محمد كريشان

في أقل من أسبوع يتدخل مسؤولان أمريكيان لمحاولة إصلاح التصـريح المتسرع وغير الموفق للرئيس أوباما الذي علق على اختيار قطر لاستضافة كأس العالم 2022 بالقول إنه قرار 'خطأ'. في البداية، هنأت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الدوحة بالقول إن استضافتها كأس العالم 'إثبات إضافي أن قطر والمنطقة في طليعة عالم الأعمال الهامة'. وبعدها هنأ السفير الأمريكي في قطر جوزيف ليبارون أمير قطر وحرمه ورئيس وزرائه ونجله رئيس لجنة تنظيم المونديال مشيدا بـ 'ثقة العالم لمنح دولة قطر استضافة مثل هذا الحدث العالمي المهم' معربا في تصريح نشرته الصحف القطرية أمس عن 'تطلعه إلى كأس عالم ناجحة عام 2022' مع عبارات إشادة أخرى كثيرة.
هذه المسارعة في التهنئة من المسؤولين الأمريكيين تعكس رغبة واضحة في تعديل التصويبة المتعجلة والمنفعلة التي سددها الرئيس الأمريكي والتي نظر إليها كثيرون باستغراب لأنها من ناحية لا تدل على حصافة سياسية، ولا على شعور بواجب المجاملة تجاه بلد يفترض أنه حليف وثيق لواشنطن من ناحية أخرى. لم يكن واردا انتظار اعتذار من البيت الأبيض على ما صدر من أوباما لكن ما قالته وزيرة الخارجية وسفيرها بالدوحة أقرب ما يكون لذلك. وما زاد في إذكاء الإحراج الذي سببه كلام الرئيس الأمريكي اكتفاء قطر بتصريح تلفزيوني لولي عهدها قال فيه باسما إن ما صدر عن أوباما عبارة عن 'زلة لسان (قيلت) في حالة غضب' قبل أن يضيف 'الله يسامحه!!'.
في خضم الفرحة العارمة التي عمت قطر وشعبها والمقيمين فيها، مختلطة بفرحة العرب جميعا، لم يكن هناك من مجال ليفسد كل ذلك كلام لأوباما لم يوثق بالصوت والصورة من حسن حظه. الآن لا شيء يمنع من التوقف عند أبرز ملامح الرعونة التي وصمت هذا الكلام على مستويات ثلاثة على الأقل:
ـ الافتقار لأبسط قواعد اللباقة والروح الرياضية. ما كان لأحد أن يلوم أوباما لو أنه أعرب عن أسفه الشديد وحزنه لاستبعاد بلاده من استضافة كأس العالم لكن أن يتجاوز ذلك إلى ما قاله فأمر لم يكن له أي لزوم بالمرة.
ـ الاستهتار بقيم التنافس والاقتراع السري للتصويت الذي شهدته اجتماعات الفيفا في زوريخ من زعيم بلاد تقدم نفسها راعية للتنافس الديمقراطي والاختيار المؤسسي للقرارات.
ـ روح الاستعلاء والغرور التي يبطنها كلام الرئيس الأمريكي وكأنه كان يود القول إن شعوب هذه المنطقة من العالم ليست جديرة بتنظيم الفعالية الرياضية الأشهر في العالم وليست أهلا لها أصلا.
أما الأنكى من كل ما سبق أن هذا الكلام يخرج من زعيم بلد أراد أن يقدم نفسه ويسوقها على أنه مختلف عن أسلافه وأنه يريد فتحة صفحة جديدة مع العالم الإسلامي والعربي ويطوي صفحة العداء والريبة المتبادلة، لكنه الطبع الذي يغلب التطبع!!