فارس بن حزام

لطالما تكررت تهم quot;العمالة الأميركيةquot; في المشهد العربي. عملاء دبلوماسيون، عملاء إعلاميون، عملاء مثقفون، عملاء حقوقيون، وهكذا.

اليوم الأنظار متلهفة؛ انتظاراً لأسماء قد تكشف عنها وثائق quot;ويكيليكسquot;، بما أن quot;قربةquot; الخارجية الأميركية quot;انشقتquot;، ولم يعد الكثير quot;مستخبياًquot;. فتفاصيل حوارات الزعماء العرب مكشوفة أمام الجميع، ولا أحد يتقدم إلى نفيها، لا عربياً ولا أميركياً، وكل ما جرى محاولة لغض الطرف، وكأن شيئاً لم يكن، والاكتفاء بفتح ملفات قديمة لبطل الكارثة الدبلوماسية، الأسترالي جوليان أسانج.

على مدى عقود، صعوداً وهبوطاً، كان الخصوم يتقاذفون تهم العمالة، الإسلاميون يلقونها على الليبراليين، والحكومات على الحقوقيين، أو الدبلوماسيين المنشقين، من دون أن يتقدم أحد بأدلة اتهام العمالة، ولا أن يصار بالمتهمين إلى القضاء لمحاكمتهم على العمالة المفترضة.

كانت المسألة محصورة في الاتهامات السياسية، والخلافات الفكرية، وكانت العمالة التهمة الأسهل طرحاً والأكثر مفعولاً عند عامة الجمهور لحرق الخصوم اجتماعياً وسياسياً.

واليوم مع السيد أسانج، فرج الله كربه، تبدأ الوثائق في الظهور إلى العلن تدريجياً، لتأكل وجوه السياسيين quot;حبة حبةquot;، في مسيرة ستستمر أشهراً، على أقل تقدير، إلى أن يكتمل ظهور غالبية الكمية من الرسائل، فتتحول مكاتب الخارجية الأميركية إلى صالات مفتوحة للجمهور، ملغية المكاتب السرية، والبريد السري، والحبر السري، فلا أسرار عن فترة مضت، وكل ذلك بعبقرية تقني محترف.

لا قيمة للتحليلات عن القصد من التسريبات اليوم، فالرسائل قد نشرت، ولا يهم أن يكون تسريبها متعمداً من الإدارة الأميركية، أو من خصوم الرئيس أوباما في الداخل، أو حتى في وجود دول كبرى أخرى معادية للولايات المتحدة، سهلت عمل شيخ المسربين جوليان أسانج.

الحكاية اليوم عن كارثة أحلت بوزارة هيلاري كلينتون، خاصة أن أغلب الوثائق، الظاهرة حتى الآن، مؤرخة في فترة ولايتها، ومقبل الأيام سيثبت خطورة رسائل فريق كلينتون من عدمها، بعد أن يظهر غالبيتها، لكن الأكيد، أن ما جرى في الأيام الماضية قد حرق مئات العاملين في الوزارة.

وإلى أن يكتمل ظهور quot;المستخبيquot;، في انتظار الأسماء المثيرة، التي ابتليت بالتهمة المعلبة على مدى سنوات طويلة، من دون أدلة أو محاكمة، أو أن نستمتع بأخبار أكثر تشويقاً مما ظهر حتى الآن، فكل ما سيظهر سيكون طيباً ولذيذاً في سوق الأخبار، وللإعلاميين دائماً.