أنس زاهد

انظروا إلى أين وصلنا..؟!
سقف الشروط أو المطالب الفلسطينية لاستئناف عملية المفاوضات، انحدر من وقف الاستيطان إلى مجرد تجميده لأشهر معدودة!
ومع أن حجم وطبيعة التنازلات الفلسطينية لم يكن يتوقعه أكبر المتفائلين في الجانب الصهيوني منذ انطلاق ما يُسمَّى بالعملية السلمية بمدريد في عام 1991، فإن سقف الشروط والإملاءات الصهيونية أخذ في التصاعد بشكل تدريجي مع كل تنازل جديد من قبل الجانب الفلسطيني.
وزير خارجية العدو ليبرمان، لم يكتفِ بتمسك حكومته بقرار استئناف الاستيطان، ولكنه تجاوز ذلك وصرح (بالفم المليان) أن عدم إقرار الجانب الفلسطيني بما يُسمَّى بيهودية الدولة سيدفع إسرائيل إلى وضع ملف عرب الداخل ضمن أجندة مفاوضات السلام. وهذا يعني بكل وضوح أن بند يهودية الدولة يستهدف عرب 48 الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية في تكريس واضح لعنصرية الدولة التي تخطط لحصر المواطنة في عنصر واحد فقط، هو العنصر اليهودي.
تصريح ليبرمان لم يتوقف عند هذا الحد، ولكنه تجاوزه إلى حد الإعلان عن رفضه لمبدأ الأرض مقابل السلام بوصفه أساسًا لمفاوضات السلام، واعتماد مبدأ السكان مقابل السكان كبديل عنه. وهذا لا يعني فحسب إسقاط حق العودة عن ملايين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم بالقوة عند قيام دولة العدو، ولكنه يعني أيضا التخلص من حوالي مليون ونصف مليون فلسطيني لم يخرجوا من حدود ما يسمى بدولة إسرائيل وارتضوا حمل جنسيتها حتى لا يصبحوا لاجئين.
السلطة الفلسطينية لم تعلن بالمقابل إيقاف أو حتى تجميد عملية التفاوض حتى الآن، والرئيس محمود عباس (أبو مازن)، صرح بعد إعلان دولة العدو عن استئناف عملية الاستيطان أنه لن يتخذ قرارًا متسرعًا وأنه سيلجأ إلى مشاورة الدول العربية قبل الإعلان عن أي موقف رسمي بخصوص المفاوضات!
السلطة الفلسطينية مطالبة الآن باتخاذ موقف صريح من كل هذه التطورات. المسألة لم تعد تحتمل المزيد من التنازلات المجانية، والتفريط في حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية وتجاوز ثوابته الوطنية المدعومة بالعديد من القرارات الدولية، لم يعد مقبولًا بعد أن أعلن العدو صراحة عدم رغبته في إجراء تسوية سلمية من أي نوع. السلطة مطالبة الآن بإيقاف المفاوضات وعدم العودة إليها إلا إذا كانت القرارات الدولية هي المرجعية الرسمية لها.
أي رد فعل أقل من ذلك لن يكون مقبولًا.
ss