ممدوح طه

كانت أهمية قمة الكويت العربية نابعة من أنها القمة العربية الجامعة في كل ما سبقها من قمم لكل القادة العرب تحت علم الجامعة، وكان من المأمول أن تكون جامعة للصف العربي، بعدما فرض التحدي العدواني الصهيوني على الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة على كل العرب ضرورة الاستجابة الجماعية الموحدة للتصدي للعدوان والتضامن مع صمود غزة، وبعد ارتفاع laquo;غزةraquo; بوحدتها ومقاومتها وصمود شعبها وقياداتها إلى مستوى القمة، وأضحت هي الجامعة لكل العرب شعوبا وقادة، بما أوجب عليهم الارتفاع إلى مستوى مسؤوليات القمة على اختلاف مواقفهم وتباين رؤاهم وتعدد محاورهم المبررة أو المقررة!

كما نبعت هذه الأهمية المضاعفة لهذه القمة الاقتصادية بحضور القادة السياسيين والخبراء الاقتصاديين، من الفرصة التاريخية الآنية التي أتيحت لها للاستثمار السياسي العربي المشترك!!

هذه الفرصة تمثلت في الحاجة العربية لاستثمار حدثين تاريخيين، الأول.. هو فشل العدو الصهيوني بعدوانه العسكري الإرهابي الهمجي بكل أسلحة القوة الأميركية البوشية الداعمة له، في تحقيق أي من أهدافه السياسية، باضطراره إلى وقف إطلاق النار من جانب واحد تحت قصف الصواريخ الفلسطينية، وهو الذي كان يصر على استمرار العدوان إلا إذا أوقفت المقاومة استمرار إطلاق صواريخها، واضطراره إلى الانسحاب التدريجي الفوري، قبل انتهاء الأسبوع الذي حددته له المقاومة الفلسطينية للانسحاب، وهو الذي أعلن أنه لن ينسحب إلا إذا تحققت أهدافه بإزالة laquo;حماسraquo; ووقف الصواريخ ومنع وصول السلاح إلى غزة!!

وكان ما أجبر العدو الفاشل على ذلك ثلاثة أسباب هي: الصمود البطولي للمقاومة الموحدة والشعب الفلسطيني الموحد وراء المقاومة، والضغط الشعبي والرسمي العربي والإسلامي والعالمي غير المسبوق ضد العدوان، واستباق ولاية أوباما بتوجيه رسالة إسرائيلية خادعة للسلام، بعد استثمار ولاية بوش في العدوان والإرهاب والإجرام!!

والحدث الثاني.. هو استثمار عدم الانتصار الصهيوني وعدم الانكسار الفلسطيني في غزة، لتوجيه رسالة عربية جماعية قوية للإدارة الأميركية الجديدة المؤكدة لمبدأ laquo;الحق فوق القوةraquo;، تحدد فيها رؤيتها الموحدة للحق الشرعي العادل المغتصب بالقوة الصهيو أميركية في القضية الفلسطينية المشتعلة ولسائر قضايا المنطقة المتفجرة، بما جعل الصورة الأميركية مثار السخرية واللا مصداقية..

خصوصا مع زوال إدارة بوش العمياء في انحيازها للعدو، والغاشمة في عدوانها واللاعبة بالنار والناشرة للخراب والدمار في العالم العربي والإسلامي، وتولي إدارة laquo;أوباماraquo; الواعد في خطاب التنصيب بالسعي نحو العدالة والسلام في الشرق laquo;بإعادة العراق لشعبه وبتحقيق السلام في أفغانستانraquo; وبالحوار مع العالم العربي والإسلامي، وصولا إلى طريق جديد يؤسس لعلاقات صحية laquo;تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركةraquo;.

ويبقى المطلوب من كل العرب في قمة عربية مقررة ومبررة وجامعة، الارتفاع إلى مستوى التحدي المصيري والقدرة الجماعية على الاستجابة لهذا التحدي، برسالة عربية لشعوبهم أنهم معهم لا مع غيرهم، وبرسالة عربية للصهاينة أننا لن نقبل سلامهم الملغوم، ورسالة للأميركان في عهدهم الجديد أننا نريد القوة الأميركية ناصرة للحق لا مغتصبة للحقوق، تساعد على أن يدخل العرب بوحدتهم في الحساب الأميركي، لا بانقسامهم فيخرجوا من أي حساب دولي.