حليمة مظفر

المسجد الذي خرج منه المصلون بعد صلاة المغرب يوم الجمعة الماضي؛ كان قريبا من مركز هيئة حي الورود؛ لدرجة تمكنهم من سماع صريخ استغاثة الفتاة العشرينية المحتجزة نتيجة ضربها؛ كما شهدوا بذلك وهم سبعة شهود؛ مُطالبين هيئة التحقيق الموقرة الأخذ بشهادتهم وعدم الاكتفاء بإفادة مدير الهيئة في المنطقة؛ بحسب ما نشرته عكاظ في خبرها ومتابعتها للموضوع خلال اليومين الماضيين؛ ما يعني أن المسجد كان قريبا؛ ومع ذلك لم يُصلّ هؤلاء مع جماعة المسجد!!
وأتساءل هنا: ما الذي شغلهم لهذه الدرجة عن الصلاة في مسجد قريب؟! هل احتجاز فتاة عشرينية يزعمون القبض عليها لهروبها من أهلها وانشغالهم بكتابة محضر عذر يمنعهم جميعا من صلاة المغرب التي يُكره تأخيرها!؟ أم أن مهمة احتجازها كانت صعبة؛ لدرجة أنهم أغلقوا أبواب المركز لتبقى بينهم وحيدة؛ دون محاولة استدعاء محرم لها أو ترك أبواب المركز مفتوحة خاصة وأن وقت ظلام الليل زحف مع وقت المغرب!! مخالفين نظام عملهم الذي يمنع احتجاز المواطنين في مراكز الهيئة!! فما بالكم بفتاة شابة وحيدة؟! متجاهلين ما تعارفوا عليه دائما في قائمة ضبطهم لمن يتواجد مع امرأة دون محرم ولو في الطريق بـquot;خلوة غير شرعيةquot; كما حصل مع المواطن المسن في تبوك منذ أكثر من عامين؛ حين قبضوا عليه في الطريق أثناء توصيله امرأة؛ واحتجزوه ليقع ميتا في مركزهم نتيجة عدم تحمله صدمة ما اتهموه به!!
ولولا ستر الله تعالى أن سخر هؤلاء المصلين الذين بلغوا الشرطة ليأتوا وينتزعوا الفتاة؛ والتي أثبت التقرير الطبي وجود كدمات في أقدامها وآثار خنق في رقبتها؛ لكان الله وحده يعلم كم ستستمر معاناة الفتاة؟
وإذ صدقت مزاعم الفتاة بما أثبته التقرير الطبي بضربهم لها؛ فإنها جريمة ينبغي معاقبتهم عليها؛ لأنهم أساؤوا استخدام السلطة الأخلاقية لوظيفتهم وخرقوا أعراف المجتمع، ويظهر ذلك جليا حين جاء المصلّون يستفسرون منهم عن سبب صراخ الفتاة فيجيبونهم أن أمرها quot;ليس من اختصاصكمquot; لينتهي الأمر بإغلاق أعضاء الهيئة باب المركز في وجه المصلين بعد مشادة كلامية؛ وأتساءل هنا على اعتبار أن مركز الهيئة من الأجهزة الحكومية: لماذا تغلق أبواب المركز في ظل وجود موظفين يعملون بالداخل؟ فما بالنا وهناك فتاة وحيدة معهم؟!!
أخشى ما أخشاه؛ أن يتم مضغ خطأ هؤلاء بتصريحات مُبررة كالعادة؛ تتجاهل شهادة الشهود للتغطية على تصرفهم غير الأخلاقي؛ فحتى لو كانت الفتاة مُدانة كما يزعمون؛ لا يسمح لهؤلاء الرجال أن يحتجزوها بينهم مغلقين أبواب المركز؟! أو يتعدوا عليها بالضرب والإساءة!! ولهذا آمل محاسبتهم بشدة ومقاضاتهم؛ والله المستعان!