rlm;مكرم محمد أحمد
لا أعتقد أن الإسرائيليين أو أيا من أعداء الحق العربي كان يطمح في أن يري الانقسام العربي وقد بلغ أشدهrlm;,rlm; مثلما بلغ أخيرا في سوق المزايدات علي عقد القمة العربيةrlm;,rlm; تعبيرا عن صراع إرادات مختلفةrlm;,rlm; تحكمها مصالح متباينةrlm;,rlm; عجزت عن توحيد جهودها ومواقفها من أجل انقاذ المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزةrlm;,rlm; الذين تصب عليهم إسرائيل علي امتدادrlm;20rlm; يوما حتي الآن آلاف الأطنان من رصاصها المنصهر علي مدار الساعةrlm;,rlm; وتواصل التقتيل في أطفالهم ونسائهمrlm;,rlm; وتدمر منازلهمrlm;,rlm; فأخذت تهرب الي الأمام لتشق الصف العربيrlm;,rlm; وتزيد عمق انقسامه بانقسام خليجي جديدrlm;,rlm; بدعوي أن كارثة غزة تحتاج الي قمة منفصلة تعقد في قطر قبل يومين اثنين فقط من عقد قمة الكويت التي وافق كل القادة العرب دون استثناء علي حضورهاrlm;,rlm; واتفقوا فيما بينهم علي أن يعقدوا في الكويت اجتماعا تشاوريا يبحثون فيه أزمة غزة قبل أن تبدأ القمة الاقتصادية التي يجري التحضير لعقدها منذ أكثر من عام أعمالهاrlm;.rlm;
وبرغم الآمال التي يعلقها المراقبون علي جهود المملكة السعودية التي دعت قمة دول الخليج الي اجتماع عاجل في الرياضrlm;,rlm; لعلها تستطيع أن تدرأ الانقسام الخليجي بسبب إصرار قطر علي عقد قمتهاrlm;,rlm; فإن المشهد العربي بأكمله يكشف عن خيبة أمل عميقةrlm;,rlm; تزيد من احباط الشارع العربي وتضاعف غضبه بعد أن وصل الخلاف العربي ـ العربي الي هذا الحد المؤلم نتيجة مزايدات بعض الأطراف العربية بحثا عن دور يفوق قدراتها المحدودةrlm;,rlm; لكن يبدو أن اجتماع الرياض لم يتمكن من تحقيق وحدة الصف الخليجيةrlm;,rlm; فإذا بنا إزاء صورة عبثية تجسد الفوضي الضاربة أطنابها في الموقف العربيrlm;,rlm; نصف العرب يجتمعون في قطر تحت مسمي الاجتماع التشاوري بعيدا عن مظلة الجامعة العربيةrlm;,rlm; ونصفهم الآخر يجتمع في الكويت علي مسافة نصف ساعة سفر من الدوحة ليرسم الاجتماعان معا صورة بائسة وصفها عمرو موسي بأنها مزرية لا تسرrlm;,rlm; تكشف عن المخاطر المحدقة بالعمل العربي المشترك وتلحق الأذي بمصالح العرب العلياrlm;.rlm;
لقد عرضت قطر فكرة عقد قمتها في اجتماع قادة دول الخليج الذي انعقد قبل عشرة أيام في مسقطrlm;,rlm; لكن قادة الخليج رفضوا الاقتراح القطري بالاجماعrlm;,rlm; لأن أزمة غزة ينبغي أن تنظرها قمة عربية موسعة يحضرها كل قادة العربrlm;,rlm; يحسن أن يتحدد موعدها بعد أن يستنفد العرب محاولاتهم لاستصدار قرار من مجلس الأمن بوقف اطلاق النار في القطاع مع ضمان تنفيذه كي يكون في وسعهم مجابهة احتمالات الفشلrlm;,rlm; اذا ما رفضت أي من الأطراف المعنيةrlm;,rlm; إسرائيل أو حماس تنفيذ القرارrlm;..rlm; فلماذا عاودت قطر طرح اقتراحها علي الجامعة العربية واختارت أمس الجمعة موعدا لعقدها في الدوحةrlm;,rlm; الموعد الذي كان مقررا أن يجتمع فيه وزراء الخارجية العرب في الكويت تمهيدا لعقد القمة الاقتصاديةrlm;!,rlm; ولماذا الاصرار علي عقد قمة منفصلة إن كان القادة العرب قد اتفقوا علي أن يعقدوا في التوقيت ذاته اجتماعهم التشاوري قبل أن تبدأ القمة الاقتصادية أعمالهاrlm;,rlm; إلا أن يكون الهدف تعميق الانقسام العربي أو إفشال قمة الكويتrlm;.rlm;
