من خبايا مشروع مانهاتن ونهاية الحرب الساحقة إلى laquo;داغوود شاطر الذرةraquo;

واشنطن

كان تطوير واختراع أول قنبلة ذرية في العالم سرا مدهشا جدا، حافظ عليه الغرب حتى مع نمو المشروع الأميركي الى حجم هائل حيث تورط في عواقبه أخيرا بما في ذلك انشغال ما يربو على مئة ألف نسمة فيه وكلفة وصلت الى بليوني دولار. بحلول عام 1943 كان مبنى أوك ريدج بولاية تينيسي يعتبر أكبر مبنى في العالم، ويعمل بكامل طاقته. وفي مجمع هانفورد بولاية واشنطن كان يعمل أكبر عدد من الناس في أميركا بصناعة السيارات، أما مختبر laquo;لوس الاموسraquo; في نيو مكسيكو فقد كان يتم فيه تجميع واحد من أكبر تجمع من العلماء العباقرة. ولكن عددا قليلا جدا من خارج هذه المرافق كانوا يعرفون ما الذي يجري في الداخل وحتى في أعلى الهرم الحكومي.

والى تاريخ وفاة الرئيس فرانكلين روزفلت يوم 12 ابريل عام 1945 لاصابته بنزيف في المخ لم يكن حتى الرئيس الجديد هاري ترومان الذي أدى اليمين الدستورية يومئذ يعلم أي شيء قبل ذلك التاريخ عن مشروع مانهاتن وعزم أميركا على تطوير قنبلة ذرية. وفي أقل من أربعة أشهر في وقت لاحق اتخذ الرئيس الجديد قراره النهائي لضرب مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين ذريتين منفصلتين.

وهكذا في لحظة واحدة دهش العالم لما حدث ولمعرفتهم بالسر الرهيب، سر امتلاك أميركا للقنبلة الذرية. وظهرت في الصحافة أعداد لا تحصى من المقالات والمواد والتقارير الاخبارية حول هذا الموضوع. وما ان وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى انشغل المتخصصون من مبدعين وسينمائيين وفنانين ومهندسين وعلماء بمناقشة احتمال استخدام الطاقة الذرية استخداما سلميا لتشغيل السيارات ومحطات توليد الكهرباء والغواصات، على الرغم من عدم توافر الأساليب العلمية لهذه الاستخدامات. وفي عام 1946 أنشأ الرئيس ترومان لجنة الطاقة الذرية (AEC) كلجنة مدنية لتحل محل مشروع مانهاتن، وبهدف مواصلة تحقيق تطوره.

لكن بينما أصبح الانشطار النووي حقيقة واقعة معروفة للجميع، فان جانب الخدمات اللوجستية فيه كان لايزال تحت حراسة مشددة بسبب دخول الولايات المتحدة حقبة الحرب الباردة التي تميزت بالسباق في مجال التسلح النووي. لكن قانون عام 1946 الذي أنشئت لجنة الطاقة الذرية بموجبه فرض أيضا قيودا غير عادية على افشاء أي معلومات فنية حول الأسلحة الذرية وحتى بين الحلفاء ونص القانون على ان انتهاك هذا الحظر المفروض يقابله عقوبة الاعدام أو السجن مدى الحياة.

من أجل تنمية الطاقة النووية للأغراض المدنية يجب أن تستعين الحكومة بالمواطنين أول قنبلة ذرية كانت قد استنفدت كل اليورانيوم المخصب المخزون في البلاد. وتصنيع قنبلة من حجم تلك التي استخدمت في الحرب الثانية يحتاج الى كميات هائلة من اليورانيوم الخام لصنع المواد الانشطارية، ولكن تطوير قنبلة جديدة يحتاج لكميات اضافية من هذا المعدن. ولكن هناك عدد قليل من الأماكن المعروفة في العالم توجد فيها كميات كبيرة من اليورانيوم في مكامن. وقد حصلت الولايات المتحدة على كل اليورانيوم الذي احتاجته في الحرب العالمية الثانية تقريبا من الكونغو البلجيكية التي كانت لاتزال أغنى مصدر لخامات اليورانيوم المعروفة باسم (بتشبلند pitchblende) كما كانت مناجم أوروبا الشرقية التي استولى عليها هتلر متاحة بصورة مؤقتة. ولكن حتى مع هذه الكميات الكبيرة كانت هناك حاجة لاحتياطيات اليورانيوم. وتحقيقا لهذه الغاية قامت الحكومة الفيدرالية علنا بتشجيع التنقيب عن اليورانيوم لحساب المنقبين الخاص.

