ضريبة العجز في العراق

ظاري جاسم الشمالي
النهار الكويتية
فشلت الأطراف المعنية في الداخل العراقي في التوصل إلى تسوية مرضية بخصوص الحكومة التي لم تولد بعد، وتحول التدخل الإقليمي إلى عامل توتير بدل أن يكون عامل تهدئة كما تشير كل التصريحات العلنية.
ومن دروس هذه المرحلة العراقية الصعبة، أن الأطراف الوطنية عندما تعجز عن ضبط إيقاع التدخل الخارجي، وعن التوصل إلى حد أدنى من المشتركات، فإن كل ما في الخارج وكل ما في الداخل يصبح زيتا على نار يخبو أحيانا وينفجر غالبا.
نعم لقد عجز القادة العراقيون عن التوصل إلى دائرة أمان يحيطون بها ساحتهم وتحولت شوارع بغداد من جديد إلى حمام دم، لشهداء أبرياء يدفعون ثمن الحسابات الضيقة لقيادتهم السياسية، وعندما يسقط الأبرياء فإن أحدا لا يستطيع أن يتملص من الجريمة، خاصة أننا على عتبة انسحاب أميركي يجب أن يتم في أجواء أمنية وسياسية ملائمة. والعجز الحالي يمدد فترة الاحتلال ويؤكد حاجة العراق إلى وصاية دولية لأنه ببساطة لا يستطيع أن يطبق هبة الديموقراطية التي منحت له إلا بإرشاد مباشر من الأساتذة ما وراء البحار.
والمشكلة أن الوضع العراقي يمتد في تأثيراته إلى المنطقة ككل فهناك بدأت بذور الفتنة، وهناك تعتبر التسويات الإقليمية والداخلية تمهيدا لتسويات في مناطق أخرى، فليس من قبيل الصدفة أن ينفجر العراق فتجمد مساعي التهدئة في لبنان بانتظار الحل الآتي من هنا وهناك.
أما الخليج فقد أصبح محاطا بيمن مسكون بهواجس الحروب الأمنية والقبلية، وعراق عاجز عن النهوض من آثار تاريخه والحروب التي خاضها أو خيضت ضده، يعني حزام من التوتر يرسل إشارات سلبية إلى أي خطة طموحة أو مشروع وحدة وطنية.
وبالمقابل فإن التحرك العربي والخليجي لايزال دون المستوى المطلوب وإن كانت المبادرة السعودية قد أشارت إلى وعي سعودي لخطورة الوضع العراقي، المهم أننا لانزال نشاهد التدهور أكثر مما نتدخل في العلاج ونبادر بشكل العزف المنفرد في سيمفونية من التأثيرات والمؤثرات الداخلية والإقليمية والدولية، ولا يمكن الاستغناء عن المبادرات التي تأخذ بعين الاعتبار كل التعقيدات من دون خطأ في الحسابات ناتجة عن رؤية المشهد من منظور خاص، وفي العراق كما في لبنان ستبقى الحاجة ملحة إلى جهد عربي وإسلامي منسق لأننا وحدنا المستفيدون من عراق آمن ولبنان آمن ووطن عربي آمن، أما الآخرون فهم قادرون على توظيف الدم في مشاريعهم بلا أي شعور بالذنب.
نبيل غيشان
الحرب على مسيحيي الشرق
العرب اليوم الأردنية
مؤلم حد القهر ان يوجه من يدعون quot;الاسلامquot; في العراق انذارا تحت طائلة الاستهداف بالتفجير إلى عموم مسيحيي المشرق العربي, وبمعاملتهم كmacr; quot;اغراب دخلاءquot; وليسوا ابناء هذه الارض وبناة حضارة العرب والاسلام.
انه انقلاب في مفاهيم المنطقة التي لم تشهد منذ العصر الاسلامي الاول صراعا دينيا بين المسلمين والمسيحيين, بل كان العرب المسيحيون يعيشون بسلام مع اشقائهم العرب المسلمين وساهموا بكل قوة في استقبال جيوش الفتح الاسلامي ابتداء من معركة مؤتة واليرموك والقادسية ومرورا بالحروب الصليبية وانتهاء بمقاومة الاحتلال الصهيوني للاراضي العربية.
انهم مسيحيون لكنهم نصروا محمداً (ص) ضد ابناء جلدته ونصروا العرب ضد المستعمرين مع انهم مسيحيون.
وفي التاريخ العربي لم تشهد المنطقة ظاهرة هجرة العرب المسيحيين من ديارهم الا بعد قيام دولة الاحتلال في فلسطين هربا من جرائم النازيين الجدد وانتهاء بالاحتلال الامريكي للعراق, وما جلبه على مسيحيي العراق من ويلات ومآس.
الدم الذي سال في العراق هو دم عراقي بالدرجة الاولى, بعضه سال في مساجد وبعضه في كنائس, لكنه دم واحد مصدره شريان واحد هو قلب العراق.
الجريمة البشعة في بغداد هزت العالم فادانها الازهر باعتبار انهاquot; لا تخدم سوى الأجندات الرامية إلى إشعال الفتنة وضرب الوحدة الوطنية لتحقيق مخططات خبيثة,quot; معتبرا بأن quot;كل من يحاول الاعتداء على المقدسات ودور العبادة آثم شرعًا, ويدخل في زمرة المفسدين في الأرض.quot;
اذا الجريمة واضحة, فمن يتحمل مسؤولية شلال الدم في العراق?
صحيح ان المنفذين هم عراقيون, لكن المهم من هو المحرك واللاعب الخفي في السيرك?
انه الاحتلال الامريكي للعراق الذي عاث فسادا في خاصرة العرب وما زال ينفذ الخطط الصهيونية التي تريد تحويل الانظار عن كل جرائمها ضد الانسان والارض والشجر على ارض فلسطين والايحاء للعالم بان ما يجري في منطقة الشرق الاوسط هو حرب دينية ما زالت مستمرة منذ طرد الجيوش الصليبية من بلاد العرب.
هذه هي اسرائيل التي تحاول عبر quot;ادواتهاquot; المحلية المتطرفة والمتعصبة ان تقنع المواطن الامريكي والاوروبي بانها تواجه حرب إبادة دينية, باعتبار ان الصراع يدور بين طرفين, الاول الاسلام السياسي المتطرف, والثاني المسيحية واليهودية وان اليهود المساكين يواجهون خطر الانقراض, انها مسرحية متقنة الاخراج يقوم بادوار بطولتها عرب مخدوعون.
لا مصلحة للعرب المسلمين باختفاء اشقائهم العرب المسيحيين بل ان وجودهم جزء من فسيفساء الشرق, فحماية المسيحيين, حماية للعروبة والاسلام, لانهم ملح العروبة.0