أغضب الاقتراح القطري الكويت التي لم تكتم استياءها الرسمي من الدعوة القطريةrlm;,rlm; وعبرت عن هذا الاستياء في رسالة واضحة اتهمت قطر بالعمل علي إفشال قمة الكويتrlm;,rlm; لأنه لا معني بالمرة أن تنعقد في الدوحة قمة استثنائية يعترض بعض العرب علي حضورها في مقدمتهم مصر والسعودية قبل ساعات من عقد قمة الكويت التي أجمع كل القادة العرب علي حضورهاrlm;,rlm; خصوصا أن كل القادة العرب وافقوا علي ضرورة أن تتم مناقشة أزمة غزة في اجتماع تشاوري يكون فاتحة أعمال قمة الكويتrlm;..rlm; ومع الأسف ظهر الأمر وكأن قطر تريد أن تفرض ارادتها قسرا علي الجميع تحت ضغوط الغضب المتزايد في الشارع العربيrlm;,rlm; ومازاد من غرابة الدعوة القطرية أنها لم تنتظر نتائج الجهد الضخم الذي تبذله القاهرة من أجل ضمان التنفيذ العملي لقرار وقف اطلاق النار كي يكون لعقد القمة مبرراته وأسبابهrlm;,rlm; لأن جدول أعمال القمة حال نجاح القاهرة إلزام الأطراف المعنية تنفيذ قرار وقف اطلاق النار يختلف تماما عن جدول أعمالها حل فشل هذه الجهود واستمرار العدوان الاسرائيلي علي المدنيين في غزةrlm;,rlm; الأمر الذي يتطلب بالضرورة موقفا عربيا مختلفاrlm;.rlm;
وضعت قطر العربة أمام الحصانrlm;,rlm; عندما أصرت علي عقد القمة قبل أن تظهر نتائج جهود القاهرة التي تسعي من خلال مبادرتها التي تحظي بمساندة دولية واسعة وتكسب كل يوم المزيد من الزخم الي إيجاد آلية عملية تلزم الطرفين إسرائيل وحماسrlm;,rlm; بوقف اطلاق النار علي نحو متزامنrlm;,rlm; وتفتح الطريق أمام رفع الحصار عن القطاع وفتح المعابرrlm;,rlm; وتضمن استئناف الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني لأنه في غيبة موقف فلسطيني موحد يحقق المصالحة بين فتح وحماس سوف يزداد الموقف الفلسطيني ضعفاrlm;,rlm; وتظل الفرصة متاحة أمام إسرائيل كي تتحلل من التزاماتهاrlm;,rlm; كما يظل الباب مفتوحا علي مصراعيه لمعاودة العدوان علي الشعب الفلسطينيrlm;.rlm;
ومع الأسف ظهرت قطر في موقف ديماجوجي يزايد علي الجميع بمن في ذلك حماسrlm;,rlm; لأنه في الوقت الذي كانت تلح فيه قطر علي الدعوة لعقد قمة الدوحةrlm;,rlm; كان ممثلو حماس يعلنون في القاهرة وفاقهم علي الخطوط العريضة التي التزمت بها المبادرة المصريةrlm;,rlm; وحرصهم علي نجاح المبادرةrlm;,rlm; وأملهم في أن تتمكن مصر من إقناع اسرائيل بأهمية التجاوب مع بعض ملاحظات حماسrlm;,rlm; وكان المبعوثون الدوليون بمن فيهم سكرتير عام الأمم المتحدة وعدد من وزراء الخارجية الأوروبيين يتقاطرون علي القاهرة في رحلات مكوكية بين مصر واسرائيل للاسراع بإنجاز الترتيبات العملية لوقف اطلاق النارrlm;,rlm; وكانت الآمال تتزايد في إمكان النجاح تحت ضغوط الغضب العارم المتزايد للرأي العام العالمي في كل عواصم الخارجrlm;,rlm; وهو يري صمود الشعب الفلسطيني البطل برغم المحرقة والمجزرة التي نصبتها له إسرائيلrlm;,rlm; وطالت المدنيين الأبرياء وقتلت مايزيد علي ألف شهيدrlm;,rlm; إضافة الي خمسة آلاف جريح نصفهم من الأطفال والنساءrlm;.rlm;