منذ عصور ما قبل التاريخ شكل التنقيب عن المعادن الثمينة جزءا من بحث البشر، بما في ذلك أراضي أميركا الشمالية. قبل خمسة آلاف سنة قطعت الشعوب القديمة مسافات شاسعة من آسيا الى منطقة البحيرات الكبرى بأميركا وهضبة كولورادو للبحث عن النحاس. وحصل الباحثون في تلك المناطق على النحاس والحديد والسيلينيوم، والفاناديوم، وغيرها من المعادن الأخرى اللازمة لتطوير الصناعة، وشكلت هجرات المنقبين عن المعادن جزءا مهما من التاريخ المحلي. الا ان حمى البحث عن اليورانيوم عند منتصف القرن العشرين فاقت أي نسبة سابقة من عدد الباحثين عن المعادن عبر التاريخ.

في عام 1948 حددت لجنة الطاقة الذرية سعرا ثابتا لليورانيوم تجاوز بكثير قيمته في السوق لكي يدوم على هذا السعر لمدة عشر سنوات. وبالاضافة الى ذلك بدأت اللجنة بتقديم مكافآت من 10 آلاف دولار (ثم رفعت الى 35،000 دولار لبعض الوقت في أوائل عقد الخمسينيات) كانت تقدم للأفراد الذين يعثرون على ودائع كبيرة من اليورانيوم على الأراضي العامة أو الخاصة. ونشرت لجنة الطاقة الذرية في كتيب صغير الحجم بعنوان دليل التنقيب عن اليورانيوم كان يباع بسعر ثلاثين سنتا فبيع منه أكثر من 16 ألف نسخة في غضون سنة عقب صدوره مباشرة. وكما يذكر الكتيب فان من الممكن أن يطالب المنقبون بامتلاك حصة من الأراضي الخاصة دون قيود بينما يتم دفع دولار واحد للمطالبة بنسبة من الأراضي العامة. وبعد اكتشافهم لليورانيوم يحملونه للفحص في المكاتب التي تديرها الحكومة لدى اللجنة. في بعض الحالات تم توسيع الأراضي العامة لتشمل المنتزهات الوطنية والمعالم التاريخية مثل الحديقة الوطنية بجبل ماكينلي والنصب الوطني في خليج غلاسير والنصب الوطنى في وادي الموت.

لهذا توافد آلاف المغامرين من المنقبين الطامحين هواة ومحترفين الى الغرب الاميركي وغالبا صوب هضبة كولورادو الواسعة. ومن المؤكد أن بعضهم أصاب غنى هناك وقصصهم كثيرا ما تتردد في كتب الأدب الشعبي والروايات التي كتبها مؤلفون محليون. وكانت أفضل قصة طريفة معروفة منها، وهي قصة تصلح لأفلام هوليوود، هي حكاية تشارلي ستين. ويقال ان هذا الرجل استقال من عمله كموظف في النفط بتكساس في عام 1948 وارتحل مع زوجته واثنين من ابنائه ومقطورة صغيرة الى المناطق البعيدة من الهضبة. وهناك بقي ثلاث سنوات يبحث عبثا. وبعد أن كاد ينفد ما لديه من الاموال حيث كان هو وعائلته يعيشون على الفاصولياء الجافة عثر تشارلي على اليورانيوم أخيرا فكانت ضربة موفقة ليس فقط في الحصول على فلزات الذهب الصفراء بل على خامات (بتشبلند) لأكثر قيمة بكثير من الذهب والتي تحتوي على ما يزيد عن 70 في المئة من اليورانيوم النقي. وبذلك أصبح فاحش الثراء بل أغنى رجل في ولاية يوتا حيث جمع بحلول عام 1955 ثروة تقدر بحوالي 130 مليون دولار ومضى تشارلي لاهيا مبددا ثروته على مدى العقد التالي حيث كان ينفق بسخاء هائل ولكن روايته كانت مصدر الهام لاينتهي.

