قاسم حسين

انطلق الجمعة الماضية مؤتمر laquo;حوار المنامةraquo; السابع، الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية منذ العام 2004، بحضور وزراء خارجية ودفاع وداخلية ثلاثين بلداً عربياً وأجنبياً، وعدد كبير من المسئولين العسكريين والإعلاميين.

مؤتمر 2010، حضرته دول مجلس التعاون والعراق وإيران والأردن واليمن، وغابت عنه دولٌ عربيةٌ مهمةٌ مثل سورية والجزائر، فهما أولى بالأمن العربي من كندا أو أستراليا، فيما أبقت مصر على مستوى تمثيل منخفض. كما غابت عنه جامعة الدول العربية، وهي أولى من laquo;الناتوraquo; في مناقشة القضايا الأمنية في هذا الجزء من الوطن العربي.

الدول الغربية كانت أبرز الحاضرين، من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا... انتهاءً بروسيا والصين واليابان والهند وتركيا. فالخليج يعتبر منطقة بالغة الحيوية لكل دول العالم، كونه المصدر الرئيسي للطاقة حالياً وفي المستقبل.

في مناقشات اليوم الأول سيطر هاجس laquo;الويكيليكسraquo; على أجواء المناقشات، ووجّه أكثر الصحافيين أسئلتهم للمنظمين في جلستهم الأولى نحو هذه القضية التي شغلت العالم أجمع. وفي الوقت الذي حاول المنظمون التقليل من شأنها وحصر تأثيرها، حاول بعض المسئولين الخليجيين أيضاً إعطاء انطباع بأنها ليست laquo;أكثر من مجرد تسريبraquo;، ما يعني أن هناك الكثير الكثير مما لم تقرأوه أو تطّلعوا عليهraquo; مما يجري وراء الكواليس. وهي إجابةٌ لا تشفي غليل الصحافيين، لكنها تشير إلى أن لدى الدبلوماسيين من المرونة ما تؤهلهم لتجاوز مثل هذه الورطة laquo;الصغيرةraquo;!

في اليومين الأول والثاني، سيطرت قضيتان رئيسيتان على المؤتمر، اليمن وإيران، فالبلد الأول يعاني من مشكلة مع الحوثيين في الشمال، ومشكلة أخرى مع الحراك الجنوبي، وفي أحشائه تعبث القاعدة، وقد رفض وزير الخارجية اليمني الربط بين هذه المشاكل، ففي الشمال قضية خاصة، وفي الجنوب انفصاليون من بقايا التمرد القديم، أما القاعدة فقد لمّح اليمنيون أنها ليست صناعة يمنية، وإنما مستوردة من الخارج.

وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس قال إن ما تعلمناه من الأزمة المالية العالمية، ومن قبلها 11 سبتمبر، أن أي مشكلة تحدث في بقعة معينة من العالم تنتشر إلى البقع الأخرى، فقضايا الأمن والاقتصاد والسياسة مترابطة. وتساءل: لماذا حدثت مشكلة أفغانستان؟ اقتصاد ضعيف، حكومة لا تسيطر على أراضيها، الفقر وانعدام التنمية، كل ذلك يجلب التطرف والإرهاب.

أحد المتحدثين أشار إلى أن اليمن تتفوق سكانياً على الخليج، ولا تتوفر على غاز ولا نفط، ولا ينبغي التركيز على مساحتها الكبيرة، وإنما على ما يمكن أن تشكّله من خطورة نظراً لتصدير مشاكلها للجوار. بل إن إحدى الدول العربية وصفت اليمن كدولة فاشلة، حسب تسريبات laquo;الويكيليكسraquo;.

هذا الكلام أزعج وزير الخارجية اليمني أبوبكر القربي، الذي ردّ بقوله إن القاعدة موجودة في كثير من الدول، وليست في اليمن وحده، حتى في الولايات المتحدة وبريطانيا وأخيراً في بلجيكا، اكتشفوا عناصر للقاعدة وهي ليست دولاً فقيرة أو لا تسيطر الحكومة على أراضيها. وتساءل: ألا يمكن أن تتحمل مسئوليتها تلك الدول التي جاء منها عناصر القاعدة أو مرّوا بها دون أن ينتبهوا إليهم؟ فبلدٌ دخله القومي لا يتجاوز 15 مليار دولار، وموازنته (7 مليارات) تعادل موازنة بعض الجامعات الأميركية، كيف يطلب منه أن يواجه الارهاب دون مساعدات (دون أن يتطرق إلى قضايا الإصلاح الذي تأخّر كثيراً)؟

لقد استغرقتنا قضية اليمن... فماذا يقال إذاً عن المشاكل الأخرى؟