راجح الخوري

وُضعت الخطة أساساً بحيث يتم تفجير طائرتي الشحن فوق مدينة شيكاغو، وهو ما يحقق لتنظيم quot;القاعدةquot; ثلاثة اهداف دفعة واحدة:
❑ اولا: ان تثبت للولايات المتحدة الاميركية خصوصا ولدول العالم انها لا تزال قادرة على اختراق اجراءات الامن الاميركية، وتنفيذ عمليات مؤلمة داخل اميركا فكيف بالنسبة الى الدول الاخرى!
❑ ثانيا: ان يؤدي سقوط الطائرتين فوق مدينة شيكاغو الى وقوع عدد كبير من الاصابات، بما يجعل العملية في مستوى كارثة جديدة تصيب اميركا وهيبتها.
❑ ثالثا: ان تذكّر العالم بما حصل في 11 ايلول 2001 اي ما سمي quot;غزوة نيويوركquot;، وان تؤكد انه بعد تسعة اعوام من حروب اميركا ضد الارهاب، لم تستطع ان تتلافى حصول هذا الهجوم وان quot;القاعدةquot; قادرة على ان تضرب حيثما تشاء.


❑ ❑ ❑

كل هذا ليس غريبا ولا مستغربا. ففي عصر الانترنت ومع انفجار ثورة المعلومات على نطاق كوني، اصبحت المعرفة متاحة للجميع. بالاحرى باتت المعرفة اشبه بقطار سريع يحمل في مقصوراته الاخيار والاشرار. فالمعرفة التي توفرها تقنيات المعلومات يمكن ان تكون لخدمة الخير او لخدمة الشر، لمساعدة الانسان او لقتله.
وعندما يقال مثلا، ان دول العالم المتقدمة تنخرط الآن في تحضير قواعد الحرب الالكترونية، بما يعني ان في وسع دولة ما ان تشل دورة الاقتصاد والحياة وان تتلاعب بكل قواعد الامداد في شبكات الماء والكهرباء وامن المحطات النووية والسدود ومعامل الادوية وشبكات الغاز في اي دولة اخرى تستهدفها، عندما يقال كل هذا، فانه لا يعني الا جانبا من الحقيقة المرعبة التي يمثلها امساك الشر بمفاتيح المعرفة اللامتناهية.
وهكذا لم يكن غريبا ان يخطط عناصر من quot;القاعدةquot; يختبئون في احد كهوف الجبال في اليمن، لاسقاط طائرتي شحن فوق مدينة شيكاغو. فالامر في الواقع يتصل عمليا بنظام الاتصالات او ممكنا قبل ثورة الاتصالات والانترنت وهذا الشيء لم يكن متوافرا.


❑ ❑ ❑

ولكن كيف؟
لقد أعدت quot;القاعدةquot; الطردين وشحنتهما الى عنوانين كانا يفترض شكلا ان يصلا اليهما في شيكاغو، لكن الذين فخخوا الطردين بسائل اسمه quot;بي. تي. اي. انquot; ذي القوة التفجيرية الهائلة، والذي لا يمكن كشفه امام اي جهاز رقابة او رصد إلكتروني، برمجوا الطردين بحيث يتم تفجيرهما في اللحظة التي يقررها هؤلاء من مغارتهم في اليمن، واختاروا سماء شيكاغو لساعة الصفر.
الامر ليس معقدا ولا صعبا على الاطلاق، لان المعلومات المتوافرة لكل انسان في اي مكان من العالم على الانترنت، تتيح له عبر برنامج يكشف لمن يشاء، حركة رصد الطائرات واماكن وجودها او بالاحرى تحليقها. ومن خلال المواقع الالكترونية لشركات الشحن يمكن المرء ان يعرف اين اصبح الطرد الذي ارسله عبر الرقم التسلسلي الذي يعطى لهذا الطرد.
على هذا الاساس دست quot;القاعدةquot; شرائح خط هاتفي داخل كل قنبلة في كل من الطردين، يمكن الاتصال به وتنشيطه لاشعال القنبلتين في اللحظة التي تريدها.
كانت الخطة تهدف الى التذكير بهجوم الطائرات في نيويورك في 11 ايلول كما قلنا، عبر استهداف ثاني اكبر المدن الاميركية شيكاغو مدينة الرئيس باراك اوباما.
وما حصل معروف، بعد اكتشاف القنبلتين بفضل المعلومات التي وفرتها السعودية، لكن ما ليس معروفا ويطلق عنان المخيلة الآن، هو ما يتردد عن خطط قد تتخذها الدول تلافيا لمثل هذه الاخطار الماحقة.
فالحديث يتردد عن مسافرين بلا حقائب بعد الآن فتصوروا، وعن منع شحن الطرود من بلدان مثل الصومال واليمن. ويمكن تطور المعرفة ان يكتشف غدا طريقة لتفخيخ الثياب بعد اكتشاف حذاء ريتشارد ريد المفخخ. فهل يصير السفر للعراة وكما خلقتني يا رب؟
واذا كانت الطرود المفخخة قد تطايرت كما قيل وبعضها ارسل الى سيلفيو برلوسكوني ونيكولا ساركوزي كما قيل ايضا، فكيف يمكن ان نتصور اعياد الميلاد ورأس السنة من دون طرود تحمل الهدايا؟
وهل كثير اذا تخيلنا بابا نويل هاربا في شوارع نيويورك يطارده الناس صارخين: ارهابي.. ارهابي، او اذا هبطت هدايا quot;القاعدةquot; على بعض المداخن؟