عبد الوهاب بدرخان

المصير... عراقيّاً وسودانيّاً
الاتحاد
هل من فارق بين سعي سلفاكير ميارديت إلى إقرار حق تقرير المصير لجنوب السودان، وبين إعلان مسعود برزاني تمسك أكراد العراق بحق تقرير المصير؟ المعنى واحد، كذلك المؤدّى، أما الفارق فهو أن جنوب السودان، على رغم الاستفتاء المزمع في 9 يناير المقبل، سيبتر من الجسم وهو غير جاهز تماماً للانفصال. أما كردستان العراق فاكتملت جهوزيته، ومع ذلك يفضل المرور بالمرحلة الفيدرالية، وربما سينتظر إكمال الفدرلة quot;الدستوريةquot; في عموم العراق، قبل أن يطرح الصيغة المقبلة المريحة للإقليم.
جنوب السودان سيكون دولة جديدة، منبثقة من قطار حرب أهلية طويلة، ومجترحة بسلسلة مديدة من التفاوض راوحت بين كثير من التكاذب وكثير من التنابذ حتى انتصر في النهاية منطق لوبي البعثات التبشيرية وإرادته: فالجنوبيون يريدون الانعتاق من مصير تحت حكم إسلاموي نسي ما الذي يجب أن يعنيه إسلامه أو إسلاميته إذ تحوّل مجرد سلطة لا همّ لها سوى أن تبقى متسلطة. وفي اللحظة الحاسمة والحرجة افتقد السودان زعماء أو قادة يمكن أن يبقوا وحدة البلاد خياراً ممكناً وجذاباً.
لعل المثير للتساؤل في مطالبة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني بحق تقرير المصير، أن المتحدث ليس أحداً آخر غير quot;رئيس الإقليمquot;، ولديه حكومة ومؤسسات وجيش وعلم وعلاقات خارجية آخذة في التوسع بمعزل عن الحكم المركزي في بغداد. أي أن أحداً لم يعد يتحكم بالإقليم الذي نحت مصيره نحتاً، مستفيداً من معاناة طويلة أكسبته خبرة ورؤية لمستقبله، ومستفيداً أيضاً من مغامرات صدام حسين وإخفاقاته، ومن الاحتلال الأميركي بحلوه ومرّه، ومن تجاذبات الحلفاء في المعارضة ثم الحكم. لم يكن هناك أي فسحة للثقة في أي حكم مركزي، حتى مع حلفاء النضال ضد الاستبداد والديكتاتورية، لذا كان لابد من الارتقاء بالحكم الذاتي الذي أقرّه النظام السابق ولم يلتزمه، أي كان لابد من اتفاق مسبق على نظام فيدرالي يبدأ تطبيقه من إقليم كردستان.
في ما يعني السودان كان الزعيم الليبي أشار إلى أن الانفصال قد يصبح عدوى متنقلة، لكنه لم يفصح. الآخرون يحاذرون التلميح أو التحذير لئلاً يثيروا الطموحات النائمة لأقليات وإثنيات ومناطق هنا وهناك تعتبر نفسها ضحية الإجحاف أو التهميش أو الإهمال. ففي السودان نفسه، قد تشق العدوى طريقها في اتجاهات عدة، لذلك يصار إلى سعي حثيث للملمة أشلاء دارفور، لضخّ بعض مشاريع التنمية في الشرق، وكذلك في الشمال، على رغم شعور طاغٍ بأن هذه المبادرات باتت متأخرة، خصوصاً أن المشكلة قبل انفصال الجنوب وبعده كانت وتبقى في الخرطوم. ومنذ الآن، بل منذ اتفاق نيفاشا (بين الحكومة والتمرد)، باتت للجنوب مصلحة في انفصالات أخرى ليضمن حكماً ضعيفاً في الشمال، وبالتالي مشاكل أقل بعد الانفصال. ولكن quot;العدوىquot; مرشحة للتصعيد خصوصاً أن الجوار الإفريقي يعيش تمردات مزمنة تنتظر من يتبناها ويقودها إلى شاطئ تقرير المصير.
