مارك ماجنير - نيودلهي

أثارت البرقيات الدبلوماسية الأميركية المسربة معركة سياسية في الهند، مما وضع الحزب الحاكم في موقف دفاعي مع الكشف عن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان وتطرف ديني مفترض. ولعل أكثر ما ألحق ضرراً بـquot;حزب المؤتمرquot; هو البرقية التي تفيد بأن راهول غاندي، ابن العائلة السياسية الأولى في البلاد والذي يتوقع كثيرون أن يصبح رئيس وزراء الهند المقبل، أخبر سفير الولايات المتحدة العام الماضي بأن المجموعات الهندوسية المتشددة في الهند يمكن أن تشكل تهديداً أكبر على البلاد من المتشددين الإسلاميين الذين يوجدون في باكستان.

وبالنظر إلى مشاعر الارتياب وانعدام الثقة العميقة التي يشعر بها كثيرون هنا تجاه باكستان والهجمات الداخلية التي نفذت خلال السنوات الأخيرة من قبل متطرفين مسلمين وهندوس على حد سواء، فقد استغل خصوم الحزب التعليقات التي أفرج عنها موقع quot;ويكيليكسquot;. وفي هذا الإطار، قال ناريندرا مودي، وهو زعيم مثير للجدل من حزب quot;بهراتيا جاناتاquot; القومي الهندوسي: quot;إنني أتساءل منذ وقت طويل: كيف يعتقد العالم بأسره أن باكستان دولة داعمة للجماعات المتطرفة، ومع ذلك تقوم الولايات المتحدة بدعم ذلك البلد دائماًquot;، واصفاً تصريحات غاندي بأنها quot;غير مسؤولةquot;.

ثم أردف مودي، وهو رئيس حكومة ولاية جوجارات وقد كان متهماً بتقديم دعم ضمني لأعمال شغب مناوئة للمسلمين اندلعت في 2002، قائلاً: quot;لقد اتضح نهار أمس، بعد ظهور البرقيات، من هو الشخص الذي يلهم الولايات المتحدة للحديث بشكل مؤيد لباكستانquot;.

ومن المرجح أن تزيد هذه التسريبات من إضعاف سمعة quot;حزب المؤتمرquot;، الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى ما قبل 125 عاماً، وهي سمعة كانت متضررة أصلاً بسبب سلسلة من فضائح الفساد واستغلال النفوذ، مما قاد إلى اتهامات بأن قيادة الحزب باتت على غير هدى وفاقدة للبوصلة.

أما عملية الكشف الكبيرة الثانية، التي نشرت صحيفة quot;ذا جارديانquot; البريطانية مقتطفات منها، فقد كانت حول إيجاز قدمته اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى السفير الأميركي وقتئذ ديفيد مولفورد حول استعمال التعذيب في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير، علماً بأن التعذيب غير قانوني في الهند. والإيجاز، الذي استند حسبما قيل إلى 177 زيارة للصليب الأحمر إلى مراكز الاعتقال في كشمير ما بين 2002 و2004 وشمل تقييم 1500 سجين، تحدث عن الضرب واستعمال الشحنات الكهربائية والاعتداء الجنسي على السجناء وسحق العضلات وغير ذلك من أنواع التعذيب.

والجدير بالذكر أن كشمير، المقسمة بين الهند وباكستان، تعد بؤرة ساخنة بين الدولتين وكانت سبب اثنتين من الثلاث حروب التي خاضتها الجارتان النوويتان الحذرتان منذ التقسيم عام 1947.

وفي هذا الإيجاز، عبَّر الصليب الأحمر، على ما قيل، عن قلقه لكون الحكومة الهندية لم تحاول وقف quot;المعاملة السيئةquot; المتواصلة للمعتقلين في كشمير؛ غير أن رئيس حكومة الولاية عمر عبدالله، وهو أعلى مسؤول منتخَب في ولاية جامو وكشمير الهندية قال الأسبوع الماضي إن الحكومة لديها سياسة تقوم على عدم التسامح مع التعذيب، مضيفاً أن الانتهاكات المفترضة حدثت قبل أن يتم انتخابه.

هذا في حين اعتبر آخرون أن التسريبات أظهرت الحاجة إلى مقاربة جديدة في منطقة كشمير المضطربة. وفي هذا السياق، قال ميروايز عمر فاروق، رئيس منظمة quot;حرياتquot; المعتدلة في جامو كشمير، للصحافيين: quot;إن التسريبات أكدت صحة موقفنا من التعذيب الممنهج السائد في السجون في الإقليمquot;، مضيفاً quot;من المؤسف أن الولايات المتحدة لزمت صمتاً مقصوداً بخصوص وضع حقوق الإنسان في كشمير بينما تحدثت عن انتهاكات حقوق الإنسان في بورما وبلدان أخرىquot;.

غير أن برقية 2005 أشارت أيضاً إلى أن الوضع في كشمير أفضل بكثير مما كان عليه في عقد التسعينيات، في أوج النزاع الذي أدى حتى الآن إلى مقتل حوالي 70 ألف مدني على مدى العقدين الماضيين.