وحيد هاشم
كرت جيد هو كرت اللعب الإيراني على أوتار المشاعر الطائفية في لبنان، وربما في غير لبنان كما هو حاصل قي العراق مثلاً,. أيضاً يماثله في الجودة والربحية التلويح الإيراني المتواصل بكرت دعم عمليات المقاومة اللبنانية (ويمثلها حزب الله في الجنوب اللبناني) ضد إسرائيل ومن يدعم إسرائيل ويقف وراءها.
هذا على الأقل ما يمكن استشفافه من تصريحات وتلويحات محمود أحمدي نجاد السياسية التي أطلقها هنا وهناك أثناء زيارته للبنان التي استمرت لمدة يومين، لكن رسائل زيارته السياسية وغير السياسية وصلت إلى مسامع الجميع ودقت أبواب عواصم المنطقة برمتها وصولاً إلى عواصم عالمية أوروبية وأمريكية تحديداً العاصمة واشنطن.
الكرتان بالفعل وجدا صدىً شعبياً واسعاً، وصدور بشرية رحبة ومتلهفة، وترحيباً نفسياً كبيراً في الأجواء السياسية والطائفية اللبنانية اتضح في ضخامة الاستقبال الشعبي الحاشد للرئيس الإيراني نجاد في الدولة العربية لبنان (في بنت جبيل والضاحية الجنوبية لبيروت) من المؤكد أنه لا ولن يحظى بمثيل له في داخل بلده إيران!. والكرتان أيضاً لقيا من يستمع لهما ويطرب لأنغامهما من طالبان الباكستان وطالبان أفغانستان إلى عناصر القاعدة في مالي الإفريقية والمغرب العربي، وإلى من يهمه الأمر في بلاد الشام ولبنان وصولاً إلى بلاد اليمن.
زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان إذن جاءت في ظل أجواء إقليمية سياسية متوترة وأجواء دولية متشنجة بعد ارتفاع نسبة العنف في أفعانستان واليمن تحديداً من جهة، ومن الجهة الأخرى بعيد فشل المفاوضات السياسية الدولية الإيرانية المتعلقة بشأن البرنامج النووي الإيراني، وما تمخض عن ذلك البرنامج من لغط وتوجس ومخاوف إقليمية وعالمية بداية من توجهاته مروراً بأهدافه ونهاية بمقاصده.
إذن، هناك ثلة من السياسيين المتشائمين الذين يعتقدون أن العد العكسي التنازلي لتلقي إيران لضربة عسكرية إسرائيلية إجهاضية ضد منشآتها النووية قد بدأ بالفعل. فيما ترى ثلة أخرى من المتفائلين أن المحادثات الإيرانية مع الدول الكبرى الست ستتواصل في القريب العاجل بعد دعوة الاتحاد الأوروبي لإيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات، لتنتهي الأزمة بحل وسط يرضي جميع الأطراف المعنية بها والمتورطة فيها.
أيضاً جاءت زيارة الرئيس الإيراني نجاد في ظل تنامي مشاعر إقليمية ودولية ملتهبة مليئة بالخوف والرهبة من تواصل حركة التطورات الإرهابية السلبية التي تواصل الإطلالة بوجهها البشع على دول وشعوب المنطقة بداية من دولة مالي ودول المغرب العربي وصولاً إلى الصومال ومن ثم إلى اليمن. فمخاطر التهديدات الإرهابية مازالت قائمة في المنطقة بل وفي العالم كله لا يمكن أن يستبعد وجودها أي عاقل.
ها هنا تحديداً يأتي الدور الإيراني، وفي ظل هذه الأوضاع المتدهورة يحلو لإيران أن تلعب بكروتها خصوصاً في ظل الأجواء الإقليمية والدولية الكلية الداكنة، فهي لا تريد وحسب أن تعزز من دورها السياسي في المنطقة، بل تسعى بكل ما يمكن أن تفعله لتوسعة وتقوية مساحات مناطق نفوذها الطائفي في المنطقة كي تضمن وجود حلفاء مؤيدين لها في أوقات الضيق والشدة، وأيضاً، وهو الأهم، لتحركهم كيفما تريد في الاتجاهات التي تتناسب مع مصالحها القومية، أو تلك الاتجاهات التي تضعهم كوجاء ليحمي مصالحها أو حتى وجودها.
اللعبة الإيرانية في المنطقة خطيرة جداً، لكنها لعبة محكمة ومتقنة تنطلق من الحلم السياسي الإيراني بلعب دور رئيسي مهيمن في المنطقة على المستويين السياسي والعسكري. الحلم الأهم من ذلك كله تبني إيران لدور إستراتيجي طائفي مذهبي لا يعترف بلون أو عرق بقدر ما يعترف بل ويؤمن بالعامل المذهبي.
نعم قد يكون الحلم الإيراني حلماً يفوق الإمكانيات الإيرانية.. وبالطبع قد لا يكون، سواء حدث هذا أو ذاك فإن السؤال الأهم الذي يبقى عالقاً في أجواء الشك واليقين هو السؤال كيف؟ ومن ثم السؤال متى؟ أيّ من السؤالين يمثلان خطورة بالغة على مستقبل ومصير دول وشعوب المنطقة برمتها.
التعليقات