وهناك العديد من القصص المشابهة لقصة تشارلي فقد جمع بعض المنقبين الملايين وبعضهم عشرات الآلاف ومعظمهم لم يحالفه الحظ ولكن جهودهم كانت ترتحل وتبقى حية على الضجة القائمة حول اليورانيوم كمصدر للثراء. وفي مقالات صحيفة laquo;نيويوركرraquo; بعنوان laquo;حديث المدينةraquo; التي نشرت بين عامي 1948 و1953 نجد الكثير منها. في عدد 27 أغسطس 1949 تحدث برندان جيل عن مبيعات هائلة العدد في أبركرومبي وفيتش عن عدادات من نوع غيغر لرياضيين كانوا يرغبون في مزاولة مهنة التنقيب عن اليورانيوم كنشاط هامشي لهم. بدأ جيل التحقيق في حمى البحث عن اليورانيوم في مانهاتن فاكتشفت ان المنقبين لم يكتفوا بالذهاب الى كولورادو للبحث عن اليورانيوم ولكنهم كانوا يتجمعون عند المنحدرات ذات الصخور الزيتية على مسافة مئة ميلraquo; في نيويورك. وزار المكتب المحلي للجنة الطاقة الذرية والتقى هناك السيدة مورييل ماثيز كبيرة علماء المعادن ومختبر عمليات المواد الأولية وقد أخبرته ان مكتبها قد تلقى خمسة وعشرين عينة من الصخور... لأن مكاتب الحكومة بدأت برنامج البحث عن اليورانيوم في العام الماضي. وأضافت ان المكاتب الحكومية المكلفة بالتحليل أغرقت بتلك العينات من الخامات، وان تسعين في المئة من العينات لم تمر عبر عدادات غيغر الأولى لسبب بسيط هو انها غير مؤهلة للكشف عن المواد المشعة. ولا أحد كان يعرف لماذا يرسل الناس لنا كل هذه الأشياء.

في عددها بتاريخ 19 يناير 1952 تحدثت ريكس لاردنر عن ان شركة laquo;رادياكraquo; وهي المورد بالجملة لعدادات غيغر وبعد ملاحظتها تزايد الطلب على تلك العدادات قررت أن تخوض تجربة البيع بالتجزئة وفتحت متجرا لها في laquo;فيفث أفنيوraquo; وفيما يبدو لم يكن السوق مقتصرا على المنقبين عن المعادن فقط. وقال مسؤول المتجر ان المعلمين على سبيل المثال ما كانوا يريدون اغفال البحث عن الكلمة الرابعة التي تبدأ بالحرف laquo;Rraquo; ككلمة تكمل السلسلة التعليمية (القراءة، الكتابة، الايقاع باللغة الانكليزية) وهي تعبير يصف النشاط الاشعاعي وينبغي على المعلمين تعليم الطلاب أن النشاط الاشعاعي ليس خطرا بالضرورة وانه كان بيننا دائما فعقارب الساعات مصنوعة من مواد نشطة اشعاعيا. وعبر قرون عديدة كان المشتغلون بصناعة الزجاج في أوروبا يستعملون ملح اليورانيوم لتلوين زجاج النوافذ الملوث بالبقع كما ان نوافذ كاتدرائية القديس يوحنا من مادة مشعة، لكنها غير مؤذية.

ان الكلمة laquo;غير ضارةraquo; ليست هي الكلمة الصحيحة هنا ففي حين أن اليورانيوم ليس بنفس قوة عنصر مشع كالراديوم مثلا فانه أدى الى قتل عاملات الراديوم، في مصانع تلوين مينا الساعات بالمادة المتحولة اللاصقة في العتمة وبالتالي فهي لا تزال تشكل خطرا على الصحة. وعلى أي حال، لم يكن الناس يلقون بالا للخطر الناجم عن التعرض للمواد المشعة خلال ما عرف بحمى البحث عن اليورانيوم. هذا يرجع جزئيا الى أن الحجم الكامل لهذا الخطر هو غير معروف حتى ذلك الوقت. ولكن الحظر الذي فرض على المعلومات الذرية على الرغم من أنه لم يمتد ليشمل المخاطر الصحية كان كافيا لطمس مناقشة ما كان معروفا حول الذرة. وقد التقى اهتمام الحكومة في الحصول على اليورانيوم مع مصلحة الباحثين عنه في هذا الاتجاه أيضا وبالنسبة للمنقبين عن اليورانيوم فان ما كانوا يعلمونه عن خطره ـ علما ان مجرد العمل في المناجم يعد خطرا ـ كان باهتا مقابل ما أرادوا تحقيقه من مكاسب مادية طائلة.

