أنقرة - رؤوف بكر

أكد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في حديثٍ خص به laquo;البيانraquo; أن العلاقات مع إسرائيل تمر بمرحلة حرجة على خلفية الهجوم على laquo;أسطول الحريةraquo;، مشدداً على أن مسار الخطوات التي ستتخذها أنقرة بخصوص العلاقات يعتمد على الموقف الإسرائيلي.

ولفت إلى أن بلاده تقوم بملء الفراغ في بعض القضايا، نافياً الحديث الدائر في الغرب عن تحولٍ في توجهات السياسة التركية.ونوه رئيس الدبلوماسية التركية إلى أن الحكومة العراقية المقبلة يجب أن تكون قائمة على توافق عريض وتعترف بالتوازن الذي نجم عن الانتخابات، لافتاً إلى أن الحوار والدبلوماسية هما الوسيلتان الوحيدتان الشرعيتان والقابلتان للتطبيق لحل مسألة برنامج إيران النووي. وتالياً نص الحوار:أين تقفون حالياً فيما يخص علاقاتكم بإسرائيل بعدما وافقت تل أبيب على لجنة دولية لتقصي الحقائق بخصوص الهجوم على laquo;أسطول الحريةraquo;، هل لازلتم تصرون على اعتذار رسمي، وكيف ستراقبون مدى التجاوب الإسرائيلي مع تلك اللجنة؟.

علاقتنا بإسرائيل تمر بمرحلة حرجة. بهجومها على قافلة مساعدات إنسانية متعددة الجنسيات في المياه الدولية، فإن القوات الإسرائيلية خرقت حرية الملاحة في أعالي البحار والذي هو حق مبدئي طبقا لقوانين الملاحة الدولية.إن هذا التحرك غير القانوني من قبل الحكومة الإسرائيلية هو الذي أوصلنا إلى هذا المستوى المتدهور في العلاقات. وبناءً عليه، فإن أي دولة لا يمكن لها أن تبقى غير مكترثة، حيث أوضحنا مراراً وتكراراً بأننا لن نكون غير مباليين وبأننا سوف نستنفذ كل السبل لحماية حقوق المدنيين ومواطنينا. أما بالنسبة لتطبيع العلاقات، فإن موقفنا معروف وهو أننا نتوقع من إسرائيل الاعتذار وتعويض العائلات الثكلى. كما تعلمون، فإن الأمم المتحدة أنشأت لجنة دولية لكي تقوم بتحقيق شامل في الغارة الإسرائيلية، حيث بدأت عملها في ال10 من شهر أغسطس الجاري على أن تقدم تقريرها الأولي في ال15 من سبتمبر المقبل. اللجنة ستكمل مهام لجنة تقصي الحقائق التي تأسست طبقاً لقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في ال2 من يونيو الماضي.

هذه، كما نعتقد، خطوات حاسمة في الاتجاه الصحيح تتوافق مع حقيقة أن لا دولة فوق القانون الدولي بل خاضعة له. أنا واثق من أن اللجنة سوف تكون موضوعية وستقوم بدراسة شاملة. وفي هذا الاتجاه، لدينا كامل الثقة بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي قام بجهود نثمنها.

وإذا كانت إسرائيل تقدر علاقاتها بتركيا، وأتمنى أنها كذلك، فعليها أن تقبل بالمسؤولية وتقوم بما هو ضروري لمنع أي تدهور آخر. تحديداً، فإن مسار الخطوات التي ستتخذها تركيا يعتمد على الموقف الإسرائيلي.

الموقف الأميركي

هل أنتم راضون عن الموقف الأميركي من هذه الأزمة، خاصة أن واحداً من القتلى التسعة كان يحمل جواز سفر أميركي؟.

الولايات المتحدة حليفتنا ونحن نعمل سوية على جبهات متعددة. وفيما يخص هذه القضية بالذات، أطلعنا الأميركيين على موقفنا بأسلوب واضح منذ البداية وأخبرناهم بخلفية الموضوع وأين وقع الهجوم وكيف. لقد كانت الجهود الأميركية لتخفيف التوتر جديرة بالملاحظة. وعلي أن أذكر على وجه الخصوص مساهمتهم في تسهيل العودة السريعة للطاقم والركاب من إسرائيل.

