إميل أمين

ldquo;إن دولة إسرائيل مع الإجلال كله لقوتنا وللقنابل الذرية التي نملكها لم تعد قادرة على الانتصار في أي حرب، وليس من المهم البتة أي حرب ستكون وفي مواجهة من ستتمrdquo;.

بهذه الحقيقة كان الكاتب ldquo;الإسرائيليrdquo; ldquo;كوبي نيفrdquo; في صحيفة معاريف يصدم الرأي العام ldquo;الإسرائيليrdquo; قبل أسابيع قليلة من بدء مجزرة غزة، ldquo;إسرائيلrdquo; عند ldquo;نيفrdquo; ومنذ حرب الأيام الستة لم تنتصر في أي حرب لأن النصر في الحرب لا يعني أننا دمرنا وقتلنا منهم أكثر مما دمروا منا فليس في الحرب كرة قدم، النصر في الحرب يعني تحصيل الأهداف التي أقمناها لأنفسنا ساعة نشوبها.

هل كان الرجل يقرأ الطالع؟ بالمطلق لا، لكنه استطاع أن يرصد وبدقة حال ومآل ما تحقق ل ldquo;إسرائيلrdquo; من أهداف حتى الساعة.. ماذا عن ذلك؟

في منتصف شهر مايو/أيار الماضي وفي غمرة احتفالات ldquo;إسرائيلrdquo; بالذكرى الستين لتأسيسها كان نحو 100 شخصية أكاديمية بريطانية يهودية توقع على عريضة وتنشرها صحيفة الجارديان البريطانية يدعون فيها إلى مقاطعة احتفالات قيام ldquo;إسرائيلrdquo;.. لماذا؟ لأن ldquo;إسرائيلrdquo; باتت ldquo;دولة قائمة على الإرهابrdquo;. وفي مواجهة الاتهام باللاسامية قال الباحث البروفيسور اليهودي ldquo;حاييم براشيتrdquo;: ldquo;إن الإرهاب الحقيقي هو أن ldquo;إسرائيلrdquo; تفرض على الفلسطينيين منذ 40 عاما إرهاب دولة قوية، إننا ندفع بالفلسطينيين إلى الزاوية التي ليس فيها لهم أي مجال للخيار سوى الانتحارrdquo;.

أما الحاخام اليهودي ldquo;يسرول ويسrdquo; من جماعة اليهود المتحدين ضد الصهيونية فيرى ldquo;أن ldquo;إسرائيلrdquo; أفسدت كل شيء على الناس جميعا، اليهود منهم وغير اليهود، إذ حولت الصهيونية الديانة اليهودية من دين روحي إلى شيء مادي ذي هدف قومي للحصول على قطعة أرضrdquo;.

واعتبر ldquo;أن هذه الحرب الدائرة مع الفلسطينيين خاصة أو مع العرب عامة ليست دينية، بل دنيوية.

ونمضي مع ldquo;إيلان بابيrdquo; الأكاديمي ldquo;الإسرائيليrdquo; المنبوذ في بلده والذي اضطر للاستقالة كمحاضر رئيسي للعلوم السياسية بجامعة حيفا ومغادرة ldquo;إسرائيلrdquo; بسبب دعوته لمقاطعة الجامعات ldquo;الإسرائيليةrdquo; وتأكيداته بأن ldquo;إسرائيلrdquo; مارست التطهير العرقي ضد العرب وتأييده لمقاومة حماس وإن لم يكن لتوجهها السياسي.

يقول ldquo;إيلان بابيrdquo; في الرد على تساؤل حول ما إذا كان النزاع العربي ldquo;الإسرائيليrdquo; يجتاز الآن أسوأ مراحله ldquo;إنني لا أزال أعتقد أن أسوأ لحظة كانت عام 1948 وقت عمليات التطهير العرقي ومع ذلك فإن المرحلة الراهنة سيئة جدا، إنها المراحل الأخيرة لمساعي ldquo;إسرائيلrdquo; الأحادية لتقسيم الضفة الغربية إلى جزأين واحد يلحق ب ldquo;إسرائيلrdquo; والآخر يصبح معسكر اعتقال كبير. ويصف الوضع في غزة بأنه أسوأ مما كان قائما في جنوب إفريقيا ولأنه بسبب مقاومة الفلسطينيين لحالة السجن هذه تشن ldquo;إسرائيلrdquo; سياسة قتل جماعي متصاعدة ويبدو العالم غير مبال والعرب غير مكترثين لما يحدث من مذابح هناكrdquo;.