في الوقت عينه شكلت الروحية ذاتها روحية البراءة والتفاؤل التي أنعشت مدير مبيعات العدادات الراديوية عاملا مساعدا على بلورة العامل الرابع laquo;Rraquo; كما رأينا في مجال الألعاب والدمى والمجموعات العلمية. وكان laquo;باركر براذرزraquo; هو مبتكر لوحة الألعاب مثل اللعبة الشعبية جدا laquo;كاريرزraquo; عام 1955 وتحتوي على ثمانية مسارات متنافسة في المهن المرتبطة بالشهرة والثروة والسعادة. احدى هذه المهن في النسخة الأصلية هي البحث عن اليورانيوم فكانت laquo;حمى اليورانيومraquo; هي لعبة تجلب للفائز المكافأة في تلك الحقبة وهي مصممة على غرار المكافآت التي رصدتها الدولة لتشجيع الباحثين عن اليورانيوم. في تلك اللعبة كان المشتركون يفتلون قرصا مصمما لكي يشير في اللوحة الى المكان المرجح لوجود اليورانيوم. وما ان يتوقف القرص على احدى الجهات الجغرافية يوضع عداد غيغر يعمل بالبطارية في ذلك الاتجاه فاذا أضاء العداد وأطلق صوتا فان الشخص يربح 50 ألف دولار من البنك المركزي للدولة.

هذه وغيرها من الألعاب كانت توصف بأنها مسلية ومفيدة معا فأضيفت الى غيرها من المواد العلمية المتعلقة بالبحث عن اليورانيوم وتتضمن عدادات غيغر وغرف السحابة الذرية لاجراء التجارب مع نماذج من اليورانيوم والراديوم ليستخدم من قبل العلماء اليافعين.

وربما كان الأكثر تطورا بين هذه المواد العلمية هو مختبر الطاقة الذرية من نوع جيلبرت U-238، المعروف في حوالي 19501951. وكانت هذه لعبة مكلفة بسعر50 دولارا تقريبا ثم كان هناك أيضا مكشاف كهربائي وأربعة أنواع من خامات اليورانيوم مع دليل laquo;AECraquo; للبحث عن اليورانيوم الذي يحوي معلومات وقراءات متقدمة حول طبيعة الفيزياء الذرية مع نسخة من كتاب ساخر ملون بعنوان laquo;داغوود شاطر الذرةraquo;. هذا الكتاب المكون من 37 صفحة وضعت له مقدمة كتبها الجنرال ليزلي غروفز من مشروع منهاتن. وهو يستغل شخصية ماندريك الساحر لرواية القصص باستخدام شخصيات عديدة مثل داغوود، بلوندي، بوباي، ويمبي وغيرها لشرح تاريخ وطبيعة الانشطار الذري. وفي نهاية الكتاب هناك مجموعة من الأسئلة والاجابات وآراء حول احتمال تطوير العلماء مستقبلا لمنتجات علمية في الصناعة والطب والزراعة من خلال الذرة. وهذا يجعله يحوي مضمونا تعليميا:على أساس انه اذا تمكن داغوود من شطر الذرة فان أي شخص يمكنه ذلك وبالتالي فانه يشجع علماء أخرين من ذوي الطموح على العمل لتحويل الحلم الى حقيقة. وكان هذا الكتاب يقدم مجانا في المعارض التي تشجع الاستخدام السلمي للطاقة الذرية مثل معرض الانسان والذرة الذي نظم سنة 1948 في سنترال بارك تحت رعاية شركة جنرال الكتريك وشركة ويستنغهاوس. وشهد ذلك المعرض توزيع ما يزيد على 250 ألف نسخة منه وهو ما جعل جنرال الكتريك تطلب طباعة ملايين النسخ من هذا الكتاب حسبما ذكر بول بوير في كتابه laquo;في ضوء القنبلة الأولraquo; الصادر عام 1985.

