قاسم حسين

منذ ثلاثة أيام والصحافة الكويتية مشغولةٌ بخبر استدعاء مديرة قناة laquo;سكوبraquo;، الكاتبة المعروفة فجر السعيد بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم، من خلال عرض برنامج تلفزيوني كوميدي.

الخبر صادمٌ بمعنى الكلمة، والاستدعاء أثار الكثيرين من نواب وحقوقيين وأكاديميين وحتى بعض الوزراء. وحين تحدّث مراسل الـ laquo;بي بي سيraquo; معها على الهواء ظهر أمس (الأحد)، خنقتها العبرة ولم تتمكن من منع جريان الدموع.

فجر السعيد (42 سنة) يعرفها جيل الشباب اليوم، فقد اكتسبت شهرتها من خلال كتابة المسلسلات التلفزيونية. ويبدو أنها تناولت أكثر من مرة الشخصيات العامة وانتقدت أداء النواب، ما جعل بعضهم يقفون ضدها ويتحيّنون الفرصة للإيقاع بها. وفي لقاءٍ تلفزيوني قبل أشهر، أجابت المذيع بثقةٍ مطلقةٍ بالنفس: laquo;إن بإمكانهم غلق القناة، لكنهم لن يتمكنوا من غلق حقي ومنعي عن الكلامraquo;. وقد تم تحريك القضية ضدها قبل أيام، بسبب عرض برنامج كوميدي في شهر رمضان المبارك.

في بلدٍ منفتحٍ كالكويت، يثير مثل هذا الخبر عاصفة من النقاشات، وردود الأفعال تبدأ ولا تنتهي. فأحد النواب استنكر هذا الاتهام ووصفه بالمضحك، وطالب بإلغاء الوزارة لأنها تعيش في كوكب آخر. والملفت هو تصدّي الكتيبة النسائية بمجلس الأمة لهذه التهمة، فقد طالبت النائب رولا دشتي الوزارة بالتوقف عن الانحراف باستخدام سلطتها، واعتبرت التهمة أمراً خطيراً، ونهجاً لتقييد الديمقراطية والحقوق الدستورية، ودعت بالمقابل النواب إلى تحمل مسئولية تصريحاتهم، والكفّ عن استغلال الحصانة وتقبل النقد.

زميلتها أسيل العوضي استغربت من توجيه اتهامات عظمى كهذه دون تروٍ ومسئولية، وقالت إن تكرار الوزارة لمثل تلك الاتهامات يعطي انطباعاً للعالم بأن في الكويت من يريد قلب النظام فعلاً، بينما كان على الوزارة أن تتصدى لمسئوليتها للارتقاء بالإعلام والثقافة وإطلاق الحريات، بدل هوس الترصد والتضييق على الناس. أما معصومة المبارك فاعتبرت اتهام بنت الكويت المبدعة السعيد، كما قالت، إضافة إلى أنها تهمة تثير الضحك، فإنها تكشف التخبط والفشل في زمن العجائب، حيث ترفع دعوى أمن دولة ضد قناةٍ لها شعبية بسبب مسلسل فكاهي بدعوى قلب نظام الحكم.

فجر السعيد تعتبر نفسها ابنة النظام، وتستغرب من تحويل شخص محسوب على الموالاة إلى النيابة بتهمة محاولة قلب النظام بالقوة، ما يعطي أسوأ الانطباعات للعالم الخارجي. وقد اعترفت أن التحقيق الذي أجري معها مثّل لها صدمةً كبيرةً، فهي إنّما انتقدت النواب في أحد حلقات مسلسل laquo;صوتك وصلraquo;، ما دفعها لسؤال المحقق: laquo;هل هذه التهمة تعني أن النواب هم من يحكم البلد؟raquo;.

الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان أصدرت بياناً أكدت فيه على أن تكميم الأفواه ووأد الحريات ينذران بتقويض الديمقراطية، وأن إحالة وسائل الإعلام للنيابة هو انصياع للقوى الظلامية المتحالفة مع نواب التأزيم، بعدما فرضت لجان وصايتها على ما نقرأ في معرض الكتاب.

لقد اعتاد الجمهور الخليجي على مشاهدة مسلسل سنوي جديد للسعيد، فهل ستمدُّها لائحة الاتهام الأخيرة بمادةٍ أكثر واقعيةً ودراماتيكيةً وإثارةً لمسلسلها الجديد؟