إياد الدليمي

مضت نحو نصف المهلة الدستورية المخصصة لرئيس الوزراء العراقي المكلف نوري المالكي لإعلان حكومته الجديدة وما زالت الأمور تراوح مكانها مع بعض التقدم هنا أو هناك، وعقبات جديدة بعضها قديم باتت تطفو على سطح المشاورات.
ولعل القاسم المشترك الأبرز بين معظم القوى السياسية العراقية هو تطلع كل منها للاستحواذ على وزارات بعينها، ناهيك عن مساعٍ مشتركة من قبل الجميع لزيادة laquo;غلتهاraquo; من الكعكة الوزارية، والتي لا يبدو أن نظام النقاط المحتسبة لكل وزارة سيكون قادرا على إخراج القوى السياسية من عنق مطالبها.
وتشير آخر الأخبار المتسربة من غرف المنطقة الخضراء ببغداد حيث تجري المشاورات، إلى أن هناك نية لاستحداث مناصب وزارية جديدة وحقائب وزارية حتى laquo;يرضى الجميعraquo;، كما عبر عن ذلك أحد المقربين من المالكي.
الوزارات العراقية الجديدة سوف تكون وفقا للمعلن، نحو 36 وزارة، بالإضافة إلى مناصب جديدة منها نواب لرئيس الوزراء فبدلا من نائبين سيكون هناك ثلاثة نواب، أما منصب رئاسة الجمهورية فهو أيضاً سيكون قابلا laquo;للاتساعraquo; أكثر من اتساعه السابق، وربما يكون للرئيس ثلاثة نواب بدلا من اثنين.
وتؤكد كافة المعطيات أن المالكي وبعد أن قضى نصف المهلة الدستورية من أجل إعلان حكومته ما زال يصطدم بعقبة مجلس السياسات الاستراتيجية الذي تم الاتفاق على استحداثه إرضاء لقائمة إياد علاوي، العراقية.
المجلس الجديد ما زال بانتظار إقراره من قبل الكتل السياسية والمصادقة عليه من قبل البرلمان، وبينما يؤكد المالكي أنه سيتمكن من إعلان حكومته قبل انقضاء المهلة الدستورية، وأن الحكومة الجديدة لن يرتبط إعلانها بالموافقة على مهام مجلسي السياسات، فإن علاوي وأعضاء في قائمته أكدوا أنه لن يكون هناك أية مصادقة أو إعلان عن الحكومة الجديدة قبل إقرار المجلس الجديد ومهامه.
وتبدو العملية أعقد بكثير مما يطفو على سطحها، فعلاوي وأعضاء كثر في قائمته، يعتقدون أن المالكي يراوغ وأنه يسعى لإعلان الحكومة وأخذ موافقة القائمة العراقية عليها قبل أن يشرع لهم صلاحيات المجلس الجديد.
علاوي أعلن في آخر لقاء صحافي معه أنه قد يلجأ إلى المعارضة ومقاطعة حكومة المالكي في حال استمرت عملية تمرير الوقت قبل إقرار المجلس الجديد.
علاوي أشار أيضاً في نفس المقابلة إلى أن هناك إحساسا بالغُبن من قبل أنصار قائمته بعد فشل محاولات القائمة العراقية الرامية إلى تكليفها بتشكيل الحكومة، وهو ما قد يؤدي بالنهاية إلى تحويل هذا الشعور إلى فعل رافض لحكومة المالكي الجديدة، خاصة إذا لم تقر جملة تشريعات وإصلاحات طالبت بها القائمة العراقية الفائزة بانتخابات مارس الماضي عندما حصلت على 91 مقعدا مقابل 89 مقعدا لصالح ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي.
الأجواء التي تخيم على مشاورات الكتل السياسية في بغداد، ملبدة بغيوم عدم الثقة، والتخوف والترقب مما يمكن أن تقود إليه حسابات تشكيل الحكومة الجديدة، ناهيك عن أجواء عدم الرضا التي تسود الشارع العراقي قاطبة وهو يئن تحت وطأة غياب الخدمات والأمن وتفشي ظاهرة المحسوبية والفساد التي جعلت من العراق، كل العراق نهبا للأيادي الخارجية والداخلية التي باتت تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى الاستحواذ على البقية المتبقية مما بقي من العراق.
إن الحكومة الجديدة ستكون على المحك في أيامها الأولى، هذا إذا نجح المالكي في إعلانها في موعدها المقرر الذي ينتهي منتصف ديسمبر الجاري، فالحكومة الجديدة ستكون مطالبة بإشاعة أجواء الثقة بين المكونات السياسية أولا، وبينها وبين الشعب العراقي ثانيا، ناهيك عن إمكانية التزام المالكي بالاتفاقات التي وقعت في بغداد وأربيل قبل الموافقة على إسناد مهمة تشكيل الحكومة الجديدة له.