حمد الماجد
يبدو أن خصوم القنوات الإسلامية الفضائية أعجبهم شعار الإخوان المسلمين الشهير laquo;الإسلام هو الحلraquo; فاشتقوا منه شعارهم الجديد laquo;الإغلاق هو الحلraquo;، وهو بكل المقاييس حل ساذج سيكون له ارتدادات عكسية لصالح القنوات المحظورة، فالحظر للقنوات والأشخاص علاوة على أنه يُكسِب المحظور شعبية وجماهيرية كبيرة وهذا بالتأكيد ما لا يرغبه الحاظرون، فهو أيضا حل غير عملي، إذ سيكون لدى القنوات المحظورة عشرات الطرق لتفادي هذا الحظر والتحايل عليه، فلم أكد أفرغ من مقالتي الأخيرة التي أشرت فيها إلى أن الحظر سيجعل هذه القنوات تبحث عن مصادر ساتلايتية أخرى، حتى وافتنا الأخبار أمس بخبر التعاقد مع شركة اتصالات فرنسية كبيرة لإطلاق وتشغيل قمر صناعي جديد يعتمد تقنية ثلاثية الأبعاد، مما جعل عددا من هذه القنوات المحظورة وقنوات أخرى هي الآن تحت طائلة التهديد بالإغلاق، تبتهج بهذا الخبر وتعلن عن نيتها الانضمام إلى هذا القمر الجديد لتخفف عنها ب والقيود التي فرضها laquo;نايل ساتraquo;. لاحظوا مقدار الخسارة التي سيتكبدها laquo;نايل ساتraquo; ليس ماليا فحسب، وإنما بانفكاك هذه القنوات الإسلامية من منظومته وسيطرته ورقابته وشروطه وتوسلات ملاك هذه القنوات وإدارييها.
كما تظهر سذاجة هذا الإغلاق الإقصائي لمن يعرف أن هذه القنوات الإسلامية تحتكر قاعدة جماهيرية عريضة لا يمكن أن تصل إليها القنوات الأخرى أو تؤثر فيها، وقد أدرك السعوديون بوعيهم السياسي والإعلامي لهذه الحقيقة المهمة، فلم تناكف القنوات الإسلامية الخاصة التي يملكها أو يساهم فيها سعوديون ولم تخاصمها أو تؤلب عليها، بل جعلتها أذرعة فاعلة ومؤثرة وقت الأزمات التي يواجهها الوطن، مثل الحرب على الإرهاب، فساهمت قنوات إسلامية مؤثرة وذات قاعدة جماهيرية كبيرة، مثل laquo;المجدraquo; وlaquo;اقرأraquo; وغيرهما، في مواجهة الإرهاب على المسار الفكري الذي لا يقل أهمية عن المسار الأمني، فقد نقلت هذه القنوات إلى جمهور لا يصل إليه حتى التلفزيون الرسمي مراجعات أصحاب هذا الفكر المتطرف، وعقدت لقاءات وندوات وتحقيقات في فضح هذا الفكر الشاذ، وكانت المحصلة لهذا التناغم بين الإعلام الرسمي والإعلام الإسلامي الخاص نجاحا كبيرا في حصر الإرهابيين والمتطرفين في زاوية ضيقة بعيدا عن بقية الفئات المحافظة، هذا فضلا عن أن الطرح الإسلامي الوسطي المعتدل الذي تنشده هذه المحطات يعزز بشكل عام استتباب الأمن والسلم المجتمعي مثل محاربة المخدرات والرذيلة. بالتأكيد أن لهذه المحطات الإسلامية أخطاء وزلات في برامجها مثلها مثل غيرها، لكن ليس الحل في معالجة هذه الأخطاء بالإغلاق ونسف المكتسبات الكبيرة الأخرى.
إن الخطأ الذي ارتكبته بعض الدول العربية وتفاداه السعوديون هو التنافر بين العلماء والدعاة الرسميين من جهة والعلماء والدعاة غير الرسميين من جهة أخرى، فالفريق الأول لا تجده إلا في القنوات الرسمية والفريق الثاني لا تجده إلا في القنوات الإسلامية الخاصة، لكن في التجربة السعودية تجد المفتي العام السعودي وعددا من أعضاء هيئة كبار العلماء ضيوفا في قناة laquo;المجدraquo; أو laquo;دليلraquo;، وتجد مثل الشيخ سلمان العودة والشيخ عبد الله الركبان والشيخ عائض القرني ضيوفا في القناة الأولى السعودية أو الإخبارية الرسميتين، فالقطاع الإعلامي العام تعامل مع القطاع الإعلام الإسلامي الخاص باحترام، وعلى أنه مكمل ولم يناكفه ولم يخاصمه، فقدر الثاني للأول موقفه فمارس على نفسه رقابة ذاتية جنبته الوقوع في الزلات الكبيرة، خاصة في الشأن الطائفي.
التعليقات