ومرة أخريrlm;,rlm; بدا الأمر وكأن قطر التي تتعجل عقد قمتها تريد أن تقطع الطريق علي نجاح المبادرة المصرية بوابل من تصريحات أميرها التي فرضت علي قمة الدوحة قبل عقدها جدول أعمال محددا علي رأسه وقف التطبيع مع إسرائيل وسلب مبادرة السلام العربيةrlm;..rlm; إنني أتفهم تماما مطلب أمير قطر بوقف التطبيع الذي التقطه من شعارات أطلقها البعض في الشارع العربيrlm;,rlm; لكنني مع الأسف لا أعرف الهدف من سحب مبادرة السلام العربيةrlm;,rlm; إلا أن يكون العرب قد استعدوا لإعلان حرب قريبة علي إسرائيلrlm;,rlm; أو يكون الأمير القطري يملك بديلا آخر يقنع العالم بعدالة وموضوعية الموقف العربيrlm;,rlm; ويكشف صلف إسرائيل وعدم استعدادها لقبول سلام كامل مع العرب مقابل إنهاء الاحتلال الاسرائيلي لكل الأرض العربيةrlm;!...rlm; ثم ما هو الهدف من سحب مبادرة السلام الذي يصب تماما في مصلحة إسرائيلrlm;,rlm; ويزيل عنها حرج اقتراح عربي بناء وافقت عليه كل الدول العربية كشف زيف الموقف الاسرائيلي وكذبهrlm;..!.rlm;
لقد كان في وسع الأمير أن يبدأ بنفسهrlm;,rlm; ويقطع علاقاته المتطورة والضخمة مع إسرائيل كي يكون قدوة لكل قادة العربrlm;,rlm; أو أن يأخذ موقفا شجاعا من الأمريكيين الذين بدونهم ما كان بوسع إسرائيل أن تشتد في صلفهاrlm;,rlm; وأن يطلب منهم الرحيل عن أرضه التي تشكل أضخم قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسطrlm;,rlm; لكن الأمير لن يفعل أيا من الأمرينrlm;,rlm; يكفيه أن يتبرع بربع مليار دولار لإعادة بناء غزة لكن إعادة بناء غزة تتطلب أولا وقف العدوان علي شعبهاrlm;,rlm; ويكفيه أن يطالب مصر بإهدار أول شروط أمنها القومي كي يحظي بلقب الأمير الثوريrlm;!rlm;
لقد أعلنت القاهرة والرياض امتناعهما عن حضور قمة قطرrlm;,rlm; لأن كلا منهما يري أن تجديد قطر دعوة الي عقد قمتها قبل يومين فقط من عقد قمة الكويت يزيد من انشقاق الصف العربي في وقت خطيرrlm;,rlm; ينبغي أن يعمل فيه الجميع علي توحيد موقف العربrlm;,rlm; وما يزيد غرابة موقف قطر الحملة التي شنتها قناة الجزيرة علي مصر التي تخفي وراء معالجات الجزيرة لمشكلة أزمة غزة اتهامات مغلوطة وأخبار غير دقيقة يرددها شخوص عرب ومصريون معروف انحيازهم لأي موقف ينال من مصرrlm;,rlm; وصلت حملة الجزيرة الي حد تكفير المصريينrlm;,rlm; بدعوي أنهم امتنعوا عن توصيل امدادات الاغاثة عبر معبر رفحrlm;,rlm; بينما المعبر مفتوح علي مصراعيه كل نهار تعبر من خلاله ارتال المساعدات التي تأتي الي العريش من كل الدول العربيةrlm;.rlm;
ومع ذلك ظل مصير قمة الدوحة معلقا علي المجهول ينتظر تحقيق النصاب القانوني اللازم لعقدها والذي تزايد صعوبة تحقيقه منذ دعت السعودية الي قمة الخليج الطارئة في الرياض أمس الأولrlm;,rlm; وظل المراقبون يتساءلون عن جدوي عقد قمة عربية في قطر تتعلق بأزمة غزة لا تحضرها القاهرة التي تمسك بكل مفاتيح الموقف علي الجبهة الفلسطينية وتعمل بدأب لإيجاد آلية ناجحة تحقق وقف اطلاق النارrlm;.rlm;
