوتك في موقعك هذا شريك ولاشك في دماء الضحايا.