إسحاق الشيخ يعقوب

الوجوه.. ذات الوجوه.. والممارسات ذات الممارسات.. وان تعددوا وتشكلوا وتهندموا وتمظهروا في بلد هنا.. وبلد هناك.. واختفوا تحت مظاهر دينية وتوجهات تقليدية محافظة في تخلفها ونظرتها للحياة.. فالحريات الشخصية بشكل خاص تشكل فروضا دينية وشروطا شرعية في اسلمة هذه الحريات المدنية.. وهدر قيمها المادية والروحية وتقيدها بشروط ما يجوز وما لا يجوز في الدين والشرع!!
ان عقائدية الاسلام السياسي في اساس مرتكزاتها الايدلوجية والفقهية في اخضاع الحريات العامة وتقييدها ضمن اصولية دينية ثابتة المنبع من واقع عقائدي تاريخي يرى ان الحرية لا ترتبط بالمسؤولية الاجتماعية وانما ترتبط بالمسؤولية الدينية ولا تخرج عن طاعتها وتقليدية تعاليمها الفقهية والشرعية!!
وبهذا فانهم يناقضون ويتناقضون في الاساس مع الحقوق المدنية ويشقون عصا الطاعة لدستور الامة الذي كفل هذه الحريات وكرّسها في مساواة المواطنة في الحقوق والواجبات.. فكيف يمكن ربط الحرية بالمسؤولية الدينية في مجتمع متعدد الاديان والمذاهب والاعراق والطوائف.
هكذا يدخل الاسلام السياسي في تناقض جدي وجذري في المجتمعات المدنية التي تصون وتحمي وترعى حريات البشر في مجتمعاتها.. فكيف اذا وضعنا حريات الناس العامة والشخصية في قوالب دينية وطائفية مذهبية.. تأخذ توجيهاتها الدينية من ولاية الفقيه وتأتمر بأوامر ولايتها الآمرة الناهية في اعز واثمن واجمل ما يمتلكه الانسان.. الا وهي حريته التي ترتبط بمسؤوليتها تجاه اخيه الانسان!!
ان وضع حرية الانسان العراقي في يد قرار مجلس محافظة بغداد وبعض الجهات في الحكومات المحلية بالقيام بغلق النوادي الاجتماعية وفرض المنع على خيارات المواطن يشكل تجاوزا مرفوضا على الحريات المدنية وعلى تاريخ المجتمع العراقي المتعدد المذاهب والاديان والقوميات والاعراق.
وتلكم خطوة ظلامية متطرفة على طريق خطوات تليها في فرض الحجاب والنقاب ومنع الاختلاط في فصل المرأة عن الرجل ومنع الرقص والموسيقى والاغاني والمقامات العراقية التي تشكل شفافية شجو السعادة في الروح العراقية الطروبة لكل جميل وانساني في الحياة.
وامام هذه المحاولات الظالمة في الاعتداء على الحريات العامة والخاصة للانسانية العراقية.. تقف مؤسسة laquo;المدىraquo; الثقافية وقوى التنوير والحرية والديمقراطية من كتاب ومثقفين وادباء وشعراء وصحفيين وفنانين عراقيين في مظاهرات واعتصامات وتنديدات جماهيرية ضد قمع الحريات كما تشارك في التصدي لـlaquo;غاشيةraquo; الظلام والتخلف، العشرات من النساء العراقيات الباسلات.
وقد صرحت الناشطة في مؤسسة المدى الثقافية laquo;غادة العامليraquo; لجريدة الشرق الاوسط اللندنية بان حملة المطالبة laquo;برفع اليد عن الحريات المدنية لن تتوقف رغم التهديدات.. وكشفت عن جريمة بعض الجهات الدينية برش محلولات حارقة على ساق امرأة لانها لا ترتدي الحجاب. وأكدت غادة العاملي laquo;ان هذا النوع من الممارسات العنيفة اذا لم تتوقف فان الامر يعد من الامور الخطيرة التي تهدد المجتمع بنوع جديد من العنف ضد النساء وحريتهنraquo; كما عبرت جمعية laquo;الدفاع عن الصحافةraquo; عن قلقها البالغ على حرية وسلامة العاملين في مؤسسة المدى الثقافية في الاتهامات الكاذبة التي توجه من جهات دينيه بأن المدى laquo;تريد نشر الفساد والرذيلة في بغدادraquo; واتهم رئيس مجلس محافظ بغداد مؤسسة المدى الثقافية بانها تقوم بتحريض اتحاد الادباء والكتاب العراقيين الذين يقومون بتنظيم المظاهرات في شارع المتنبي ضد قرار المجلس القاضي باغلاق النوادي الليلية وقال رئيس اتحاد الادباء فاضل ثامر باننا laquo;ضد تقييد الحريات بشكل عام.. واتهم الحكومة العراقية بانها وراء تعاظم صلاحيات الحكومات المحلية في اعادة العراق الى الوراء وخلق قندهار ثانية في بغدادraquo;.