محمــد محفـوظ
أثار إعلان وزارة الداخلية عن اكتشاف (19) خلية إرهابية في المملكة ، خطر الإرهاب مجدداً .. إذ يبدو أن الإرهابيين لا زالوا يعملون من أجل زرع خلايا سرطانية في مجتمعنا ووطننا .. ولكن يقظة رجال الأمن ، أحبطت هذا الخطر الإرهابي ، الذي تعددت خلاياه وتوزعت عبر مناطق مختلفة من المملكة ..
ونحن نود في هذا المقال ، أن نتحدث عن مجموعة من النقاط الأساسية المتعلقة بملف الإرهاب في المملكة والمنطقة ..
الإرهاب لا يمكن أن تواجهه فئة من المجتمع أو الدولة ، وإنما هو يحتاج لإنهاء مخاطره وإفشال تأثيراته إلى عمل وتكاتف جميع الأطراف حتى نتمكن جميعاً من إنهاء هذا الخطر عن مجتمعنا ووطننا
لا شك أن عمليات الإحباط المتكررة لعملياتٍ يعد لها الإرهابيون في المملكة ، تثبت بشكل لا لبس فيه ، أن رجال الأمن في وطننا ، يولون أهمية قصوى لمحاربة الإرهاب والإرهابيين .. وإن إحباط بعض العمليات الإرهابية ، والاكتشاف الدائم لبعض الخلايا الإرهابية الموزعة في مناطق المملكة ، يؤكد يقظة رجال الأمن ، ويعزز ثقة الوطن من أقصاه إلى أقصاه بقدرة رجال الأمن على مواجهة الإرهاب وإحباط مؤامراته الخطيرة على حاضر الوطن ومستقبله ..
فلولا اليقظة الأمنية وتبنيهم لعمليات الأمن الاستباقي ، لوقعت العديد من العمليات الإرهابية في وطننا العزيز ..
ونحن إزاء الاكتشاف الأخير للخلايا الإرهابية ، نبارك لوزارة الداخلية وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز هذا المنجز وهذه اليقظة التي أفشلت العديد من المخططات الإرهابية الخطيرة ..
إن يقظة رجال الأمن تجاه ملف الإرهاب في المملكة ، تحمّل شرائح المجتمع السعودي المختلفة ، مسؤولية القيام بواجبها في مواجهة خطر الإرهاب ، والعمل على تفكيك حوامله وموجباته ..
فالإرهاب لا يمكن أن تواجهه فئة من المجتمع أو الدولة ، وإنما هو يحتاج لإنهاء مخاطره وإفشال تأثيراته ، إلى عمل وتكاتف جميع الأطراف ، حتى نتمكن جميعا من إنهاء هذا الخطر عن مجتمعنا ووطننا .. فلتتكاتف جميع الجهود الوطنية ، من أجل مواجهة الإرهاب والإرهابيين في مجتمعنا ..
وأود في هذا السياق أن أتحدث عن أهمية الدور التربوي والإعلامي في مواجهة الإرهاب والإرهابيين ..
فالمعلم والمنهج والمدرسة بكل مناشطها ، كلهم يتحملون مسؤولية أساسية في مشروع تفكيك جذور الإرهاب والعنف في مجتمعنا ..
فالتعليم الذي يغذي عقول الطلبة بقيم الحوار والتسامح وصيانة حقوق الإنسان ، سيباشر دوره في مشروع مواجهة الإرهاب من خلال هذه القيم المضادة التي يغرسها رجال التربية في الفضاء المدرسي .. كما أن المعلم الذي يتواصل مع طلبته ، ويعمل على إزالة الغبش عن رؤاهم ، ويعزز في أوساطهم ثقافة الاعتدال والوسطية والتسامح ، هو يباشر دوره في مشروع محاربة الإرهاب ..
كما أن المدرسة التي تطور صلتها بطلبتها وتعمل على زيادة وتيرة التعاون بين البيت والمدرسة ، وتبدع في أساليب التربية والتنشئة ، هي تساهم من خلال هذه الخطوات في مشروع محاربة الإرهاب ..