أخشي أن أقول أيضاrlm;,rlm; إن اقتراح قطر بعقد قمة الدوحة التي لم يحظ بالنصاب القانوني الذي يضمن عقد القمة تحت مظلة الجامعة العربيةrlm;,rlm; كان يمكن أن يقطع الطريقrlm;,rlm; لو عقدتrlm;,rlm; علي فرصة متاحة كان يمكن أن يهيئها لاجتماع تشاوري للرؤساء العرب في الكويت لتحقيق مصالحة عربيةrlm;,rlm; خصوصا أن الرئيس السوري بشار الأسد سوف يكون ضمن حضور قمة الكويتrlm;,rlm; بما يرتب إمكان لقاء مصري ـ سوري ـ سعودي يزيل الجفوة التي باعدت بين العواصم العربية الثلاثrlm;,rlm; التي كانت تشكل نواة التضامن العربي إن خلصت النيات وحسنت المقاصد وتوصل الجميع في اجتماعهم التشاوري الي وفاق قومي يجمع العرب كل العربrlm;,rlm; علي موقف واحد من العدوان علي غزةrlm;,rlm; يلم شمل الجميعrlm;,rlm; وينهي هذه الفرقة التي قسمتهم الي معتدلين ومتطرفينrlm;,rlm; لأنها قسمة غير صحيحة فرضها الأمريكيون علي الوضع العربيrlm;,rlm; ولأن حقيقة المطروح علي الساحة العربية ليس المفاضلة بين المقاومة والتفاوض كما يشيع الكثيرونrlm;,rlm; لأن التفاوض لايعني اسقاط المقاومة التي ربما تكون شرطا لنجاح التفاوضrlm;,rlm; ولكن المطروح هو المفاضلة بين خيارات موضوعية وعاقلة تستند الي رؤي مدروسة تقدر تبعات ونتائج كل خيارrlm;,rlm;
وتدرك أبعاد الواقع العربي والإقليمي و الدوليrlm;,rlm; وخيارات أخري عشوائية تحكمها المزايدات والعواطف يمكن أن تقود الي مقامرات غير محسوبة يدفع العرب حسابهاrlm;,rlm; وتاريخ العرب حافل بحماقات كثيرة من هذا النوع ضيعت مصائر شعوب عربية بأكملهاrlm;.rlm;
وأظن أن التجارب المريرة لخمس حروب متتابعة علي مدي نصف القرن الأخير قد علمت من اكتوي بنارها ودفع ثمنها دماء وتضحيات غاليةrlm;,rlm; أن المقاومة شئ والحرب شئ آخرrlm;,rlm; وأن الحروب السابقة قد أثبتت فشل الحل العسكري وحده في تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيليrlm;,rlm; وعجزه عن أن يمكن أيا من الطرفين العربي والاسرائيلي فرض ارادته علي الطرف الآخرrlm;,rlm; وكما أن المقاومة لا تعني بالضرورة الحربrlm;,rlm; فإن التفاوض لا يعني بالضرورة قبول وجهة النظر الاسرائيلية أو وجهة النظر الأمريكيةrlm;,rlm; لأن في يد العرب أوراقا عديدة للقوة يمكن أن تعزز موقفهم التفاوضي إن أحسنوا استخدامهاrlm;,rlm; وأولي أوراق القوة العربيةrlm;,rlm; أن يكونوا موقفا واحدا يتكلمون بلسان واحد ويرفعون بندقية واحدة ويتوحدون حول أهداف واحدةrlm;,rlm; لا يسمحون للطرف الآخر أن يجرهم الي ساحته فرادي واحدا تلو الآخرrlm;,rlm; ليأكلهم تباعاrlm;,rlm; ويقوض اراداتهم الوطنية التي هي حاصل وفاقهم القومي ومصدر قوتهم الأساسيةrlm;.rlm;
ومن ثم يصبح من الضروري توحيد مرجعية الحرب والسلام في أعلي سلطة عربية أخذا في الاعتبار آراء الشعوب ومصالحهاrlm;,rlm; كي لا يكون خيار الحرب رهنا بموقف مغامر يدعو إليه زعيم تضخمت ذاته في بلد عربي أو يدفع إليه فصيل وطني محدود لا يعبر عن ارادة الأمة كلهاrlm;.rlm;
أخيراrlm;,rlm; ربما يكون من المبكر معرفة ختام هذا الفصل الحزين والنشاز في الموقف العربيrlm;,rlm; الذي يكرس الخلاف ويعطيه أبعادا أكثر خطورة واتساعاrlm;,rlm; ظهرت في سوق المزايدات علي عقد القمةrlm;,rlm; لكن العرب كانوا سوف يخسرون الكثير إن حظيت قمة قطر بثلثي أعضاء الجامعة العربية وانعقدت بالفعل تحت مظلة الجامعة العربيةrlm;,rlm; لأن انعقادها كان سيأتي علي حساب قمة الكويت الاقتصادية والاجتماعية التي أمضوا أكثر من عام يستعدون لعقدهاrlm;,rlm; لأنها ربما تكون أول قمة عربية تخاطب تحديات العصر وتسعي الي التحدث بلغتهrlm;.rlm;
التعليقات