احمد ذيبان

..quot; فتوى الجدارquot; ليست الاولى التي يصدرها الجامع الأزهر، وتثير استهجان الرأي العام ، فقد سبق أن أصدر العديد من الفتاوي أو صدرت تصريحات وتصرفات عن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أشعلت جدلًا ساخناً ، وغالباً ما تكون تلك الفتاوي رد فعل لأحداث وأزمات سياسية ، خاصة عندما يتعلق الأمر بانتقادات توجه للسياسة الخارجية المصرية .

حيث ينبري الأزهر مدافعاً عنها بغض النظر عن مدى توافقها أو تناقضها مع الشريعة الإسلامية ،الأمر الذي أثار شبهات بأن الأزهر الذي يعد تاريخياً من أهم المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي، تحول تحت ولاية الشيخ طنطاوي إلى مؤسسة شبه حكومية ،يصدر فتاوي بطلب من الحكومة المصرية !.مثل الكثير من المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي التي تخضع لسلطة الحكومات وتتلقى التوجيهات منها ويعين القائمون عليها بقرارات رسمية !.

والفتوى التي أجازت شرعاً بناء مصر لجدار فولاذي تحت الأرض على حدودها مع غزة، تحت عنوان الدفاع عن الأمن القومي ، وهو نفس منطق الحكومة المصرية، التي لها حساباتها السياسية وليس الدينية ، جاء رد فعل على إدانة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي للجدار ومطالبة القاهرة بالتوقف عن بنائه، باعتباره يسهم بتشديد الحصار الإسرائيلي على غزة الذي اضطر أهلها إلى استخدام الأنفاق للحصول على المستلزمات الأساسية للحياة من غذاء ودواء وخلافه ! .

كان بإمكان الأزهر الصمت على الأقل ،لكن يبدو أن ردود الفعل الغاضبة على بناء الجدار شكلت ضغطاً سياسياً ونفسياً على الحكومة المصرية، ما اضطرها للاستعانة بالزهر، وللمصادفة فقد تزامنت الضجة حول الجدار مع موجة غضب وإدانات أخرى لقرار الحكومة المصرية منع دخول قافلةquot; شريان الحياة quot; عبر ميناء نويبع ومنه إلى غزة لإيصال مساعدات إنسانية واشتراط القاهرة عودة القافلة إلى سوريا ومنها الإبحار إلى العريش، وهذا القرار لم يثر اهتمام الأزهر! .

وللمفارقة فقد أصدرت محكمة العدل الدولية عام 2005، قراراً يدين بناء إسرائيل لجدار فصل عنصري في الضفة الغربية ،وطالبت بازالته ، فيما يختتم الأزهر عام 2009 بquot; فتوى شرعيةquot; تجيز لمصر بناء جدار فولاذي يغلق quot;انفاق الحياة quot;أمام سكان غزة ّ!.