محمد صادق دياب

لا يقاس تقدم مدينة دبي بأبراجها العالية، ولا بشبكة مواصلاتها الراقية، ولا بنظامها الاقتصادي المرن، ولا بانفتاحها الثقافي العظيم فحسب، ولكن أيضا بتوفير الأمن في هذه الإمارة التي تحتضن أكبر تنوع بشري في المنطقة، إذ نجحت عبر سنوات في تقديم نموذج أمني راق ومتطور، تمده حداثة المدينة بالكثير من وسائل المتابعة الإلكترونية المتقدمة، ولو أخذنا كمثال حادثة مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، فإن هذه الجريمة لو حدثت في غير دبي لكان كشفها بهذه السرعة أمرا في منتهى الصعوبة، ولكن لأنها حدثت في دبي، هذه المدينة الخليجية المتطورة، فإن لغز مقتل هذه الفنانة لم يستغرق حله أكثر من ساعات محدودة قبل أن تتجه أصابع الاتهام إلى محسن السكري ضابط الشرطة المصري السابق، ولتبنى على ضوء هذه المعلومات واحدة من أبرز محاكمات العصر، التي لم تختتم فصولها بعد.

وقبل أيام تفجرت في دبي قضية أخرى، هي قضية مقتل القيادي في منظمة حماس الفلسطينية محمود المبحوح الذي قدم إلى دبي تحت اسم مختلف، ودون تنسيق مع سلطة دبي لتوفير الحماية اللازمة له، وعلى الرغم من هذا فإن لغز مقتله لم يستغرق الكثير من الوقت، إذ سرعان ما أعلن المكتب الإعلامي لحكومة دبي أن الشرطة تعرفت على المشتبه فيهم بارتكاب الجريمة، وأن معظمهم يحملون جوازات سفر أوروبية، وغادروا البلاد قبل العثور على جثمان المبحوح في أحد فنادق المدينة، وأن ثمة اتصالات مع الدول التي يحملون جوازاتها لإيضاح الأمر، ولا يخلو تصريح القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم من الغضب، أو فلنقل العتب على حماس من حيث وصول قيادي بهذا الحجم، ومطلوب من قبل الموساد، دون أن يسبق ذلك تنسيق مع سلطة دبي، إذ يقول: laquo;كل من يحاول أن يأتي من وراء ظهورنا عليه أن يحمي ظهرهraquo;، مؤكدا أن دبي ترفض أن يأتيها أشخاص تحت أغطية مختلفة.

إن دبي في كشفها ملابسات الجرائم القليلة التي تحدث على أرضها توشك أن تقول لكل الأشرار: نعم مدينتنا مفتوحة، ولكن عيوننا غير مغمضة، فلا جريمة في دبي تقيد ضد مجهول.