حامد السيد يوسف الغربللي


أنحس وأسوأ قارة عرفها التاريخ هي القارة الأوروبية المنبثقة من العالم القديم، فمن خلال حملاتها العسكرية الغازية احتلت الامبراطورية الرومانية الكثير من الأراضي المحيطة بها، وأذاقت أهلها الذل والهوان. وبعدها في العصور الوسطى شن أحفادها حملاتهم الصليبية على المشرق الاسلامي. ثم في عصر النهضة استعمرت (استخربت) الدول الأوروبية الحديثة جميع قارات العالم.
في أواخر الأربعينات وبعد حروب ضارية فيما بينها، تفاهمت الدول العظمى فأسست الأمم المتحدة، وأنشأت البنك وصندوق النقد الدوليين ليكونا نواة للسيطرة على دول العالم الثالث وسلب ارادتهم السياسية بالمغريات الاقتصادية المشروطة. زرع الغرب عام 1948 بمباركة الأمم المتحدة اسرائيل العنصرية في قلب العالم العربي والاسلامي ونصبوها مركزا للتقدم العسكري ورمزا للفكر الغربي ومعقلا لليهود.
تدرجت المشاعر المعادية للاسلام الى يومنا هذا، وتكررت مشاهد الكراهية في معظم الدول الأوروبية. فمن الدانمرك التي أساءت رسومها الى سيد البشرية رسول الاسلام والسلام محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ومن هولندا بلد الزهور أتانا نعيق غيرت وليدرز البرلماني الهولندي الحقود، وهو ينادي بصدام الحضارات لا بحوارها وبانتاجه لفيلم laquo;فتنةraquo; الذي أساء فيه الى قرآننا العظيم مشبها اياه بكتاب laquo;كفاحيraquo; لأدولف هتلر. منعت أيضا ديموقراطية سويسرا المفرطة بناء المنارات بالمساجد. كما حاربت فرنسا صاحبة اعلان الحرية لبس النقاب للمسلمات بينما هي غارقة في بحور من المتاعب الاقتصادية والسياسية. تم انتخاب اثنين من الحزب الوطني البريطاني الفاشستي المناهض للاسلام لتمثيل المملكة المتحدة في البرلمان الأوروبي. اختلق الاتحاد الأوروبي الأعذار الواهية أيضا بعدم رغبته لانضمام تركيا المسلمة لاتحاده غير المتحد والغارق بالديون. فقد صرح رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان من أسبانيا اخيرا laquo;بأن ما تفعله فرنسا وألمانيا ليس سليما فهما يغيران قواعد اللعبة في منتصف المباراةraquo;. كلمة محبة أهمسها في اذن تركيا الصديقة جدا وهي أن تدير ظهرها لأوروبا فتركيا لم تعد بحاجة لأوروبا ولا لغيرها. فبلاد الأناضول برجالها وبثقلها السياسي والاقتصادي وبموقعها الاستراتيجي وبمدها الجغرافي المتنامي الأطراف وبتاريخها العريق باستطاعتها أن تتحول الى لاعب اقليمي ودولي كبير.
تقع مسؤولية الوضع المأساوي الاجتماعي والاقتصادي لمسلمي أوروبا ومهاجريها الآخرين المضطهدين على عاتق الساسة ورجال الدين الأوروبيين ونخبتها.