سمير سعيد

رغم الانتكاسات التي يعيشها العراق الجديد في المجالات كافة وعلى جميع المستويات، بعد أن نخر الفساد جسد الدولة الهشة التي أقامها الاحتلال بعد تدمير الدولة المركزية، إلا أن نفراً من ساسة عهد الاحتلال لا يزال يتحدث حتى الآن عن الإنجازات الأمنية وفي مجالات أخرى، وأن هذا البلد المنكوب بالاحتلال يعيش ربيعاً سياسياً، وأنه صار مضرباً للمثل في الديمقراطية، حتى ذهب إلى أبعد من ذلك، متهماً دول الجوار العربي بالتآمر على ذلك ldquo;العراق الجديدrdquo; حتى لا تنتقل عدوى تلك الديمقراطية المزعومة إليها .

ويأتي على رأس هؤلاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي لا يترك مناسبة إلا ويتكلم عن الإنجازات الضخمة التي حققتها حكومته أمنياً ودبلوماسياً، ولذلك فهو يحاول جاهداً خطف الحق الدستوري لقائمة علاوي في تشكيل الحكومة الجديدة، حتى يواصل ldquo;إنجازاتهrdquo; التي لا يعرفها ولا يشعر بها في العراق أحد غيره .

وإذا نظرنا إلى حصاد حكومته منذ 2005 سنجد الحصاد كارثياً يستوجب محاسبة ومحاكمة تلك الحكومة .

دبلوماسياً شهدت العلاقات العراقية العربية توترات غير مسبوقة على خلفية تحميل الفشل الأمني لدول الجوار العربي، وأن هذا الجوار هو مصدر الإرهاب في العراق، بينما فشلت الحكومة في توفير الأمن للسفارات الأجنبية التي تم استهدافها في وضح النهار، ما جعل الكثير من دول العالم تعتبر إعادة فتح السفارات في العراق مغامرة غير محسوبة .

في الملف الأمني سنرى أن وزارات العراق السيادية في عهد تلك الحكومة تم استهدافها في وضح النهار وخلال فترات تشديد الرقابة الأمنية، كما تتمّ سرقة بنوك العراق وأسواق صاغته في وضح النهار أيضاً، وكل هذا في وقت توجه الاتهامات لقوى مشاركة في العملية السياسية بالتورط في التخطيط والتنفيذ، أو تسهيل كل تلك الجرائم التي لم يتم الكشف عن هوية فاعليها حتى الآن، بينما ما زالت الأجهزة الأمنية والعسكرية مخترقة من قبل العديد من الجهات لتنفيذ أجندات عرقية وطائفية داخلية وخارجية .

اجتماعياً، ما زال العراق يعج بفعل الاحتلال وسيطرة الطائفية على مقاليد الأمور، بجيوش من الأيتام والأرامل والمعاقين إلى جانب طوابير البطالة في بلد نفطي، وفي ظل حكومة منتهية الصلاحية أنفقت ما يقرب من 300 مليار دولار كميزانيات لإعادة إعمار البلد المحتل، هذا المبلغ إلى جانب المبالغ التي يدّعي الاحتلال أنه أنفقها للغرض نفسه .

لا أحد يعلم لماذا أنفقت كل تلك الأموال الطائلة، حيث إن الخراب لا يزال سيد الموقف، إذ لا مياه نقية، والكهرباء منقطعة بشكل شبه دائم، ما دفع البصريين والبغداديين في أكبر مدينتين في العراق إلى التظاهر هذا الأسبوع للمطالبة بإقالة وزير الكهرباء، بينما يفتك السرطان بأنواعه كافة بالعراقيين، إلى جانب قائمة طويلة من الأمراض الغريبة، وتشوهات الأجنّة من دون توفير الرعاية الطبية المناسبة، بعد أن هرب الأطباء من جحيم الأوضاع الأمنية والاغتيالات، لتكتمل الصورة القاتمة بإعلان إفلاس شركة الخطوط الجوية العراقية العريقة لصالح شخصيات متنفذة في الحكومة .

سياسياً، احتفظ المالكي برصيد كبير من العداوات مع البرلمان الماضي وحكومة كردستان وبقية القوى السياسية، وقد انشق عن ldquo;الائتلاف الموحدrdquo; لخلاف على الحصص استعداداً لانتخابات مارس/ آذار الماضية، ليعود من جديد ليعلن الاندماج معه مرة أخرى بعد انتهاء الانتخابات، بعد أن فشلت محاولات الاندماج قبيل هذه الانتخابات، وذلك في مخالفة واضحة للدستور الذي تولى من خلاله حكومته المنتهية ولايتها، وفي محاولة جديدة للالتفاف على ذلك الدستور لقطع الطريق على قائمة علاوي، للاحتفاظ بالمنصب بأي شكل على حساب ldquo;القائمة العراقيةrdquo; وعلى حساب أصوات العراقيين .