مازن العليوي

مرّ هذا الشهر عصيبا على بعض القنوات الدينية وقنوات أخرى مبهمة الهوية، وعلى متابعيها ممن أزعجهم إقفالها من قبل إدارة قمر quot;نايل ساتquot;، وكثر الجدل على المنتديات وفي الأشرطة المتحركة لبعض الفضائيات حول الأسباب، وهناك من أيّد الإغلاق، وهناك من شتم الأنظمة التي تقمع الحريات، لنصل إلى جملة من الأسئلة التي طالما طرحت واختلفت إجاباتها: ما الحرية؟ أين تنتهي حدود الحرية؟ أليس للحرية ضوابط؟... ما تأثير إساءة استخدام الحرية؟ هل هناك حرية مطلقة؟...
وفي حالة الفضائيات التي توقفت عن البث مثل quot;صفاquot; وquot;آياتquot; وquot;الأثرquot; وquot;أهل البيتquot; وquot;عالم حواءquot; وغيرها: مَن الذي ترك هؤلاء يعملون بهدوء حتى ارتفعت أصواتهم، وأثارت ردود الأفعال التي قادت لاتخاذ موقف صارم منها؟
باختصار، هناك مشكلتان، الأولى تكمن في الفضائيات التي تجاوزت المنطق في طروحاتها، والثانية في كيفية التعامل مع التجاوزات. في الأولى يتضح عدم إدراك مفهوم الحرية ـ هذا إن اعتبرنا النية حسنة ـ ولذلك كانت بعض البرامج عاملا مساعدا على إثارة النعرات الطائفية أو بدقة أكثر صبت الزيت على نيران النعرات لتزيدها اشتعالا.. وبعض برامجها الأخرى تساهم في تسطيح العقول من خلال خزعبلات ترتكز على الأعشاب والعلاج والشعوذة واستغلال بسطاء الناس.
في المشكلة الثانية، أي كيفية التعامل مع التجاوزات، لم يظهر الحوار بل ظهر القرار القطعي بالإغلاق، وقيل إنه جاء بعد إنذارات.. لكن هل كان الحوار يجدي مع من تحزبوا دينيا ورفضوا الرأي المختلف أو المخالف، وكانوا يوافقون على ظهور السب علنا وعلى الهواء مباشرة للمختلف مذهبيا؟
من خلال مسمّاها أو ممولها يمكن معرفة هدف القناة أو توجهها، ولذلك كان الأفضل أن لا تصدر الموافقات أصلا على فضائيات ذات صبغة طائفية لأن نتيجة ما سيتطور إليه طرحها معروفة، وبالتالي تبقى البرامج الدينية تحت مظلة الفضائيات الرسمية لسهولة ضبطها، وعدم قبولها بالخزعبلات أو هبوط مستوى الطرح إلى حد الشتم وإثارة الخصومة بين الطوائف.
إذن، الفضاء العربي في ورطة، ليس بسبب إغلاق الفضائيات، وإنما بسبب الخلل في فهم الحرية.