زياد بن عبدالله الدريس
1
ما زلت عند عهدي، الذي التزمت به، أمام نفسي أولاً والقارئ ثانياً، بأن لا أمدح إلا من يستحق المديح.. لا تزلفاً ولا تقرباً.
2
سعدنا خلال الأيام الماضية بزيارة الأمير خالد الفيصل إلى باريس، مرتدياً قبعتين: أمير منطقة مكة المكرمة في زيارته لمجلس الشيوخ الفرنسي، ثم رئيس مؤسسة الفكر العربي في زيارته لمنظمة اليونسكو.
ليست المرة الأولى التي ألتقي فيها خالد الفيصل، لكنها المرة الأولى التي أخالطه فيها طوال خمسة أيام متوالية. رأيت فيما يرى القائم لا النائم، فيصل بن عبدالعزيز أمامي، بعد سنين عديدة من الحزن عليه والحداد الذي ما زال معلناً في داخلي منذ وفاته، حتى توهمت دوماً أن لا أحد أحب الملك فيصل مثلي ولا أحد حزن عليه، رحمه الله، مثلي. على رغم أنه حين رحل لم يكن عمري قد تجاوز 13 سنة، فأي حب نابغ ذلك الذي غشاني في ذلك العمر الصغير؟!
مخالطتي لخالد الفيصل أحزنتني وأفرحتني. أحزنتني لأني استعدت اشتعال الحداد الكامن في داخلي، وأفرحتني لأني تذكرت أن الملك فيصل لم يمت كله!
3
قبل مجيء الأمير الى اليونسكو، كنت أبشّر به بين الزملاء و المسؤولين في المنظمة، بأن خالد الفيصل ليس مجرد أمير .. بل هو أشياء أخرى أيضاً.
جاء خالد الفيصل إلى المنظمة فرأى فيه المشاركون، في ندوة laquo;التقارب بين الثقافاتraquo;، فخامة الأمير ونجابة المثقف وفروسية الشاعر وكاريزما آل فيصل، أو ما يمكن تسميتها بـــ laquo;الفيصلزميةraquo;، وهي طبائع متلازمة في سلالة فيصل .. لا تخطئها العين.
تحدّث عن آماله وطموحاته في مؤسسة الفكر العربي، ولم يتحدث عن إنجازاته ومعجزاته فيها. كرر على المسامع أن للمؤسسة أهدافاً لا يدّعي تحققها، لكنه يأمل بتحقيقها في السنوات القادمة بعد أن حقق جزءاً منها في السنوات الماضية. وما توقيع الاتفاقية مع منظمة اليونسكو سوى مصافحة بين مؤسسة واعدة ومنظمة مكتنزة.
4
على منصة اليونسكو كان laquo;التنوع الثقافيraquo; في أزهى وأجلى صوره: مسلم ومسيحي، سني وشيعي، عربي وإيراني وفرنسي. حتى التنوع اللغوي كان حاضراً بالعربية والإنكليزية والفرنسية. كل ذلك كان على المنصة الصغيرة أمام الحضور الكبير، ولم يحدث في القاعة صدام حضارات .. ولم تحضر الصدامات بأي شكل.
كان التنوع الثقافي والتفرد الفيصلي نجمي المناسبة.
هكذا ظهر خالد الفيصل متيناً وجذاباً ..
إذا تحدثت إليه .. ينصت إليك كأنك laquo;أميرraquo;!
وإذا تحدث إليك يتحاشى قرع طبول أذنك، لتذكيرك بأنه laquo;أميرraquo;!
هدوء .. إنصات .. رويّة .. تريّث .. إمعان، تلك هي كروموزومات خالد الفيصل الموروثة من (سلالة الفيصل).
عندما أمتدح خالد الفيصل هنا فأنا لا أعني (ولا أظن !) أنه ملاك، لكني أجزم أنه ليس laquo;السيد عاديraquo; الذي نشاهده في المجالس والمنابر كل يوم.
5
شغوفٌ أنا، لا شك، بالملك فيصل. لكن هذين الإعجاب والشغف لا يلزماني بنقض اتفاقي، مع نفسي ومعكم، بمديح من لا يستحق المديح.
التعليقات