كما علي، بكل الأحوال، أن أشدد على أن هذه المشكلة لا تخص تركيا أو الولايات المتحدة فقط بل هي بين إسرائيل والمجتمع الدولي بأكمله لأن تل أبيب خرقت القانون الدولي بشكلٍ سافر.

هذه المسألة تتعلق بالضمير الدولي، وعليه فإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع وعلى عاتق كل عضو في المجتمع الدولي بأن يقفوا سوية للتأكيد على سيادة القانون الدولي. كلما دعمنا هذه السيادة، كلما تحسن السلم والأمن في منطقتنا والعالم.

الوضع العراقي

زرتم سوريا في الفترة الماضية وقابلتم سياسيين عراقيين، هل تؤمنون بأن دول الجوار العراقي يمكن لها أن تساعد في موضوع تشكيل الحكومة العراقية، وعلى أي أسس تعتقدون أن على تلك الحكومة أن ترى النور؟.

هناك مسؤولية خاصة ملقاة على دول الجوار فيما يتعلق بدعم جهود العراقيين لبناء وطن آمن ومستقر وديمقراطي قائم على حكم القانون واحترام حقوق الإنسان، وهذا ما نسميه بlaquo;التعهد الإقليمي الإيجابيraquo;. في الواقع، هذا ما كان يدور في خلدنا حينما أطلقنا عملية laquo;دول الجوار العراقيraquo;.

بدون شك، فإن مسؤولية تحديد مستقبل العراق تقع على كاهل الكتل السياسية العراقية نفسها، فهذا في المقام الأول أحد متطلبات الديمقراطية. في الوقت ذاته، نعلم أن التطورات التي حدثت في تاريخ العراق الحديث كان لها تشعبات سياسية وأمنية واقتصادية على جيرانه وخاصةً تركيا.

وبناءً عليه، شجعت تركيا بشكلٍ نشط، قبل وبعد الانتخابات العراقية، عملية المصالحة الوطنية هناك. نحن نحاول مساعدة كافة الكتل السياسية العراقية على إطلاق حوار بناء والتوصل إلى إجماع فيما يخص تشكيل الحكومة.

ونعتقد أن الحكومة المقبلة يجب أن تكون شاملة وقائمة على توافق عريض وتعترف بالتوازن الذي نتج عن الانتخابات. إن استقرار العراق على المدى الطويل يمكن له أن يتم فقط من خلال مقاربة توافقية وشاملة في موضوع تشكيل الحكومة وبدون تهميش أي مجموعة سياسية.

السياسة التركية

هناك مخاوف في الغرب بأن الدبلوماسية التركية، تحت حكم حزب laquo;العدالة والتنميةraquo; وإشرافكم، تتحول تدريجياً إلى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، فكيف تردون؟.

من المؤسف أن مقاربتنا فسرت من قبل البعض على أنها نقلة في الاتجاه والأولويات للسياسة الخارجية التركية. ليس هناك أي تحول أو انحراف خارج المسار في فلسفة السياسة الخارجية التركية.

في ضوء مسؤولياتنا عبر الأطلسي وجهودنا التي لا تعرف كللاً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فإن الحديث عن ما يسمى laquo;تحولraquo; في اتجاهاتنا غير صحيح بكل بساطة. هذه المزاعم يمكن أن تفسر فقط بأنها فشل في الفهم الكامل لما نحاول القيام به في سياستنا الخارجية. الحقيقة هي أننا نقوم بملء الفراغ في بعض القضايا ونساهم فيها ونكملها.

كما أننا نساهم في تسليم رسائلنا إلى العناوين الصحيحة وبطريقة تسفر عن نتائج ملموسة. هذا مرده إلى الثقة الخالصة التي تضعها دول كثيرة في تركيا بفضل سياستنا المرتكزة على مبدأ الحوار في العلاقات الدولية.

