حسن علي كرم

في أحدث تصريح يدلي به محافظ البنك المركزي الاماراتي حول موقف دولة الامارات من منظومة الوحدة النقدية الخليجية، كرر القول إنه لا تغيير في موقف الامارات وهو عدم العودة الى الوحدة النقدية الخليجية، الا ان الكويت كما يبدو لم تفقد الامل فهي تعمل من جانبها لثني الامارات عن تصلبها بغية عودتها الى حظيرة الوحدة النقدية.
والظاهر ان المسمى الكويتي يتركز على المعيار العاطفي. متناسية ان المعيار العاطفي ليس بالمقياس السليم لتحديد المصالح وتحديد الارباح والخسائر. فلعل الاماراتيين قد وصلوا اخيرا الى قناعة مفادها ان ربط اقتصادهم بعملة موحدة تجمع البلدان الخليجية لا يضيف الى اقتصادهم القوي والمنافس اي دفعة اضافة، متجاوزين بذلك حكاية الخلاف على مقر البنك المركزي الخليجي التي شغلت بلدان المنظومة خلال الفترة السابقة. فيما ظل العمانيون واقفين بعيدا غير معنيين بفشل او نجاح الوحدة النقدية المنشودة..!!
ولا ريب ان من حق الكويت التي ترأس الدورة الراهنة ان تسعى الى تحقيق انجاز يشهد لها بالنجاح خلال توليها مقود السفينة الخليجية. ولكن تحقيق النجاحات من المؤكد لا يتأتى من خلال تبويس اللحى والخشوم، وانما من خلال حوار المصالح فتوحيد العملة ليس حالة عابرة او حفلة سمر ولا ينبغي النظر الى الامور بهذا المنظار السطحي وانما توحيد العملة حالة مصيرية ترهن سيادة ومستقبل البلد على محك المجهول، فكلما كان الاقتصاد الوطني مأمونا حقق الاطمئنان والاستقرار للوطن والمواطن، ولا ريب ان الاماراتيين لم يخطئوا مثلما لم يخطئ العمانيون عندما تحفظوا على وحدة العملة، ولن يخطئ القطريون اذا ما اعلنوا قريبا خروجهم من دائرة العملة الخليجية الموحدة، ويبقى على الكويت ان تفهم ان المصالح العليا للدول لا تتحقق من خلال استدرار العواطف او من خلال التنازل عن المصالح الوطنية للآخرين، واذا حدث فهذا ناتج عن خلل سيكولوجي اقتضى علاجه..
ان خوفنا لا ينصب على توحيد العملة كعملة واحدة تتداول في كل البلدان الخليجية. فالخليجيون كانوا يتداولون فيما قبل استقلال بلدانهم وصدور عملاتهم الوطنية الروبية الهندية. ولكنهم لم يتأثروا أو يتأثر اقتصادهم او سيادتهم الوطنية بتلك العملة الهندية، ولكن خوفنا من العملة الخليجية الموحدة يعود الى مسائل سياسية اعمق واخطر مثل ترجيح كفة الميزان التجاري لبلدان خليجية على كفة الميزان للبلدان الخليجية الاصغر (الكويت مثلا).
علينا ككويتيين الا ندخل رؤوسنا في الرمال ونعرض عن رؤية الحقيقة.. بل علينا الحذر وتفهم ان هرولتنا الى العملة الموحدة قد تعرض سيادة وطننا واقتصادنا الى ما لم نكن نرجوه ونتوقعه.. وعند ذاك اذا وقع الفأس في الرأس فلا مندم ولا ملامة، وما لنا الا ان نغني مع المرحوم عبدالله فضالي (على خدي احط ايدي، واقول بيدي جرحت ايدي..)..!!
ان الاوروبيين الذين فرحوا لحظة بزوغ (اليورو) قبل عشر سنوات هم الآن في مأزق بعد انكشاف ديون اليونان التي قد تعرضها للافلاس. هذه الدولة الاوروبية العريقة، مثلما التخوف يمتد الى انكشاف ديون اسبانيا والبرتغال وربما دول اخرى تعجز عن مواجهة ديونها وهذا ما يهدد العملة الاوروبية في مقتل.
ان الكويت الضلع الاضعف في المعادلة الخليجية والكويت الضلع الاقوى من حيث قيمة العملة الوطنية (الدينار) من الاجدر ان نفهم اين نقف في متوازيات الاضلاع.