كما أن للإعلام بكل مؤسساته ورجاله ، مسؤولية أساسية في مشروع مواجهة الإرهاب وخطر الإرهابيين ..
فلتتواصل الجهود الإعلامية ، التي تؤكد على قيم التسامح ونبذ التعصب والغلو وصيانة حقوق الإنسان ، لأن في هذه الجهود رفعاً للغطاء الثقافي عن الظاهرة الإرهابية بكل عناوينها ودوائرها ..
وحينما تتكاتف المؤسسات التربوية مع المؤسسات الإعلامية في مواجهة الإرهاب وتفكيك حوامله ، فإننا سنصل إلى نتائج مبهرة على هذا الصعيد ..
ولكون الإرهاب الذي يواجهه وطننا وبقية دول العالم العربي والإسلامي له وجهه الديني ، فإننا لا يمكن مواجهة هذا الخطر وهذه الآفة ، بدون مشاركة المؤسسات والمعاهد والشخصيات الدينية في مشروع المواجهة ، وتفكيك الجذور العميقة لهذه الآفة الخطيرة ..
وهذا بطبيعة الحال يتطلب من جميع أطراف المشهد الديني العمل على المستويات التالية:
أ - صياغة خطاب ديني ، يعزز قيم الحوار والتسامح وحقوق الإنسان ، وينبذ نزعات الغلو والتطرف والتكفير ..
ب - رفع الغطاء الديني والثقافي ، عن كل الممارسات والجماعات ، التي تتوسل العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها وغاياتها ..
ج - تعميق الأبعاد الإنسانية لقيم الإسلام في فضائنا الاجتماعي والثقافي .. فإبراز إنسانية الإسلام ، واهتمام هذا الدين بكرامة الإنسان بصرف النظر عن دينه أو قومه أو عرقه ، أضحى ضرورة دينية وثقافية ،لإزالة الكثير من الالتباسات والهواجس الداخلية والخارجية ..
د - تطوير المناهج التعليمية الدينية ، لأن في عملية التطوير ، إخراجاً لهذه المناهج والمؤسسات من اتهامها بأنها تساهم بشكل أو بآخر في تفريخ ظاهرة الإرهابيين ..
فالحاجة الدينية والاجتماعية ، تقتضي الإسراع في عملية تطوير المناهج التعليمية الدينية .. وإن عملية التطوير هذه ، ليست خضوعا لمقتضيات خارجية ، بل بفعل حاجات ذاتية واجتماعية ملحة..
ولا يمكن مواجهة خطر الإرهاب والإرهابيين بفعالية بدون الاهتمام بفئة وشريحة الشباب ذكورا وإناثا ..
فأغلب المتورطين في الخلايا والأعمال الإرهابية هم من فئة الشباب ، وبدون وجود مشروع وطني متكامل لرعاية الشباب والاهتمام بقضاياهم المختلفة ، فإننا لن نتمكن من إنهاء هذه الظاهرة الخطيرة من مشهدنا الوطني والاجتماعي ..
وما أحوجنا اليوم على الصعيد الوطني ، إلى مشروع وطني متكامل للشباب ، يلبي حاجاتهم ، ويجيب عن أسئلتهم ، ويوفر لهم مؤسسات للتنشئة والترفيه ، ويعمل على إنهاء بعض العقبات والمشكلات التي تعترض طريقهم ومسيرتهم ..
هذه بعض الأفكار والعناصر ، التي تشكل في تقديرنا نواة لمشروع وطني ، يحارب الإرهاب ، وينهي جذوره وحوامله ، ويحصن واقعنا الاجتماعي من مخاطر العنف والإرهاب ..
إنها معركة تتطلب جهد الجميع ، حتى نتمكن من إنهاء هذه الآفة الخطيرة ، ونخلص وطننا من متوالياتها الخاصة والعامة ..
التعليقات