أبو زيد والفالي والعريفي... وسياسة laquo;كل من إيدو إلوraquo;

حسن عبد الله عباس


ليس مستغرباً أبداً أن تمنع الحكومة الكويتية الداعية السعودي الشيخ محمد العريفي من الدخول لأراضيها. فالخبر الذي تداولته الصحف أخيراً وبصورة شبه مؤكدة (لأن وزارة الداخلية لم تؤكده) حسب التسريبات من مطار الكويت انتشر على الساحة ولم يتسبب ذلك بصدمة أو يُدهش أحداً في الداخل، لأنها جاءت بعد حادثتين شبيهتين منعت السلطات خلالهما شخصيتين بضغط من اللوبي الذي رفع عقيرته الآن متذمراً من تصرف الحكومة إزاء العريفي. أقصد أن الدهشة بدهياً ستكون أكبر لحالتي الفالي وأبو زيد، لأن الأول، سمحت له الداخلية ودخل أرض الوطن وأقام فيها أياماً لحضور جلسة قضائية قبل أن يُبعد عنها بعد ذلك (رغم صدور قرار منع دخول بحقه)، والثاني، وقبل شهر من موعد وصول طائرته رُخّص بالدخول بفيزا رسمية، ولكن وبسبب ضغط الإسلاميين مُنع الاثنان، ما تسبب بحرج سياسي وديبلوماسي كبيرين. فمنع العريفي الآن وبعدما أخذت الداخلية درسين من الماضي أصبح ضرورياً لإيجاد التوازن ومن باب المساواة في المعاملة.
ليس من إذاعة السر إن قلنا إن ازدياد قائمة المنوعين أخيراً مظهر طبيعي من مظاهر التشفي والانتقام بين الأطراف المتعادية في الداخل. فكل فريق يضرب الثاني ويسجل هدفاً في مرماه بمنع أحد المحسوبين عليه من الدخول أو الحظر على رأيه وفكره! ومع أنني لا أدري ما الهدف من ذلك كله؟، لأنه لا أحد يستطيع أن ينفي ويعزل الآخر، إلا أن المشهد هذا قد يبدو طبيعياً بالنظر إلى أهواء وطبائع البشر. لكن غير الطبيعي أن تكون أرضية الملعب وكرة التهديف هما الحكومة والداخلية.
فالحكومة مع الأسف هي من سمحت لدوامة التشفي والتندر والتطاحن المذهبي والأيديولوجي لتستمر طالما ظلت حكومة تُدار بمسجات النواب وأطراف الضغط. فهي تستجيب مباشرة لمجرد تهديد يأتيها من هنا أو هناك. ألا تدري الحكومة بأنها وبتكرارها لهذا العبث الإداري وبهذا الرضوخ ستنتهي إلى دولة laquo;كل من إيدو إلوraquo;؟ الحكومة أضحت وسيلة وآلة تستعملها الأطراف المتخاصمة في الانقضاض على بعضها البعض مع أن دورها نقيض ذلك بفض الاشتباكات ونزع فتيل القلاقل!
يا حكومة ويا مجلس ويا شعب الكويت عليكم جميعاً مسؤولية تفعيل مواد الدستور وأحكام القضاء وتشريعات مجلس الأمة طالما أننا بدولة المؤسسات لا سلطة الصوت العالي وفتوة العضلات. لهذا يجب أن يُرفع قرار المنع الذي تركته الدولة لرحمة مسجات اللوبي في البلد ولتعيده من جديد وتضعه تحت هيبة وسيادة دولة القانون. صحيح أن منع العريفي الآن أصبح مستحقاً بعدما سُقي الليبراليون والشيعة مرارة كأس المنع، لكن الأصل أن يُجاز للجميع طالما أن سيادة الدولة والقانون ووحدة الوطن لم يتعرضا للتهديد. فالأصل هو السماح والاستثناء في المنع laquo;فالقسر لا يكون دائمياً ولا أكثرياًraquo;، كما تقول القاعدة الفلسفية، وإلا فإن استمرت الدولة بهذا المنوال فسيصير أمرنا إلى مستقنعات الفتن.