عمان - نبال خماش

تابعت باهتمام مساء الجمعة اللقاء الذي اجرته فضائية العربية مع شيخ الازهر الجديد د. أحمد الطيب وشارك في اللقاء اضافة الى معد ومقدم البرنامج كاتبة سعودية واعلامي مصري ورئيس تحرير صحيفة سعودية. هذا الحشد الاعلامي من الحضور جاء في سياق محاولة فهم والاجابة على سؤال يتعلق باسباب ومبررات هذا الجدل الذي رافق تعيين شيخ الازهر الجديد بشكل غير مسبوق, والمواضيع التي أثيرت والقضايا التي طرحت بشأن الرجل وخلفياته والتوقعات المستقبلية في ادائه وتعاطيه مع مختلف القضايا.

د. الطيب ومن خلال محاورات اتسمت بالذكاء مع مضيفيه, أجاب بشكل حاسم وواضح ازاء موقفه من العديد من القضايا, فهو من جهة اكد تصديه لاي محاولة لنشر المذهب الشيعي وشدد على انه سيكون يقظا ومنتبها وسيعمل على إبطال اي اجندة سياسية لاي طالب شيعي يدرس في مصر.

وقال في اول ظهور تلفزيوني له على قناة غير مصرية ان الازهر سيواصل دوره في مسألة التقريب الفكري التي بدأها مع المذهب الشيعي منذ عهد شيخ الازهر الاسبق محمد شلتوت وهو الحوار الذي ادى للتقليل من الكثير من التوترات والحساسيات.

كما اوضح شيخ الازهر انه ليس قلقا من انتشار الفكر الاصولي السلفي في مصر او سواه, واعتبره فكرا طارئا على الاسلام لا يتجاوز مئة عام وان تأثيره سيبقى محدودا والقاعدة العريضة من المسلمين ترفضه.

واضاف: ان الازهر سيواصل عملية التطوير ومراجعة المناهج بشكل مستمر للعودة لدوره التنويري والفكري, ونفى وجود اي دور سياسي في المستقبل للازهر, مؤكدا على دوره كمؤسسة دينية وانه يتمتع بالاستقلالية التامة من الناحية الفكرية والفقهية رغم التبعية الادارية للمؤسسات الرسمية.

ردود فعل متباينة وانطباعات متعارضة قوبلت بين هذه المقابلة. الا ان رد الفعل الاقوى وكما كان متوقعا جاء من المؤسسة الدينية الشيعية التي اعتبرت تصريح د. الطيب اعلانه التصدي لاي محاولة لنشر المذهب الشيعي في اي بلد اسلامي او لنشر خلايا شيعية في اوساط الشباب السني كلاما ينشر بذور الفتنة.

وذهب آية الله هاشم بوشهري امام الجمعة في مدينة قم وعضو مجلس خبراء القيادة الايرانية الى اتهام شيخ الازهر بانه يخلق بتصريحاته اجواء متوترة ويمنح الذريعة للذين لا يعرفون الا لغة التخويف والارهاب على حد قوله وطالب في حديث اجراه مع وكالة الانباء الايرانية امس الاول الى اهمية التركيز على ما دعاها بmacr; القواسم المشتركة.

اللافت في مسألة المقابلة التلفزيونية انه لم يوجه ولو سؤالا واحدا الى فضيلة الشيخ لمعرفة رأيه في القضايا المتصلة بالنزاع العربي - الاسرائيلي, مثل موقفه من اتفاقية السلام مع اسرائيل والجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر على حدودها مع غزة فضلا عن الحصار المفروض على القطاع للعام الثالث على التوالي, او الانتهاكات الاسرائيلية للاماكن المقدسة في القدس وسائر مدن الضفة الغربية.

ومن قبل هذا اللقاء حاول صحافيون معرفة موقف الرجل من القضية الفلسطينية وتداعياتها وواجب المسلمين نحوها وواجبه هو شخصيا بحكم منصبه الجديد. الا ان المحاولات كلها باءت بالفشل ولا زال الرجل متمسكا بموقفه في رفض الكلام في الشأن الفلسطيني وتفرعاته.

مؤخرا واثناء زيارة مفتي القدس وخطيب الاقصى الشيخ عكرمة صبري للقاهرة, ولقائه مطلع هذا الاسبوع شيخ الازهر لتقديم التهاني على المنصب الجديد.. احتشد العديد من الصحافيين في انتظار انتهاء الاجتماع بين الرجلين لمعرفة رأي الشيخ الاكبر في القضايا التي لم يتحدث فيها بعد, غير ان الطيب بقي مصرا على موقفه رافضا الاجابة على اي سؤال له علاقة بالقضية الفلسطينية بذريعة انه لا طائل من اضاعة الوقت فيما لا جدوى منه, واضاف ان الشجب والادانة للجرائم الاسرائيلية تحصيل حاصل وبلا قيمة ولن يسفر عن شيء واضاف ان هناك قاعدة ازهرية تقول ان تحصيل الحاصل محال.

المعارضون لتعيين د. الطيب في موقعه وعلى رأسهم جماعة الاخوان المسلمين في مصر تناولوا موقف شيخ الازهر السلبي وصمته ازاء القضية الفلسطينية, حيث لفت الشيخ سيد عسكر النائب الاخواني في مجلس الشعب المصري الانظار الى ان التنديد بما تقوم به اسرائيل من جرائم في المسجد الاقصى وسائر فلسطين المحتلة مسؤولية كل رجل دين, وان الذين يقولون ان التنديد لم يعد له قيمة, تنطبق عليهم مقولة الساكت عن الحق شيطان اخرس.

عهد جديد دخلته مؤسسة الازهر الشريف بتولي د. احمد الطيب رئاسته, عهد تتسم بداياته وفق الخطوط العامة التي رسمها الشيخ بالحسم والتغيير والانحياز, لكن بأي اتجاه وبأي ادوات واساليب هذا ما ستكشفه الايام المقبلة والاحداث المتصاعدة.