وفي غضون عشر سنوات من بذل هذه الجهود المذهلة بلغت حمى البحث عن اليورانيوم ذروتها حيث تكدست كميات هائلة من اليورانيوم واكتشفت مكامن جديدة منه في أنحاء العالم، وارتفع ثمنه. الا ان سعره عاد للانخفاض خلال الثمانينيات لكن هذه المرة بسبب التغيرات التي طرأت على الانتاج وليس لقلة المعروض. ثم ان الحركة المناهضة للانتاج النووي في السبعينيات وحادثة laquo;ثري مايلز آيلندraquo; عام 1979 فاقمت من قلق الأميركيين تجاه الطاقة النووية للأغراض المدنية لهذا توقفت مصانع انتاج الطاقة النووية بشكل كامل.

في عصرنا الحالي يشهد العالم عودة قوية للبحث عن اليورانيوم حيث ان المخاوف من التسخين الأرضي قد زاد من الاقبال على الطاقة النووية كمصدر واعد للطاقة النظيفة. لكن السؤال المثير للجدل اليوم هو الى اي حد يمكن اعتبار الطاقة النووية طاقة خضراء حقا؟ ومع ذلك فان تزايد الحديث عن بناء مصانع جديدة لانتاج اليورانيوم جعل أسعاره ترتفع مجددا. في العام 2002 كان الرطل الانكليزي من اليورانيوم يباع بمبلغ عشرة دولار، واليوم وصل الى مئة دولارا للرطل. وزيادة السعر يدفع الناس للمزيد من التنقيب عنه. وفي مطلع سنة 2003 كان هناك نحو عشرة طلبات للتنقيب في منطقة نصف قطرها خمسة أميال في غراند كانيون. وفي مايو 2008 قيل ان العدد وصل الى 1100 طلب، ومثلها في الأميال الخمسة التي تليها. وفي أبريل من عام 2009 وافق مكتب ادارة الأراضي الاتحادي على المزيد من الرخص للتنقيب عن هذه المادة في تلك المنطقة. واذا كنت تشعر ان حمى البحث عن اليورانيوم قد فاتتك فان بمقدورك البحث بالطريقة التي جربها شارلي ستين وزملاؤه في خمسينيات القرن الماضي. وكل ما عليك فعله هو ان تتصل بالمكتب laquo;يونايتد نيكلير البوكليكraquo; بنيومكسيكو لترتيب رحلة الى تلك المنطقة. وهذه الشركة سوف تنقلك الى هناك مقابل مئة دولار للشخص الواحد مع ضمانة العودة سالما ومعك بعض خامات اليورانيم فعلا.

ويمكن القول ان الأميركيين يشهدون مجددا ازدهارا قويا لليورانيوم، وهو بلاشك الفصل الأخير من حكاية اليورانيوم الأسطورية. ومن المتوقع ان هذه الأمة التي أول ما بدأت بتطوير القنبلة الذرية وهي الأمة الوحيدة التي سمحت لنفسها باستخدام جحيمها الرهيب في الحرب هذه الأمة ستدرك أنها مخدوعة بعلاقتها مع الطاقة الذرية. خلال أواخر الأربعينيات ومطلع الخمسينيات بدت أميركا مفتونة تماما كما الأطفال بامكانية الاستفادة من الطاقة الذرية. ثم انها تراجعت وعادت اليها ثانية. والآن ما الفارق في كل هذا؟ وكيف يمكن أن تطلق هذه الطاقة الذرية لأغراض سلمية؟ ومن دون أن نكون جزءا من وقودها؟ يبدو أننا قد أخذتنا الذرة اليها دون ان ندري، سواء كان هذا خيرا أم شرا، ومن المحتمل ان مستقبلنا معها سيكون مشهدا مرعبا، وان كان مغمسا بالفضول والرهبة.

*عن فورين أفيرز

ترجمة شاهر عبيد