بين زعماء عراق ما بعد صدام، بدا أكراد الشمال وحدهم من يعرفون ماذا يريدون، وهو ما برهنه برزاني وأكده في حضرة جميع النظراء والرفاق. ذاك أن quot;حق تقرير المصيرquot; هو، بعد كل المكاسب التي تحققت، تثبيت لحق تاريخي قد يصار إلى تفعيله في أي وقت. فالإقليم quot;المفدرلquot; هو الآن دويلة كاملة المقومات ولا يفصلها عن إعلان نفسها دولة مستقلة سوى بضع خطوات: ينبغي استكمال quot;الفدرلةquot; لمختلف أقاليم العراق، وينبغي إقناع الدول المحيطة بأن ليس هناك ما تخشاه من قيام دولة كردية ديمقراطية تريد أن تتعايش بسلام مع محيطها. لكن ينبغي الكثير من الدهاء والحنكة والحكمة لإقناع تركيا، ولن تقتنع. وقبل ذلك، بمعزل عما أقرّ في الدستور، يفترض إقناع العالم بأن الفيدرالية صيغة صالحة للعراق، وليس فقط لتلبية طموحات كردستان العراق.
صالح أسعد
العراق وفلسطين.. حلال للآخرين حرام على العرب
العرب اليوم الاردنية
سيطرت قضيتا العراق وفلسطين على الافلام التي تُرشح لجوائز الاوسكار وغيرها من الجوائز العالمية في السنوات الاخيرة, لكن للاسف معظم هذه الاعمال تكون من غير العرب ونادرا ما تكون عربية, وحتى لو كانت عربية فانها تكون ممولة باموال اجنبية, كما حصل في الفيلم الفلسطيني raquo;الجنة الآنlaquo; آخر الافلام العربية التي وصلت للمنافسات النهائية على جوائز الاوسكار كأحسن فيلم اجنبي, وفي العام الماضي فاز الفيلم الامريكي raquo;خزانة الالمlaquo; بالاوسكار مع انه كان يتحدث عن القضية العراقية والاحتلال الامريكي للعراق ووضع الجنود الامريكيين المحتلين لهذه الارض العربية تحت مظلة ما يسمى بالقوات الدولية, فالاجانب تجرأوا وتحدثوا بصراحة واقروا ان هناك احتلالا في الوقت الذي لا نعترف نحن العرب بذلك بل على العكس نحاول تحاشي بحث مثل هذه المواضيع الجادة, ونكتفي بالحديث عن الرومانسية والحب والدخول في متاهات عالم المخدرات والموسيقى وافلام على شاكلة raquo;اللمبيlaquo; وبن سوارايه تحت شعار raquo;الهانس في الدانسlaquo; وما شابه هذه التفاهات, وكأننا امة انتهت كل مشاكلها ولم يبق امامها سوى مشاكل عالم الليل والمخدرات والمومسات ومشاكل المحبين الذين لا يعرفون كيف يفوزون بحبيباتهم.
هذا العام تقول الانباء ان هناك فيلما ايرانيا بعنوان raquo;وداعا بغدادlaquo; يتحدث عن المسألة العراقية وسواء رشح ام فاز ام لم يفز فان المهم ان المسألة تتعلق بالعراق واحداثه واحتلاله ومعاناة شعبه, وقد قرأنا وسمعنا عن تخوفات وانتقادات عربية لمثل هذا الفيلم, وربما يحق للبعض ان يخاف ويخشى من معالجة وتناول الاخرين لقضايانا على اساس انهم يبحثونها من منظورات ربما لا تعجبنا.. ولكن المهم ان قضية مصيرية من قضايانا تشغل العالم ويبذلون الجهد لبحثها ونحن بعيدون كل البعد عن القضايا المصيرية كما اشرت سابقا.
كان الاجدر بمن ينتقد ويخاف ان يطالب القائمين على السينما العربية والذين يصرفون الملايين لاقامة المهرجانات واستضافة النجوم وبذخ المال والهدايا لكسب رضا الفنانين الاجانب والعرب, ان يقوموا بتمويل افلام ومسلسلات تلفزيونية تبحث قضايانا المصيرية مثل قضيتي فلسطين والعراق وتقديمها للعالم عن طريق هؤلاء النجوم الذين نستجدي رضاهم عنا وقبولهم زيارتنا علما ان معظمهم يعتذر عن الحضور بحجج واهية ومنها مقنعة, لكن على ما يبدو ان المسؤولين عن السينما في وطننا العربي يحذون حذو قياديي التلفزيونات العربية بالابتعاد قدر الامكان عن القضايا الحساسة لذلك ورغم وجود عشرات القنوات الفضائية العربية التي تتخصص في بث الافلام العربية والاجنبية, او حتى القنوات العامة سواء كانت حكومية ام خاصة لا تعرض هذه الافلام التي تناقش القضايا العربية الحساسة مثل قضيتي فلسطين والعراق.. وهذا يؤكد انه حلال للآخرين انتاج اعمال فنية عن فلسطين والعراق وحرام على العرب.