لندن

على رغم جماهيريته الضاربة (ربما بسببها) والأعداد المليونية لمستخدميه، لم يخل تاريخ موقع التواصل الاجتماعي laquo;فيسبوكraquo; من الانتقادات المريرة التي تستهدف دوماً قدرة هذا الموقع على حفظ الخصوصية الفردية لمستخدميه، إضافة إلى الشبهة الدائمة التي تحوم حول إتجاره بالمعلومات المتراكمة فيها، وبيعها لشركات الإعلانات.

وقبل بضعة شهور، تذمّر كثير من الجمهور من التعديلات التي أدخلها على نظام التجوّل بين صفحاته والدخول عليها. وبصورة مزمنة، يشكو laquo;فيسبوكraquo; من ضعف في نُظُم الحماية، ما يجعله مساحة مستهدفة من المتطفلين الإلكترونيين، الذين لا يتورع بعضهم عن استعمال هذه المعلومات وسيلة لابتزاز أصحابها.

والأرجح ان نقاشاً كهذا يطول كثيراً. وأخيراً، أعلن laquo;فيسبوكraquo; عن تطوّر مهم في خدماته، عبر إضافة بريد إلكتروني من نوع جديد على صفحاته. وترافق ذلك مع تجدد نيران النقاش حول ممارسات laquo;فيسبوكraquo; وأوضاعه. ولم يتردد البعض في طرح أسئلة من نوع: laquo;هل نستطيع ان نأتمن هذا الموقع على بريدنا، إذا كانت الشكوك تساورنا حيال قدرته على حفظ خصوصية معلوماتنا، وحماية صفحاتنا الشخصية فيهraquo;؟

إنّه laquo;نظام مراسلة إلكتروني حديث، وليس بريداً إلكترونياًraquo;. بهذه الكلمات وصف مدير laquo;فيسبوكraquo; التنفيذي مارك زوكربرغ، خدمة التراسل التي يزمع الموقع جعلها جزءاً أساسياً من تكوين الصفحات الشخصية فيه. ولكن، مهما اختلفت التسمية التي يفضّلها هذا العبقري البالغ من العمر 26 عاماً، على الخدمة الجديدة، فإن تسمية البريد الإلكتروني التصقت بها سريعاً، إذ يتداولها معظم المهتمين بشؤون التكنولوجيا الرقمية.

وتهدف هذه الخدمة التي جرت تجربتها على قاعدةٍ صغيرةٍ من المستخدمين، إلى دمج الرسائل الفورية والمراسلات النصية المتوافرة في صفحات laquo;فيسبوكraquo;، مع البريد الإلكتروني، ما يعطي هذه الخدمة نكهة تميّزها عن البريد الإلكتروني بأشكاله الشائعة.

وتتيح هذه الخدمة إنشاء laquo;سجلّ محادثاتraquo;، ما يعني أنه مهما تعددت الطرق التي قد تتصل بها مع شخص ما (مثلاً، عبر رسالةٍ نصية قصيرةٍ أو رسالةٍ فوريةٍ أو بريد إلكتروني)، فإنها تظهر في السجّل، ما يسهّل معاينتها، خصوصاً أنها تتجمع في laquo;ركنraquo; معيّن في صفحتك الشخصية في laquo;فيسبوكraquo;.

وعلى غرار بقية مواقع البريد الإلكتروني، سيتلقى مستخدمو هذه الخدمة عنواناً لبريدهم الإلكتروني، تظهر فيه مرجعية laquo;فيسبوكraquo;، بمعنى أنها تتخذ شكلاً خاصاً بهذا الموقع، فتكون facebook.com@.

ويُلحق ببريد الرسائل نوع من laquo;صندوق بريد اجتماعيraquo; يتيح تصفية الرسائل، بحيث تتقدّم الرسائل الآتية من الأصدقاء على ما عداها.

وفي المقابل، يتفادى الجميع راهناً الحديث في شكل مباشر عن مدى ثقة المستخدمين بخدمة laquo;فيسبوكraquo; الجديدة، خصوصاً أنها تتدخّل إلى حدّ كبير بشؤونهم الشخصية اليومية. وتشغل هذه المسألة أيضاً كثيراً من متابعي الشأن المعلوماتي. وفي هذا الإطار، وضع موقع laquo;زيد نتraquo; ZDnet، المتخصص بشوؤن التكنولوجيا الرقمية، رأياً لأحد الاختصاصيين يعرب فيه عن قناعته بأن أهم ما في الخدمة الجديدة هو laquo;صندوق البريد الاجتماعيraquo;، حيث تتجمّع رسائل من أنواع مختلفة، وليس حصراً تلك التي تأتي من البريد الإلكتروني، ثم تجرى تصفيتها. وأوضح هذا الاختصاصي أن laquo;فيسبوكraquo; يستخدم معرفته بلوائح الأصدقاء عند مستخدميه، لتصفية الرسائل، بحيث تتصدرها تلك التي يرى الموقع أنها أكثر أهمية (وبهذا المعيار)، على حساب رسائل قد تكون أكثر أهمية فعلياً، لكنها ليست في قائمة الأصدقاء، مثل الرسائل المتصلة بالتوظيف والعمل والتعامل مع المؤسسات والسلطات الرسمية وغيرها.

وشدّد هذا الاختصاصي على أن إطار التكامل السهل الذي يروّج له زوكربرغ وفريق laquo;فيسبوكraquo;، يستند إلى فكرة مفادها أن يتمكّن المستخدم من تلقي رسالة فورية على شكل رسالة نصية قصيرة أو تلقي رسالة نصية قصيرة على شكل بريد إلكتروني، ما يتيح للأشخاص استخدام أداة الاتصال التي يفضلونها من دون القلق في شأن كيفية رؤيتها أو الرد عليها.

وفي المقابل، أبدى اختصاصيي آخر نقداً مغايراً، عبر موقع laquo;ريد رايت ويبraquo; Red Right Web. ورأى أن النقاش يذكر بجدالات سابقة حول مسألة الخصوصية الشخصية في موقع laquo;فيسبوكraquo;، ومدى ثقة الجمهور بأن laquo;فيسبوكraquo; يعطيها لهم ويحترمها في ممارساته. وقال: laquo;أثناء الإعلان عن المنتج الجديد، ثارت حفيظة مسؤولي laquo;فيسبوكraquo; عندما سأل أحد الحاضرين عما إذا كانت الخدمة الجديدة تعني أن laquo;فيسبوكraquo; سيجمع معلومات عن أشخاص لا يستخدمون هذا الموقع. وزادت المفاجأة عندما أجاب زوكربرغ بالإيجاب عن هذا السؤال المقلق، ما يعني أن laquo;فيسبوكraquo; سيستخدم معلوماته ضد الجمهور الواسع من مستخدمي الإنترنت، إضافة الى مستعمليه أيضاً!

القسم العلمي - بالتعاون مع مركز الترجمة في laquo;دار الحياةraquo;