ضياء الموسوي

الاسلام عقيدة تحمل قيما عظيمة، من قبيل الدعوة للاخلاق وصلة الرحم والبر بالوالدين واحترام القانون وعدم الغش في المال وعدم العنف او محاربة الوطن او قتل الضعيف.
كما انه يدعو للايمان والنظافة والحرية الشخصية والتعددية الدينية واحترام حقوق الانسان والتسامح مع الاديان.. الخ من قيم.
أقول، اذا كانت كل هذه القيم الجميلة والمثل الانيقة في الاسلام، فأين تكمن المشكلة؟
لماذا بدأ العالم يخشى الاسلام والمسلمين؟
اقول، لماذا تسلل مصطلح laquo;فوبيا الاسلامraquo;، اي بمعنى الهوس المرضي المخيف من الاسلام؟
أقول لكم الإجابة:
الاسلام يشبه تماما الحديقة الجميلة التي اراد ابناؤها حراستها فراحوا يبنون بجوارها اعشاشهم.. فقطعوا الزهور الاصلية ووضعوا مكانها زهورا بلاستيكية، وراحوا يدافعون عن البلاستيكية التي من صنع البشر والاحزاب والدكاكين التجارية، عوضا عن الزهور الاصلية الجميلة.
باسم الاسلام تتم الحروب.. باسم الاسلام يتم سفك الدماء. قمع للمرأة باسم الاسلام، وتهديد بالقتل لأي اختلاف فكري كفتوى الدعوة لقتل من يقول بالاختلاط.. الخ.
المشكلة ليست في الاسلام، وانما في المحامين عن الاسلام.. هم وراء تشويهه، لأنهم يعرضونه بطريقة مرعبة ومخيفة ومتطرفة وطائفية وعرقية وكارهة للحياة وشرسة ضد الحرية والديمقراطية والجمال والرياضة.
المشكلة في تفسير الدين بطريقة غير ديمقراطية.
هذا هو أس المشكلة... تفسير الاسلام بطريقة قاسية وتعسفية وبصورة مخلة بقيم الدين.
سؤال دائما أسأله وبصورة معرفية وفلسفية وواقعىة: اذا كانت الفتاوى بشرية والتفسيرات أسست من بشر، فكيف نعرف حقيقة ان هذه الفتاوى تتوافق مع الرأي الحقيقي للاسلام؟
مسألة الثوابت لا غبار عليها، فهي محل اتفاق كل المسلمين، ولكن السؤال في الفروع!!
من قال إن الاسلام ضد الديمقراطية او التعددية الثقافية؟
ما الحل؟.. الحل يكمن في الاتفاق أن لا أحد يمثل الصورة القطعية لرأي الاسلام في القضايا الفرعية.
المسألة نسبية. ويجب تفسير الاسلام بصورة وسطية ومعتدلة ومتسامحة، وبأفق أكثر انفتاحا وتسامحا.
نوعية التفسير للاسلام تنعكس حتى على البيئة.. انظروا الى المسلمين في تركيا واندونسيا او ماليزيا او السنغال، تجدوهم متسامحين وعفويين.. وفي الوقت ذاته يصلون ويصومون ويزكون وتدينهم اقوى من اي متزمت عندنا.
في المقابل.. انظروا إلى المسلمين في باكستان او افغانستان اوعالمنا العربي والاسلامي كيف يجنحون للتعصب والتزمت.. لماذا؟
لان التفسير للاسلام هنا، يأتي بطريقة تعسفية ومتزمتة ولا ديمقراطية.. وهكذا.
أثبت علماء السوسيولوجيا ان الديانات تتشكل حسب افق وحرارة ومناخ وواقع المكان الذي تنبت فيه.. المناخ البيئي والثقافي.
اكتشفت هذا الامر في اوروبا.. فالمسيحية في المانيا اكثر تسامحا منها في فرنسا.. وتجدها اكثر تبسيطا وانفتاحا في السويد وهولندا، والمسيحية في اوروبا بشكل عام اكثر تسامحا منها في مصر مثلا، والمسيحية في لبنان اكثر تسامحا منها في العراق.. وهكذا.
المكان، ونوعية افق رجال الدين ونمط التربية، وطبيعة تركيب الدولة وانفتاحها، لها انعكاس كبير على مدى مرونة الثقافة الدينية في هذه المنطقة.
لاحظوا ذلك حتى على مستوى القرية الواحدة، تختلف عن قرية اخرى من ناحية الانفتاح او التزمت الديني.
تاريخيا، فتاوى الامام الشافعي التي اطلقها في العراق، اختلفت كثيرا وبدت اكثر انفتاحا عندما سافر الى مصر في ذلك الزمان.
ليس غريبا ان تجدوا المفتي الجديد لمصر يتميز بالانفتاح الديني والثقافي.. فهو متنوع الثقافة وقارئ للثقافة الفرنسية والاوربية إضافة لدراساته الدينية.
اليوم، نحن بحاجة الى قراءة عقلانية للدين.. مرنة ومتطورة لتنسجم مع الواقع، للحدّ من التطرف في العالم.