إن آمال الحكومة التركية في laquo;صفر من المشاكل مع الجيرانraquo; تتخلص في تعزيز الأمن للجميع، تفعيل مستويً عالٍ من الحوار السياسي يفضي إلى تقوية التعاون في كافة المجالات الممكنة، تنمية الترابط الاقتصادي، بالإضافة إلى ضمان التعايش متعدد الثقافات.

نحن نثمن مبدأ المصالح المشتركة وتعزيز التعاون ليس فقط مع جيراننا المباشرين بل أيضاً مع شركاء في مناطق بعيدة من العالم. إن مساهمة تركيا في حل قضايا مختلفة في الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وجنوب آسيا، يجب أن ينظر إليها من إطار المفاهيم هذا.

نووي إيران

الاتفاق النووي الثلاثي بخصوص إيران لم يكن موضع ترحيب من قبل واشنطن التي ذهبت إلى فرض عقوبات أشد، فهل تعتقدون بأن ضربة عسكرية لمنشآت طهران النووية أمر لا مفر منه في النهاية؟. نؤكد مرة أخرى بوضوح أن الحوار والدبلوماسية هما الوسيلتان الوحيدتان الشرعيتان والقابلتان للتطبيق لحل مسألة برنامج إيران النووي.

وفي وقت نعترف فيه بحق كل دولة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية بما يتماشى مع القانون الدولي، فإننا نؤيد إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل.

وفي هذا الخصوص، سنفعل ما بوسعنا لتسهيل الحلول الدبلوماسية للقضايا المتعلقة ببرنامج طهران النووي، وأيضاً الاستئناف الفوري للمحادثات بين إيران ومجموعة 5+1، فضلاً عن إطلاق المناقشات الفنية الخاصة بتبادل الوقود النووي.

إرهاب

تشديد على الموقف الإقليمي المشترك من القضايا الأمنية

أكد رئيس الدبلوماسية التركية أحمد داوود أوغلو في حواره مع laquo;البيانraquo; على أن رؤية بلاده لمبدأ الجوار تتلخص في موقف مشترك من كافة القضايا الثنائية بما فيها الأمنية.

وأفاد رداً على سؤال فيما إذا كانت الدبلوماسية التركية النشطة تبدو وكأنها معطلة حينما يأتي ذكر إقناع بغداد وواشنطن بالتعاون لمواجهة عمليات حزب العمال الكردستاني، أنه laquo;لا يجب أن يسمح للإرهاب بوضع مستقبلنا المشترك على حافة الخطرraquo;. واستطرد: laquo;طالما ساد الإرهاب، فإن هذه الرؤية سوف تضعفraquo;.

وفيما يخص مدى اقتناع أنقرة بمستوى التعاون آنف الذكر، أوضح أوغلو أن laquo;واحداً من العناصر المحورية في العلاقات التركية الأميركية هو بلا شك التعاون في مكافحة الإرهاب، حيث نعلق قيمة كبيرة في هذا الصددraquo;. وأضاف: laquo;كما نتوقع تعاوناً كاملاً من أخوتنا العراقيين في قتالنا ضد الإرهابraquo;.

آلية ثلاثية

ولفت إلى أنه وفي شهر أكتوبر الماضي laquo;تم التوقيع على اتفاقيتين لمكافحة الإرهاب والتعاون الأمني تضعان المبادئ الأساسية لضمان التعاضد في مواجهة الإرهاب الذي هو ضروري لضمان السلام والأمن في المنطقةraquo;.

وأردف: laquo;أيضاً، أطلقنا العام 2008 آلية ثلاثية مع بغداد وواشنطن للقضاء على تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني في العراق. ومنذ ذلك الحين، تطور التعاون بيننا ضد هذه المنظمة الإرهابية حيث تنظم اللقاءات بشكل دوري.

وبالتالي فإن تلك الآلية مستمرة في العملraquo;. وذكر وزير الخارجية التركي أنه laquo;وفي أبريل الماضي، تم تبني خطة عمل ثلاثية نأمل معها باتخاذ خطوات ملموسة على الأرض في وقت يتطور هذا التعاون بشكل أكبرraquo;.