نبيل غيشان

كعادتهم يبقى الاسلاميون يثيرون الجدل ويحظون بتغطية اعلامية واسعة في وسائل الاعلام الاردنية والخارجية, ولو ادرنا محرك البحث الالكتروني على الشبكة العنكبوتية لوجدنا مئات آلاف العناوين والصفحات والصور التي تتحدث عن الحركة الاسلامية أو عن جماعة الاخوان المسلمين في كل مكان.

وفي الاردن اشغلت اخبار جماعة الاخوان المسلمين الدولة والرأي العام المحلي بمتابعة اخبارهم خلال السنوات الثلاث الماضية بعد الحراك الكبير الذي انطلق بتعبيرات حادة احيانا داخل الاطر القيادية في الجماعة وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الاسلامي.

وقد شاهدنا كيفية خروج الاطر القيادية عن الموروث الديني والتاريخي في التعامل مع قيادات العليا من وزن المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين الشيخ سالم الفلاحات الذي لم يستطع اكمال مدة ولايته القانونية فانسحب تحت ضغط الانفلات وهو نفس الذي واجهه الامين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ زكي بني ارشيد الذي انقلب عليه مجلس الشورى واجبره على الاستقالة في اطار التجاذب وسيادة روح الانتقام بين انصار تياري الصقور والحمائم.

وكالعادة فإن الجماعة والحزب ينفيان وجود الصراع الداخلي ولا يعترفان بوجود تياري الصقور والحمائم مع ان الحركة الدائبة داخل جماعة الاخوان تجاوزت هذا التصنيف, ولم يعد التنظيم يشبه نفسه ايام المراقب العام الاسبق عبدالرحمن خليفه وخاصة بعد ظهور التباين في المواقف و ظهور التيار الاصلاحي الذي يدعو الى العودة الى البرنامج الاجتماعي السياسي الاردني كجماعة اصلاحية.

ولا ينكر قادة اسلاميون ان الوضع الداخلي في الجماعة قد وصل إلى طريق مسدود نتيجة اختلال التوازن الداخلي الذي انتج تضاربا سياسيا بين خطابين الاول تحمله الاقلية ويعبر عن برنامج محلي والثاني تحمله الاغلبية ويعبر عن برنامج خارجي يضع في قمة اهتماماته العلاقة التنظيمية مع حركة المقاومة الاسلامية حماس.

واليوم المعركة مستمرة في اطار المناقلات بين الطرفين وبعد ظهور نتائج انتخابات مجلس شورى حزب جبهة العمل الاسلامي الذي لم يظهر تفوقا واضحا لأحد التيارين المتنافسين إلا ان الاغلبية ستكون داعمة لرأي تيار الصقور اذا ما تعلق الامر بالتصويت على العلاقة مع حركة حماس.

اما هوية الامين العام المقبل لحزب الجبهة فإن الصراع محتدم بين التيارين وعلى نفس اسس الخلاف حول العلاقة مع حماس ومصير المكاتب الادارية, والمعلوم ان حسم اسم امين عام الحزب يكون داخل مجلس شورى جماعة الاخوان الذي يقرر ويرسل اسم المرشح جاهزا الى مجلس شورى الحزب الذي يباركه.

ولا يبدو ان المخاوف واقعية من انشقاق وشيك في صفوف الحركة الاسلامية ولا يمكن ان يصل الامر إلى quot;الطلاق البائنquot; بل ان كل مرحلة لها مشاكلها الداخلية وتجاذباتها الفكرية والسياسية والمشاكل تزداد وتتعمق لكن لا يبدو ان احد التيارين قادر على اخذ الحركة الاسلامية الى هذا الجانب او ذاك بكل وضوح.

والاهم من كل ما يجري اليوم هو مصير مشاركة جماعة الاخوان المسلمين في الانتخابات النيابية المقبلة والتي سيكون للمراقب العام والامين العام الجديد للحزب دور اساسي وكبير في قرار المشاركة وبرنامجها وشخوصها.

وليس عيبا ان تختلف الاحزاب وتتصارع الاجندات لكن الحسم دائما يجب ان يكون باسلوب ديمقراطي وشفاف وعلى قاعدة مصالح البلد اولا, لان من يطلب الديمقراطية يجب ان يجيد لعبتها ومن يطالب الحكومات باعادة صياغة علاقتها مع الخارج عليه ان يبدأ بنفسه, واغراء الكرسي والسلطة يجب ان لا يفسد المشروع الحضاري الاسلامي لانه ليس مشروعا للوصول للسلطة فقط, بل مشروع للدفاع عن المجتمع وقيمه ومشروع للحفاظ على الدولة.