داود الشريان


الشحن المذهبي والطائفي المتوتر بين السياسيين اللبنانيين يقابله تحرك مختلف في الخفاء. تعقيدات

الموقف فرضت على كل الأطراف التفكير بطريقة واقعية. المشاورات مختلفة تماماً عن التصريحات. الجميع يشعر بأن الأزمة وصلت الى مأزق، ويتصرف لكسب الوقت، وتحسين فرصه التفاوضية. لكن رغم الشعور المتعاظم بخطورة الوضع، لا أحد يتحدث علانية عن وقف عمل المحكمة. التفاهمات الراهنة تسعى الى تحقيق توافقات حول تبريدها، وإطالة أمد هذا التبريد. وأول وسائل التبريد قضية التمويل.

المعارضة تسعى الى استنساخ موقف سعد الحريري مع سورية. ويستشهد بعض أفرادها بخطورة تكرار الموقف من دمشق والضباط الأربعة، فهذا من شأنه أن يؤدي الى تفاقم الوضع والوصول الى صدام يصعب التكهن بمستواه ونتائجه. وبعض الموالاة يرى في هذا الطرح، المفزع للوهلة الأولى، مدخلاً محتملاً لحل الأزمة، بصرف النظر عن نيات القائلين به وأهدافهم. هل يعني هذا أن الموالاة على استعداد للتخلص من المحكمة؟ هذا احتمال تقرأه بلغة العيون، والإجابات الصامتة، لكنك لا تسمعه أو تقرأ عنه شيئاً مكتوباً، بيد أن الحوارات توحي بأنه نهاية محتملة، وإن طالت المدة، وان شئت توحي بأنه حل يبحث عن ثمن بمستواه. السؤال ما هو الثمن، لانعتاق رقبة لبنان من سيف المحكمة؟ ربما تكون من السهل الإجابة على هذا السؤال، لبنانياً. لكن المشكلة ان قبول مبدأ الثمن، وسعره، يواجه إشكالات إقليمية.

لا شك في أن لبنان يعيش هذه الأيام مرحلة التبريد. هناك من يفرض التبريد على الفرقاء اللبنانيين. الجهود، غير المعلنة، تتحرك في هذا الاتجاه، وبوتيرة متسارعة. والمعنيون بهذا التحرك هدفهم الأول الخلاص من أية تداعيات أمنية أو عسكرية، وحصر ردود الفعل في الجانب السياسي، وهو احتمال يبدو حتى الآن أنه ممكن الحدوث، بدليل أن الموالاة تتجاوب مع تأجيل الحديث عن التمويل، ومنح كل الأطراف مزيداً من الوقت، بغية الوصول الى قناعة مفادها أن النظرة الأحادية للحل ستجعل المنتصر مهزوماً.

الخائفون على وضع البلد يشيرون الى أن اللغة التي سبقت laquo;7 أيارraquo; كانت أقل تشنجاً، ورغم ذلك جرى احتلال جزء كبير من بيروت. لكن المريح هذه المرة أن أبواب المكاتب مفتوحة، فضلاً عن أن التجربة السابقة أثبتت أن الأزمات السياسية لا تحل بالقوة، والتلويح بها أنجع من نزولها الى الشارع.