شملان يوسف العيسى
اختتم نجاد زيارته للبنان يوم الخميس الماضي، وقد استقبل استقبالاً كبيراً لاسيما في الجنوب من قبل أنصار quot;حزب اللهquot;. فما هي انعكاسات هذه الزيارة على الوضع الداخلي في لبنان؟ وما مردودها على الوطن العربي والعالم الخارجي؟
الساسة في لبنان كانوا متخوفين من نتائج الزيارة على الوضع الداخلي المتسم بالتوتر أصلاً. وقد أكد الرئيس الإيراني خلال زيارته، على أهمية السلم الأهلي وخطورة الفتنة، داعياً اللبنانيين إلى عدم الانقسام حول المحكمة الدولية، وإلى ضرورة عدم الاختلاف والانقسام حولها ومعالجة ما يتعلق بها من خلال النقاش الهادئ. وعلى عكس كل التوقعات السابقة التي كانت ترى بأن الزيارة ستثير مشاكل للبنان، حرص الإيرانيون على إضفاء أجواء من التهدئة، فتجنب نجاد الذهاب إلى خط الحدود الجنوبية ولم يلق حجراً على إسرائيل.
لكن لماذا يتخوف العرب من تزايد النفوذ الإيراني؟ وهل تخوفاتهم مشروعة؟ لا أحد ينكر بأن إيران كدولة مهمة في منطقة الخليج لديها طموحات وطنية لتحقيق مصالحها القومية، وقد اتبعت منهجين لتحقيق أهدافها: منهج المصالح الوطنية القومية والمنهج الأيديولوجي الديني الرامي إلى تصدير الثورة.
فالطموحات القومية الفارسية قديمة؛ فقادة إيران ما فتئوا يحلمون باستعادة أمجادهم القديمة حيث وصلت الإمبراطورية الإيرانية ذات يوم إلى اليونان. والإيرانيون عامة يشعرون بالفخر والاعتزاز بتاريخ أمتهم، لذلك لا غرابة اليوم في وقوف إيران الإسلامية مع أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان المسلمة، لأن المصالح القومية الإيرانية تتطلب ذلك.
أما في العالم العربي فقد تكاثر خلال السنوات الأخيرة الخلاف بين السنة والشيعة، لاسيما في الخليج حيث خرج ذلك الخلاف إلى العلن واحتل الصدارة في بعض الأحداث القطرية والقومية... فمن المسؤول عن تلك الظاهرة؟ هل هو إيران الإسلامية، أم السياسات العربية في تعاملها مع الأقليات في الوطن العربي؟
إيران ليست معادية للعرب، ونحن العرب لسنا معادين لإيران... فما هي المشكلة إذن؟! المشكلة أيضاً لا علاقة لها بالدين أو بالمذهب، فإيران وجدت أن من مصالحها الوطنية امتلاك نفوذ لها في الوطن العربي لوجود فراغ عربي في العراق وفي فلسطين، مما دعا الإيرانيين لملء ذلك الفراغ حيث الأرضية العربية أصلا مهيأة لاستقبالهم.
المتشددون الأصوليون (الإسلام السياسي) في الوطن العربي أثاروا الفتن الطائفية وفرضوا المعايير الدينية بدلاً من المعايير الوطنية لكسب الأنصار والأتباع والمؤيدين في الانتخابات. وقبل ذلك وبعده، ساهمت الثورة الإيرانية في تفريق السنة والشيعة وفي تفريق الشيعة أنفسهم كأقلية تطالب بحقوقها المدنية المشروعة. بمعنى آخر؛ هناك تشدد ديني سني دفع وأدى إلى بروز تشدد شيعي معاكس.
مشكلتنا في الوطن العربي والخليج هي أننا بدلاً من معالجة القضية الطائفية بعقل وحكمة، بعيداً عن الدين، وبتأكيد الوحدة الوطنية وحكم القانون والعدالة والمساواة... أفرطنا في تسييس هذه القضية حتى أصبح من الصعب التمييز بين الحقيقة الواقعة وبين الأجندات السياسية التي توظفها الأحزاب الدينية المتطرفة، السنية منها والشيعية.
وأخيراً علينا أن نركز في علاقاتنا مع إيران على المصالح المشتركة، وأن نبعد إيران عن المسألة المذهبية في مجتمعاتنا، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تمت معاملة جميع المواطنين العرب معاملة تليق بهم كمواطنين مخلصين لبلدانهم. كما أنه علينا توحيد صفوفنا ضد كل الفتن الجديدة والقادمة.
التعليقات