ولعل الأهداف التي يتحدث عنها ldquo;كوبي نيفrdquo; في معاريف باتت تمتد إلى إشكالية شديدة المرارة للدولة العبرية متمثلة في قيام شكوك حول وجود ldquo;إسرائيلrdquo; ذاتها، والعهدة هنا على الفيلسوف والمحلل النفسي ldquo;الإسرائيليrdquo; ldquo;كارلو شترنغلرrdquo; المحاضر في قسم علم النفس في جامعة تل أبيب.. ما الذي يضيفه لهذه الثلة الفكرية؟ يقول:

ldquo;في أعماقنا جميعا نعرف أن التسبب بالألم للفلسطينيين بسبب المستوطنات لا يمتلك أي تبرير أخلاقي وبالرغم من ذلك نسمح لذلك أن يحدث ونحاول تهدئة ضمائرنا من خلال القول إنه لا يوجد شريك في الطرف الآخر وأن الحواجز ضرورية لمنع العلميات الإرهابية.. لكن هناك طريقاً واحداً فقط لوضع حد لحالة اللاارتياح الجماعية والخوف من أن تكون ldquo;إسرائيلrdquo; معمرة فوق رمال متحركة وهو إعادة الأساس الأخلاقي الذي قمنا عليه.. الشلل سينتهي عندما تصبح ل ldquo;إسرائيلrdquo; قوة إرادة سياسية للقول للمستوطنينrdquo;، ldquo;نحن نفهم ألمكم وغضبكم، إلا أننا ارتكبنا خطأ جسيما عندما أرسلناكم إلى الضفة، البقاء الأخلاقي والسياسي ldquo;الإسرائيليrdquo; يعتمد على عودتكم إلى البيتrdquo;.. لكن من يملك سلطة عدم إرسال جنود جيش الاحتلال على الطرقات ليجبروا الفلسطينيات على فقد حملهن على الحواجز؟

ما يجري في غزة يجعلنا نلجأ إلى مقاربة تاريخية صادقة، ففي ستة أيام من العام 1967 استولت ldquo;إسرائيلrdquo; على سيناء بأكملها وهضبة الجولان والضفة الغربية وغزة، ويومها لم تكن تملك قنابل الأنفاق والأعماق من طراز GBU ولا طائرات F16 ولا دبابات الميركافا واليوم تمضي الأسابيع وهي عاجزة عن إخضاع المقاومة في غزة.. هل صدق ldquo;كوبي نيفrdquo; إلى هذه الدرجة؟

يجيب ldquo;الوف بنrdquo; من هاآرتس: يجب أن نخرج من غزة قبل أن نتورط في حرب استنزاف. نعم باتت غزة تمثل للجيش الذي لا يقهر موقع وموضع اختبار لحرب استنزاف قائمة وليست قادمة، النبوءة إذن صحيحة والحقيقة باتت معروفة من قبل التيارات النخبوية ldquo;الإسرائيليةrdquo; لأنهم اكبر من حدود الكيان الصهيوني ولأنهم جزء من ثقافة أكبر من ثقافة تخاريف التوراة، وليسوا جميعا صيغة ثقافة الصهيونية وفي مقدمة هؤلاء المؤرخ الإسرائيلي ldquo;زئيف شترنهالrdquo; الذي حاولت القوى اليمينية ldquo;الإسرائيليةrdquo; اغتياله أخيراً لإسكات صوته المنادي في برية التيه ldquo;الإسرائيليrdquo; الستيني ldquo;إنه ما لم توضع نهاية للاحتلال ldquo;الإسرائيليrdquo; للأراضي الفلسطينية فسيضع هذا الاحتلال نهاية لدولة اليهودrdquo;.

هل لهذا يؤكد ألوف بن أنه على أولمرت أن يسارع إلى الخروج من غزة قبل أن يحل محل النشوة البراقة خمار مؤلم؟.

وهل بقي مجال بعد للحديث عن السلام الآتي من بعيد؟

ترى ldquo;أوريت دغانيrdquo; الكاتبة ldquo;الإسرائيليةrdquo; في مقال لها بصحيفة معاريف أن ldquo;الإسرائيليينrdquo; يندفعون للحرب لأنهم يكرهون السلام، ويعتبرون أن القوة هي الخيار الوحيد لتحقيق الأهداف ليس فقط هذا بل إن ldquo;الحروب تجري في عروقنا مجرى الدمrdquo;، وتتساءل إن كنا محبين للسلام فلماذا نختار الحرب؟

لأن ldquo;إسرائيلrdquo; وعلى حد تعبير ليفي أشكول عام 1967 قررت أن تعيش بحد السيف والسيف وحده وتناست أن من يعيش بالسيف فبالسيف يموت كما قال الناصري قبل مئات السنين من ترديد شكسبير لذات التعبير.