نواكشوط - سكينة اصنيب
دقت عدة جمعيات نسائية ومنظمات حقوقية ناقوس الخطر محذرة من تفاقم ظاهرة استغلال فتيات موريتانيات بطرق غير أخلاقية تحت غطاء الزواج السري، ونبهت إلى خطورة السكوت عن هذا الموضوع والتغاضي عنه لأنه يسيء إلى سمعة البلاد ويخلف مشاكل اجتماعية كثيرة.
وتغري شبكات متخصصة في هذا المجال الفتيات بالمال والسفر، وتعدهن بالعودة إلى موريتانيا وهن ثريات قادرات على إعالة أسرهن.
تجارة مستترة
تختار هذه الشبكات ضحاياها من بين الأسر الفقيرة التي لا معيل لها نتيجة التفكك العائلي أو تخلي الآباء عن مسؤوليتهم تجاه الأبناء بعد الطلاق، ويتم إقناع والدة الفتاة أو المسؤولة عنها بالسماح للفتاة بالهجرة أو مرافقتها من أجل تحقيق مستقبلها بالحصول على زوج ثري، وحتى لا تنكشف الحيلة تختار هذه الشبكات فترة إقامة مهرجانات التسوق أو موسمي الحج والعمرة لتهجير أكبر عدد ممكن من الفتيات بذريعات أنهن معتمرات أو تاجرات، وتنجح هذه الخطة في كثير من الأحيان؛ لأن الموريتانيات تزرن البقاع المقدسة في سن صغيرة، كما أنهن تحترفن التجارة بكثرة وتسافرن إلى الخارج لجلب البضاعة.
وتقبل أغلبية الفتيات اللاتي يهاجرن على زواج المسيار والزواج العرفي، رغم أنهن في مقتبل العمر ويتمتعن بقدر كبير من الجمال، وبحسب مصادر حقوقية، فإن القاصرات الموريتانيات يتم استغلالهن بطريقة غير أخلاقية ويدفعن لممارسة غير أخلاقية تحت غطاء الزواج السري لحساب سماسرة يتاجرون بهن ويستغلون جهلهن وفقرهن لتحقيق أرباح كبيرة، حيث كشفت شبكة المعلومات الإقليمية التابعة للأمم المتحدة أن ظاهرة تزويج الفتيات في سن 12 انتشرت بشكل كبير في موريتانيا، ونقلت الشبكة عن علماء اجتماع موريتانيين أن تهريب القاصرات أصبح تجارة جديدة تدر على الأسر والسماسرة أموالا طائلة.
غطاء شرعي
ويقول الباحث الاجتماعي أحمدو الحافظ إن تزويج الفتيات من أثرياء سواء كانوا مواطنين أو أجانب يعتبر في نظر الأسر الموريتانية أفضل طريقة لتأمين حياة كريمة للأسرة، لاسيما في الأرياف والأحياء الشعبية حيث ينتشر الجهل والفقر والبطالة، ويضيف quot;تتأثر الأسر الفقيرة بالعروض المادية التي يقدمها السماسرة كما تتأثر بما يقال في الوسط الاجتماعي عن النساء العائدات من الخارج والتحوّل الذي طرأ على حياتهن وحياة أسرهن، ثم يضفي الزواج على هذه الصفقات الغطاء الشرعي اللازم لإقناع هذه الأسر البسيطةquot;، موضحا أن هذه الظاهرة تطورت بشكل ملحوظ حيث كانت النساء المطلقات في موريتانيا يلجأن للهجرة إلى دول الخليج مع بناتهن بحثا عن حياة أفضل وزوج ميسور للأم والفتاة، لكن في احترام تام لفكرة الزواج دون استغلالها كغطاء شرعي لصفقات مشبوهة كما يحدث اليوم، ومع تطور هذه العمليات تحولت إلى تجارة تهدف إلى جني المال فقط.
ويشير الباحث إلى أن هناك شبكات نسائية تغرر بالفتيات وتقنع أسرهن بضرورة تزويجهن في الخارج للاستفادة من المهور المرتفعة هناك، وتتولى هذه الشبكات كافة الإجراءات من استخراج جواز السفر إلى الحصول على التأشيرة وتذاكر السفر والاستقبال في الخارج. مقابل جزء من المهر مما يحقق للمحترفات في هذا المجال أرباحا طائلة. ودعا الحافظ إلى التدقيق في سفر القاصرات والفتيات ومنعهن من السفر دون مبرر معقول، مؤكدا أن القضاء على هذه الظاهرة التي تسيء لسمعة الموريتانيات ينطلق من تحسين ظروف المعدمين وتوفير فرص عمل للفتيات ضحايا الطلاق واليتم والفقر، وتشديد الرقابة على وكالات السفر ومعاقبة المسؤولين عن تهجير الفتيات.
نساء معيلات
يقول مصدر في quot;رابطة النساء معيلات الأسرquot;، التي تهتم بتهجير الفتيات الموريتانيات إلى الخارج، أن لديها سجلاً لثماني عشرة حالة لفتيات تم ترحيلهن إلى دول خارج موريتانيا وتزويجهن هناك وهن قاصرات، ولما بلغن سن الإنجاب تم تطليقهن وإبعادهن، بل إن بعضهن عدن يحمل معهن أطفالا رفض آباؤهم الاعتراف بهم، لأن الزواج كان عرفيا وسريا خلال إقامتهن في تلك البلدان. وقالت المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه إن هذه الحوادث تطرح من جديد موضوع المتاجرة بالقاصرات الموريتانيات في الخارج حيث يتم التغرير بهن وبأسرهن ليتمكن التجار من شرائهن على أساس أنهم سيتكفلون بتزويجهن مقابل quot;عمولاتquot;. وطالب بفتح تحقيق حول الأشخاص ووكالات السفريات التي تمارس هذا النوع من النشاطات والمراقبة المكثفة لسفر القاصرات إلى الخارجquot;، معربا عن قلقه من انتشار شبكات المتاجرة بالفتيات، والتي أصبحت تمتلك الكثير من النفوذ على المستويين الداخلي والخارجي يؤهلها لممارسة نشاطاتها الإجرامية ويمكنها من الإفلات من العقاب.
التعليقات