راجح الخوري

ما هو الثمن الذي يريده بنيامين نتنياهو للموافقة على تمديد وقف الاستيطان لمدة شهرين كما تطالب الادارة الاميركية؟
إنه قائمة من الشروط والمطالب والاجراءات التي تكفل القضاء نهائيا على اي امل بإمكان التوصل الى تسوية سلمية للنزاع في الشرق الاوسط!
مجازياً يمكن القول إن نتنياهو يقبل وقف الاستيطان لمدة 60 يوما يعتبرها quot;مدةquot; كافية لتحضير مقبرة تتسع لجثة السلام، التي شبعت موتاً، ولن تنفع فيها اوهام النفخ الاميركي البائس.
منذ توقفت المفاوضات المباشرة بعد ثلاث جلسات يتيمة وفاشلة، تحاول الادارة الاميركية ان تعيد الرئيس محمود عباس الى الطاولة، في وقت وصلت به الخيبة واليأس الى درجة التلويح بجدية اكثر هذه المرة بالاستقالة. واذا استقال فعلا لن يجد الاميركيون وغيرهم فلسطينياً واحداً يصدق بعد الآن ان من الممكن التوصل الى تسوية عادلة مع هؤلاء النازيين في اسرائيل ورعاتهم الحمقى في واشنطن!


❒ ❒ ❒

بعد توقف المفاوضات استماتت ادارة الرئيس باراك اوباما لاقناع الطرفين بالعودة الى الطاولة، وهي تطالب الآن بوقف الاستيطان لمدة شهرين لاقناع عباس بالعودة الى التفاوض، لكن نتنياهو وضع لائحة من الشروط تتجاوز في محصلتها ومجملها اضعاف اضعاف ما يمكن ان تكسبه اسرائيل من الاراضي في خلال شهرين من اعمال الاستيطان.
ما هي هذه الشروط؟
❒ أولا: التعهد الاميركي الصريح بالامتناع عن مطالبة اسرائيل بأي تمديد جديد لتجميد الاستيطان بعد انقضاء مدة الشهرين، وبأن يستمر العمل في المشاريع التي بوشر بها في الايام الاخيرة!
هذا يعني ان هذه المشاريع تحتاج الى شهرين لإكمالها، ريثما يتم افشال المفاوضات وتسقط المطالبة الاميركية بوقف الاستيطان!
❒ ثانيا: ان توافق اميركا على الشروط التي تريد اسرائيل فرضها على الدولة الفلسطينية، وخصوصا مرابطة قوات اسرائيلية في غور الاردن لمراقبة حدودها الشرقية.
❒ ثالثا: ان تملك اسرائيل حق مراقبة الدولة الفلسطينية لجهة التسلح بحرا وبرا وجوا، بما يجعل من السلطة الفلسطينية مجرد ادارة للحكم الذاتي.
❒ رابعا: ان تلتزم اميركا تعهدات صارمة تكفل ضمان امن اسرائيل وتزويدها كل ما تطلبه من السلاح والدعم.
❒ خامسا: ان تتعهد واشنطن دعم اسرائيل سياسيا وخصوصا لجهة استعمال quot;حق الفيتوquot; في مواجهة اي قرار قد يطرح في مجلس الامن لاقامة الدولة الفلسطينية اذا فشلت المفاوضات... هذا يعني ضمنا ان هناك قرارا اسرائيليا صريحا بإفشال هذه المفاوضات.
❒ سادسا: ان تصادق ادارة اوباما على رسالة الضمانات التي سبق ان ارسلها سلفه جورج بوش الى ارييل شارون في 14 نيسان من عام 2004 عشية تنفيذ quot;خطة الفصلquot;، اي الانسحاب من قطاع غزة، وتتضمن هذه الرسالة موافقة اميركا على ضم اراضي المستوطنات الى اسرائيل في التسوية النهائية ومنع حق العودة إلا الى اراضي الدولة الفلسطينية. حتى حق جمع شمل العائلات، الذي يفترض ان يعيد المهجرين الى اراضي 1948 سيسقط.
☐ سابعا: ان تتعهد اميركا خطيا ما قبلته شفهيا، اي الموافقة على يهودية الدولة الاسرائيلية.
طبعاً يشكل هذا البند أخطر مطلب اسرائيلي لأنه يسقط حق العودة ويكرس قضم أراضي الاستيطان، ويفتح الباب لتهجير فلسطينيي 1948.


❒ ❒ ❒

بازاء كل هذا تستمر الادارة الاميركية في تحركها الديبلوماسي الذي لن يؤدي الى اي نتيجة. ولكن وزارة الخارجية تحرص على القول إ ن واشنطن تؤيد السلام وتصر على ضرورة عودة الطرفين الى التفاوض المباشر، لكنها لا تريد فرض حلول على الطرفين اللذين عليهما حل قضاياهما. وهذا يعني عمليا استقالة فعلية من رعاية التسوية، وخلق مناخ من التمويه يساعد نتنياهو وزمرته في الاندفاع اكثر في قضم اراضي الفلسطينيين!