فواز العجمي

يعتقد بعض حكامنا العرب أن العدو الصهيوني يمكن ان يصنع سلاماً مع العرب أو أنه يبحث عن هذا السلام وهذا الاعتقاد يعود إلى أن هؤلاء الحكام لا يملكون استراتيجية واضحة أو حتى أن هذا العدو لا يمكن أن يكون مسالماً لأن السلام الحقيقي والعادل والشامل له متطلبات وقواعد وأسس يقوم عليها وهذه المتطلبات والأسس كافية لإزالة وجوده كاملاً من الأرض الفلسطينية لأن من متطلبات السلام عودة الأرض إلى أصحابها الحقيقيين، وفلسطين هي أرض الفلسطينيين وهذا يعني عودة اللاجئين إلى وطنهم وبالتالي فلن تبقى أرض في فلسطين لهؤلاء المحتلين ويدرك العدو أيضا أن السلام بالنسبة له أخطر من الحرب لأن مثل هذا السلام حتى ولو تم كما يحلم البعض من حكامنا العرب أو كما يوهمنا الغرب والإدارة الأمريكية على الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967 سيشكل خطراً على الكيان الصهيوني داخلياً لأن الصراعات سوف تنفجر بين هؤلاء الصهاينة لأنهم ليسوا من نسيج واحد، فهناك الصهيوني الشرقي وهناك الغربي وهناك الصهيوني الأثيوبي والمغربي والعراقي واليمني والروسي والألماني والإيطالي فهم خليط من جنسيات متعددة ومتنوعة لا يجمعهم سوى العداء للعرب وتوحدهم طبول الحرب.
لهذا كله فإن العدو الصهيوني لا يبحث عن السلام ولا يرغب فيه ولا يمكن أن يتحمل نتائج مثل هذا السلام، لهذا نراه دائماً في حالة حرب مع العرب والفلسطينيين ولا نقصد بالحرب فقط الحرب العدوانية العسكرية وإنما الاستمرار في بناء المستطونات والاعتقالات والقتل والإرهاب المستمر هو حالة حرب دائمة يعلنها هذا العدو.
هذا بالنسبة للعدو ولكن ماذا بالنسبة لحلفاء هذا العدو، خاصة الإدارة الأمريكية ولا أقول هذه الإدارة الحالية فقط وإنما جميع الإدارات الأمريكية السابقة ولعل هؤلاء الحلفاء أخطر علينا من العدو الصهيوني نفسه لأنهم هم من أقام هذا الكيان على الأرض الفلسطينية بوعد بلفور المشؤوم وهم الذين يمدون هذا العدو بأساليب البقاء والاستمرار في الوجود والاحتلال والاستيطان وهم الذين ينصرون هذا العدو في كل حروبه ضد العرب والشواهد التاريخية كثيرة ومتعددة ولعلها تتجسد في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ثم حرب 1967 ثم حرب 1973 عندما أنقذ هؤلاء الحلفاء العدو الصهيوني من الزوال والهزيمة عندما أقاموا الجسور العسكرية لدعم قواته العسكرية، خاصة في حرب 1973 عندها قال الرئيس المصري الراحل أنور السادات إن أوراق اللعبة بيد أمريكا فهي تملك 99% من هذه الأوراق وهذا دليل على أن هؤلاء الحلفاء هم من يدافع عن وجود واستمرارية هذا العدو لأن مصلحتهم تتطلب ذلك وهذه المصلحة كما هو معروف في عزل المشرق العربي عن المغرب العربي، وفي استمرار عدم الاستقرار في الوطن العربي لتبقى مصالح هؤلاء الحلفاء آمنة ومحققة لأن إبقاء الوطن العربي ضعيفاً وهزيلاً وممزقاً يساعد هؤلاء الحلفاء على نهب خيرات هذا الوطن وثرواته والأهم من كل ذلك ألا تكون هناك وحدة عربية قوية تحقق للوطن العربي الاكتفاء الذاتي في قوته وقوته لكي يبقى سوقاً مستهلكاً لما تصدره لنا أسواقه من فتات ولأن هذه هي حقيقة هؤلاء الحلفاء للعدو الصهيوني فليس غريباً أن يقابل العدو الصهيوني المبعوث الأمريكي جورج ميتشيل ببناء المزيد مع المستوطنات.
وهذا المبعوث لا يزال في الأرض الفلسطينية ونائب الرئيس الأمريكي جون بايدن سيصل اليوم مما يؤكد أن هؤلاء الحلفاء لا يمكن أن يكونوا مبعوثين للسلام أو باحثين عن السلام لأنهم يتحالفون مع عدو السلام فالعدو الصهيوني وهؤلاء الحلفاء له تربطهم مصالح مشتركة فالعدو يحقق لهم مصالح إضعاف وتمزيق الوطن العربي وهم يحققون للعدو مصالح في ديمومة احتلاله واستعماره للأرض الفلسطينية لهذا فإن السلام يفقد العدو دوره.