عبدالله حسن العبدالباقي

رغم أن الفتوى المدوية التي أطلقها الشيخ الدكتور الداعية وعضو هيئة التدريس في جامعة الإمام يوسف الأحمد بشأن هدم المسجد أتت على قناة تلفزيونية ويمكن الرجوع لها مرارا وتكرارا وفيها العبارة الصريحة laquo;ويش المانع يا أخي بهدم المسجد كاملاraquo; كل ذلك تفاديا للاختلاط (المحرم) شرعا إلا أن (سماحته) نفى ما أثارته بعض الصحف والقنوات الفضائية وخرجت به بعض المواقع الإلكترونية من المطالبة بهدم المسجد الحرام (اليوم 21/3/2010)، وأوضح في ذات الخبر أنه يعد دراسة علمية شرعية في الوسائل الهندسية والتقنية لتوسعة المطاف، مؤكدا أن ما يطالب به هو توسعة المسجد الحرام وإعماره وإعادة بنائه، إلى أن يذكر أن الهدف الأول وهو الأساس هو التوسعة، ثم يواصل إلى أن يقول والهدف الثاني من هذا المشروع هو إكرام المرأة من الأذى الذي يأتي من الزحام الشديد في الطواف، فمن يرضى أن تعرك المرأة مع الرجال؟ إلى أن يصل أن هذا من حقوق المرأة التي تجب المحافظة عليها.
إذن هناك هدفان هما التوسعة والدفاع عن حقوق المرأة لما يعتقد أنه طرحه. وهنا يمكن أن نتساءل: هل توسعة المسجد الحرام والدراسات العلمية التقنية مسؤولية دولة أم أفراد؟ هل طلبت الدولة من سماحته القيام بهذه الدراسة العلمية الشرعية التقنية؟ وهل قصرت الدولة في عمليات التوسعة والقيام بواجباتها وصرف مليارات الريالات للصرف على تطوير الحرم وتوسعة المسعى والجمرات وكل المناسك؟
الجواب نجده في خبر (الرياض) في ذات اليوم 21/3/2010 حيث تعنون الخبر بـ40 مليار ريال لتنفيذ أكبر توسعة للحرم المكي في عهد الملك عبد الله لاستيعاب مليوني مصل ويذكر الخبر أن شركة (بن لادن السعودية) شرعت في تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع أكبر توسعة للحرم، وتستغرق مدة المشروع نحو 6 سنوات ويذكر الخبر أن مساحة التوسعة تصل إلى 2.750.000 متر مربع.
واضح إذن أن مسؤولية التوسعة هي مسؤولية الدولة راعية الحرمين وهي ما تقوم به فعلا وممارسة لا شعارا ومبررا، ولا نعرف أي المكاتب الاستشارية الهندسية العالمية التي اعتمد عليها سماحته في دراسته العلمية! وهنا يمكن القول وعبر الواقع أن مبرر (التوسعة) هو مبرر واه تماما لأن التوسعة تمارس فعلا وعبر مشاريع معلنة وواضحة منذ زمن والآن حان أوان التنفيذ.
أما المبرر الثاني وهو laquo;إكرام المرأة من الأذىraquo; باعتباره جزءا laquo;من حقوق المرأة التي تجب المحافظة عليهاraquo;.
السؤال هنا: أي إيمان هذا الذي يجعل المسلم في بيت الله وأثناء تأدية فريضة الحج أو العمرة يفكر في الشهوة؟! هل المسلمون ضعيفو إيمان للدرجة التي فيها يفكرون بجسد المرأة حتى أثناء تواجدهم في بيت الله وهم آتون لمناجاته؟ هل المسلمون حيوانات جنسية لا هم لها إلا جسد المرأة حتى وهم قبالة كعبته المشرفة؟ هل سمعتم يوما والحج يجري وبالملايين هذه السنين حادثة واحدة تقول لنا إن عملية اغتصاب حصلت في الطواف أو المسعى رغم تزاحم الأجساد ورغم وجود الملايين من البشر؟!
إنه لأمر مؤسف حقا أن نقدم صورة المسلمين كحيوانات جنسية حتى وهم في مقر كعبتهم، فأي دين هذا الذي لا يهذب سلوك معتنقيه؟ هكذا سيطرحون ويتساءلون. لن أطرح التاريخ منذ عهد النبوة إلى الآن كما ذكرته العديد من المقالات لكني هنا أطرح مبدأ الشك في كل المسلمن واتهامهم بضعف الإيمان وبالنوازع الغرائزية التي لا يمكن كبحها حتى وهم في أهم مقدساتهم وهي الكعبة المشرفة، وذاك بالتأكيد تجن على المسلمين الذين يختلفون في أغلبيتهم العظمى مع (سماحة) الشيخ الدكتور في رؤيته لحال المسلمين ومدى إيمانهم وهم من تهفو قلوبهم متضرعة لله طالبين الغفران في طوافهم وسعيهم، وأما الحديث عن حقوق المرأة ففي ذات اليوم أيضا نشرت laquo;عكاظraquo; قصة المواطنة (شريفة) 21 عاما التي انهارت في رواق المحكمة العامة في مدينة الدمام بعد أن فاجأها القاضي بأنها امرأة مطلقة منذ عشرة أعوام. قصة شريفة التي زوجها والدها من رجل سبعيني لديه زوجتان وأبناء وأحفاد وكان عمرها عشر سنوات وبعد مضي ستة أشهر رماها أمام منزل أسرتها وغاب وظلت تعاني عشر سنوات أخرى في بيت أسرتها وهي لا laquo;مطلقة ولا معلقةraquo; ولم تكتشف أنها مطلقة إلا بعد هذه الفترة. تساءلت في نفسي وأنا أقرأ قصتها أين الحديث عن حقوق المرأة وكرامتها هنا وأين سماحته مما يحدث لشريفة وبنت القصيم وآلاف القصر اللاتي يبعن على من يدفع؟ من عقد قران هذه الفتاة؟ من الذي حرمها حتى من معرفة أنها مطلقة؟ أين الشيخ العتيد مما يجري للفتيات الصغيرات؟ أينه من ظاهرة الطلاق والعضل؟ أينه من المظالم التي لاحصر لها للمرأة في بلادنا؟ كيف يتم الحديث عن حقوق المرأة وكرامتها فقط عندما يتم الحديث عن (الاختلاط) وتنسى في كل المواقع الأخرى التي تتعرض فيه لهدم حياتها وإنسانيتها وهضم حقوقها وبمشاركة قضاة!! إنها laquo;فوبيا الاختلاطraquo; المعركة التي لم تحسم بعد وفي هذه المعركة بالذات سيثبت التاريخ أن مآلها سيحدد مصير مفهوم الدولة في هذا الوطن وسنعيش وسنرى.